شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاربعاء 30 ابريل 2025م21:03 بتوقيت القدس

اعتُقل عام 2016م وأُفرج عنه قبل أسبوع..

"ولادةٌ جديدة".. أحمد حامد لمّا تحسّس وجه أمه!

02 فبراير 2025 - 11:12

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

النوم العميق على سريرٍ مُريح، أشعة الشمس التي تنعش العظام الميتة، الطعام النظيف الجيد، وجهُ أُمي وحضنها الذي سدّ ثغرات اشتياقي طوال سنوات أسري، وجوه الناس، التحرك بحرية، المشي لمسافات، مشاهدة الأشجار والمباني والشوارع، وتنفّس الهواء! هكذا يوصف طعم الحرية على لسان الأسير المحرر أحمد حامد.

اعتقل أحمد على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي في أكتوبر/ تشرين أول من العام 2016م، وأُفرج عنه في صفقة التبادل ضمن الدفعة الثانية بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل" في الـ25 من يناير/ كانون ثاني للعام 2025م.

لا يعرف الرجل كيف يصف سجنه وسجّانه، قالها غيره، "إن ما يعيشه الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال الإسرائيلي قصة يصعب وصفها، بل يصعب تخيلها حتى". مسلسلٌ من التعذيب لا ينتهي، يا ليته فيلم ينتهي في مدة محددة من الزمن، أو حتى على جزئين! يا ليته كان كذلك فتنتهي كل آلامهم بعدها، إلا أن الحقيقة المرة القاسية أنها فصول مستمرة من العذاب.

يقول في لحظات ضعفه هناك: "كنت أخجل من الحديث عن ضيقي واختناقي، أخجل من أصحاب المؤبدات المسجونين منذ 20 عامًا وأكثر. أكتم مشاعري، وأمنياتي، أكتم تفاصيل عيشي خارج السجن لمدة قريبة، فهي في نظر الأسرى والأسيرات عمر من الزمن تجاوزهم وهم محبوسين بين أربعة جدران، وأحيانًا ثلاثة، رابعها بوابة الزنزانة"!

وعن اللحظات التي بدأت يشعر بها ببوادر إطلاق سراحه، يخبرنا: "بداية الأمر تغيرت معاملة السجان، بعد أن لمح أحد الأسرى من فتحة ضيقة في باب الزنزانة، طواقم الصليب الأحمر.. وهذا جعلنا نفهم، لماذا اختلفت المعاملة".

"مع الفرحة سألوني إذا ما كنت أعاني مرضًا مثلًا، فأخبرتهم (لا)، بخلاف الحقيقة، إنها فرحة الموقف التي طيّرت جزءًا من عقلي".

حضر أفراد الصليب الأحمر، وجلسوا مع الأسرى المزمع الإفراج عنهم؛ للتعرف على ظروف اعتقالهم، وما لو كانوا يعانون أمراضًا معينة. يحكي أحمد هنا: "مع الفرحة سألوني إذا ما كنت أعاني مرضًا مثلًا، فأخبرتهم (لا)، بخلاف الحقيقة، لكنها فرحة الموقف التي طيّرت جزءًا من عقلي، بل شعرتُ أن خبر الإفراج كان علاجًا لكل المآسي التي عشتها هناك".

يضيف: "في إجراءات الخروج، خرجنا بدون كلبشات، ركبنا حافلة الصليب الأحمر، عيني كانت تراقب عيون السائق في المرآة، غير مصدقٍ لما يجري، لكنه حينما قال لي حمدًا لله على سلامتك يا عمي، شعرت أنه أثلج صدري، إنه عربي! يتحدث العربية ويبدو أنه منّا فعلًا".

أما لحظات اللقاء الأولى بينه وبين أمه، فكانت كالحلم، عقلهُ يقول "إنه حلم"، لكن صوتًا ما بداخله كان يحاول إقناعه بأن يصدق أن هذه حقيقة مطلقة، أنه يتحسّس وجه أمه، أن يحتضنها ويملأ الفراغ العاطفي الذي عانى منه طوال سنوات مضت!

"صنعت لي أمي حساء خضار، "لوهلة، شعرت أن أمي وضعت جزءًا من روحها فيه، كي يخرج بهذا الطعم!".

يذكر بأن أول ما صنعته أمه له كان شوربة الخضار، كي تساعد معدته على اللين بعد الجفاف والمرار الذي ذاقه في السجون جراء تناول الطعام الجاف، الذي لا يحتوي على سوائل.. الطعام "الناشف" الذي يقدم للأسرى والأسيرات حيث لا إنسانية ولا قلب.

كيف كان طعم حساء الخضار؟ يجيب أحمد: "لوهلة، شعرت أن أمي وضعت جزءًا من روحها فيه، كي يخرج بهذا الطعم! أذكر كل المحاولات التي قمنا بها لأجل صنع حساء مثله في السجن لكنها لم تكن كهذه، لا أدري إن كنتُ أتذوق طعم الحرية حتى في الطعام، أم أنه طعام بنَفَس الأم حقًا".

وعن أكثر شيء يتوق لفعله: "أن يأتي يوم الجمعة الذي حلمت فيه بلمّة عائلتي، هذا يوم عيد بالنسبة لي، أمارس ما أحب بطريقة بسيطة، أصحو نشيطًا، أذهب للتسوق، أعود للاستحمام، أتطيّب بالعطور، أصلي الجمعة بالمسجد، ثم ألتقي وكامل أفراد أسرتي على مائدة طعامٍ واحدة".

الحرية هي ولادة جديدة، خروج جديد إلى الحياة، هي أن تعيش حياتك بشكل طبيعي، وأما واقع السجن فهو الأمر الشاذ عن الطبيعة -خلاصة القول بلسان أحمد-.

كاريكاتـــــير