شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاثنين 28 ابريل 2025م12:53 بتوقيت القدس

معيقات جمة ومحاولات للاستمرار..

غزة.. طوق الإبادة يخنق عمل "المؤسسات النسوية"

25 ديسمبر 2024 - 14:07

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

"لحظات موت، الصواريخ تُضرب في محيط المدرسة والنازحات يصرخن رعبًا داخلها، وأنا بينهن.. أحاول تهدئة روعي وروعهن" تروي الأخصائية النفسية ماجدة البلبيسي، ما حدث معها أثناء تقديم جلسة دعم نفسي للنازحات في أحد مراكز الإيواء بمعسكر جباليا شمالي قطاع غزة.

الأخصائية النفسية، التي تعمل لصالح مؤسسة العطاء، لخصت بهذا المشهد حال العمل النسوي ومعوقاته تحت وطأة الحرب الإسرائيلية المندلعة منذ 15 شهرًا تقريبًا.

"الصعوبة تزداد عمقًا بالنسبة للنسويات اللواتي لم يخترن النزوح من المدينة شمالي الوادي، إلى جنوبي القطاع الذي ادعى الاحتلال أنه سيكون "آمنًا" لكل من يقصده" تقول، "فهنا الموت رأيناه أشكالًا وألوانًا" تتابع.

وتؤكد ماجدة التي نزحت عدة مرات من بيتها في حي التفاح وسط مدينة غزة، أنها واصلت عملها في تقديم الدعم النفسي للنساء انطلاقًا من إيمانها بأهمية هذه الخدمة للنساء، رغم المعوقات التي تواجهها، وقد فقدت نحو 40 فردًا من عائلتها شهداء، وعايشت تجارب المجاعة وصعوبة التنقّل.

تخبرنا: "تنقّلت في مراكز الإيواء ما بين بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا وغزة، معظم الطرق قطعتها سيرًا على الأقدام بسبب القصف الذي طال الشوارع وعدم وجود سيارات، وباقي الطرق تنقلت فيها على عربة كارو. كنتُ أعاني من صعوبة المشي كما غيري بسبب حالة المجاعة التي أثّرت بشدّة على وضعي الصحي، ورغم هذه المعوقات أواصل العمل".

إلى جنوبي قطاع غزة، حيث تواصل اعتماد وشح، منسقة الدعم النفسي والاجتماعي بمركز شؤون المرأة العمل، رغم حالة الحزن التي تسيطر عليها، نتيجة فقدان 9 أفراد من إخوتها وأبنائهم.

تضغط عيناها بقوة وهي تقول: "أجبرت على النزوح من مدينة غزة بعد تزايد القصف الإسرائيلي للمنطقة التي أسكنها، ولجأت لعائلة زوجي في النصيرات وسط القطاع، التي استهدفها الاحتلال لاحقًا، فنزحت مجددًا إلى رفح، وعند اجتياحها نزحتُ إلى مواصي خانيونس".

داخل غرفةٍ بمكتبٍ يتبع لمركز شؤون المرأة، تقيم وشح مع ابنها حاليًا بعدما عانت طوال الفترة الماضية من شحّ الدقيق والمواد الغذائية، واضطرارها للطبخ على النار. في ذات الوقت تواصل العمل مع النساء وتوزيع الطرود الصحية على النازحات، وتقديم جلسات الدعم النفسي والإسعاف النفسي الأولي.

"رغم أزمة فقدان الخصوصية هنا لكنه أفضل من التنقل"، تقول وشح بينما تواصل ترتيب أوراقها، فهي التي تعاني أزمة مالية نتيجة انقطاع السيولة، واضطرارها لسحب راتبها بعمولة عالية.

"حين نزحت من غزة فقدت حاسوبي الشخصي وعليه كل البيانات، وهذا شكّل عائقًا كبيرًا، أحاول تجاوزه بصعوبة".

تتنهد وتتابع: "كل عام نغلق مشاريعًا لنبدأ غيرها، هذا العام عملنا على مشاريع طارئة، لم يكن من السهل علينا لملمة أنفسنا، هناك زميلات نزحن ما بين 12 و16 مرة، وفي كل نزوح يفقدن جزءًا مما استطعن توفيره لأنفسهن بصعوبة"، مردفةً بقهر: "حين نزحت من غزة فقدت حاسوبي الشخصي وعليه كل البيانات، وهذا شكّل عائقًا كبيرًا، أحاول تجاوزه بصعوبة".

وكان مركز شؤون المرأة، عقد مؤخرًا ورشة عمل عبر تطبيق "زوم" تحت عنوان "تداعيات الحرب على عمل المؤسسات النسوية"، بمشاركة العديد من المؤسسات النسوية والحقوقية.

قالت مديرة المركز آمال صيام خلالها: "إن المؤسسات النسوية واجهت العديد من التحديات، أبرزها تدمير المقرات، وصعوبة الوصول للمتضررة جزئيًا منها؛ لوقوعها في مناطق يصنفها الاحتلال بالخطرة، كما تعرض عدد منها للسرقة والنهب، والقليل منها لم تتعرض للضرر، خاصة وسط القطاع".

وأضافت صيام مستندة إلى نتائج دراسة أجراها المركز: "المنظمات النسوية تكبدت دفع إيجارات باهظة، وفقدت العديد منها بياناتها المتعلقة بالمستفيدات، وهو ما عقّد مواصلة العمل، ولم تعد المنظمات تعمل بكامل طاقمها. منهم من استشهد أو أصيب، أو غادر القطاع هربًا من المقتلة، وبسبب فرق الرواتب، هناك كوادر مدربة انتقلت للعمل لدى منظمات دولية وسّعت عملها".

وتعاني الموظفات العاملات بالمنظمات النسوية من النزوح المستمر، إذ لم يعدن قادرات على التواصل بشكل مستمر مع العمل، والكثير منهن فقدن هواتفهن النقالة ولم يتمكنّ من الوصول لشبكة الانترنت، إضافة لاضطرارهن السير مسافات طويلة، واستخدام وسيلة نقل بدائية للوصول لأماكن العمل، وبعضهن يقمن في أماكن فيها نازحين آخرين تفتقد للخصوصية، وفق صيام.

أزمة إضافية تعيشها الموظفات، مثل باقي نساء القطاع، تتمثل في الطبخ على النار، والمعيشة في الخيام، والوقوف في طوابير، وعدم قدرتهن على توفير الاحتياجات الأساسية لعائلاتهن، بالتالي يعانين من ضغط نفسي نتيجة الحرب، ويصبحن غير قادرات على مواصلة العمل بالشكل المناسب".

بدورها قالت زينب الغنيمي مديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة، المتواجدة في مدينة غزة، التي يصنفها الاحتلال منطقة عسكرية: "المنظمات النسوية والنساء العاملات فيها شمالي القطاع يعانين من ذات ما تعانيه النساء في الجنوب، مع صعوبات أخرى إضافية".

وتابعت: "شمالي القطاع لا توجد فيه مساحة مصنفة آمنة، فكله منطقة عسكرية، وحين يحدث الاجتياح ينزح الناس إلى مناطق أخرى، حتى أصبحت مدينة غزة مكتظة بالنازحين والنازحات من بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا. المشكلة هنا تكرر الهجمات الإسرائيلية على هذه المناطق، الأمر الذي تسبب بأن ضاقت مدينة غزة إلى حد الاختناق".

"النساء ومنهن الموظفات ما زلن يعملن على الحطب، ويمارسن العمل لثلاث أيام أسبوعيًا كونهن يعملن داخل البيت وخارجه".

وتابعت: "العديد من طواقم المنظمات النسوية التي عادت للعمل، تدمرت مقراتهم، بل إنهم يتحركون تحت الخطر المباشر، أحيانًا يكونون داخل مدرسة (مركز إيواء) فيتعرضون للقصف المباشر، ناهيكم عن وعورة الشوارع الناتجة عن التدمير، حيث السير ليس سهلًا أبدًا في شوارع مدمرة حتى لو على عربات الكارو، خاصة في ظل عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل السيارات"، مبينةً أن المنظمات النسوية بين 50 و70 دولارًا يوميًا، تكلفة مواصلات، وهو ما يثير استغراب المانحين.

وشرحت: "الكيلو الواحد من الغاز تكلفته 280 شيكلًا وهذا تسبب بارتفاع أسعار المواصلات، لذلك فالنساء ومنهن الموظفات ما زلن يعملن على الحطب، ويمارسن العمل لثلاث أيام أسبوعيًا كونهن يعملن داخل البيت وخارجه".

وأشارت الغنيمي إلى صعوبات إدارية تواجه عمل المنظمات النسوية من مطالبات الممولين بتعبئة نماذج ليس هناك متسع من الوقت لها، "بالتالي هناك حاجة لأن تتفهم الوزارات المعنية، والممولين، الحاجة لتسهيل الإجراءات على المنظمات النسوية" تختم.

كاريكاتـــــير