غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
على أحد الأسرة في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح وسط قطاع غزة، يصارع الطفل محمد عبد الهادي الموت منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
أصيب محمد بجروحٍ خطرة في ساقه، جرّاء قصف الاحتلال منزلهم في مخيم البريج، وسط قطاع غزة، ومنذ ذلك الحين، تحارب عائلته الوقت كي لا تُبتر، وتتقدم بمناشدات تدعو للإسراع بسفره وإتمام علاجه خارج قطاع غزة.
بدأت الحكاية، عندما كان محمد برفقة شقيقه الأكبر يصلحان خزّان المياه فوق سطح منزلهما. تقول والدته لـ"نوى": "كان الوقت ظهرًا، قُصف البيت دون سابق إنذار، استشهد 10 ممن كانوا فيه، ومن بينهم ابني وزوجته وأطفاله".
وتتابع سرد المشهد بحرقة: "طار جسد ابني محمد إلى ركام بيت الجيران. تمزّق جلده، وتكسّرت عظامه. أُصيب بكسرين في الحوض، وكسر في الفخذ، وجرحٌ كبيرٌ وعميقٌ في الجهة اليُمنى من قدمه، وحروق في يديه وساقيه بالكامل".
ولا يستطيع الأطباء حتى اللحظة، وضع جهاز بلاتين داخل قدم محمد، كونها تحتاج إلى عملية زراعة للعظام، وقد أجريت له أكثر من مئة عملية جراحية -وفق أمه- كلها لتنظيف الجرح حتى لا يتعفن، ويصبح البتر الخيار الأوحد بالنسبة لهم.
تستدرك الأم تسبقها دموعها: "كل هذا لم يجدِ نفعًا. تفشّى السوس داخل قدم محمد، وصار أقرب إلى هذه النهاية في أية لحظة، ما لم تُجرَ له عملية الزراعة في أقرب وقت".
ووفق تقارير أممية، انهارت المنظومة الصحية بالكامل داخل قطاع غزة، بسبب الحرب التي أعلنتها "إسرائيل" في السابع من أكتوبر/ تشرين أول للعام 2023م، المتواصلة للعام الثاني على التوالي، وتبعات الإغلاق والحصار، ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية، واستهداف المستشفيات والمراكز الصحية على صعيد مناطق القطاع كافة.
ويتطلب وضع محمد الصحي -مثل عشرات الآلاف من الجرحى- تدخلات طبية عاجلة، وسفرًا للخارج من أجل إنقاذه من الموت أو خسارة أحد أطرافه، والعيش بإعاقةٍ مدى الحياة.
"أخبرني الأطباء أن نسبة نجاح العملية في الخارج تتراوح بين 70% و80%، وأنا أقف على ناصية الرجاء. آمل أن تحدث معجزة، ويسافر محمد ليعالج قدمه".
تزيد الأم بنبرة أمل: "أخبرني الأطباء أن نسبة نجاح العملية في الخارج تتراوح بين 70% و80%، وأنا أقف على ناصية الرجاء. آمل أن تحدث معجزة، ويسافر محمد ليعالج قدمه".
على المنوّم، يعيش محمد منذ إصابته في ظل عدم توفر المسكنات والمضادات الحيوية داخل المستشفى. تضيف والدته: "يصرخُ وجعًا كل لحظة، وأراه يموت أمامي دون أن أستطيع فعل شيء، يتناول المنوم ويغرقُ في النوم لساعات".
وتتابع: "وحين يستيقظ يتجدد الوجع مرةً أخرى، وجميع من في المستشفى يسمعون صراخه ويبكون على حالته".
وبرغم محاولاته التعالي على وجعه أمامنا، إلا أن أنينه الخافت كانت واضحًا. قال بقهر: "نفسي أرجع أمشي وألعب كورة، وأروح على مدرستي زي قبل".
يصمت قليلًا ثم يكمل دامعًا: "نفسي العالم كله يسمع وجعي، ويصحى علشان ينقلني للخارج لعلي أتلقى العلاج المطلوب".
ووفقًا لرئيس قسم الاستقبال والطوارئ في مستشفى شهداء الأقصى، محمد ريان، فإن 25 ألف مريض ومصاب يحتاجون للسفر إلى خارج القطاع؛ لتلقي العلاج، من بينهم 10 آلاف مريض بالسرطان.
وقال ريان لـ"نوى": "عشرات المصابين يكون وضعهم الصحي متوسط، لكنه يتدهور في ظل النقص الشديد والكبير بالمستلزمات الطبية والصحية"، متابعًا: "نضطر لخيار البتر من أجل إنقاذ الحياة غالبًا، وأحيانًا كثيرة يرتقي الجريح شهيدًا لعدم وجود العلاج الخاص الذي ينقذ حياته".
ونوه ريان إلى أن الممرضين والأطباء داخل المستشفى، اضطروا إلى استخدام الأدوات لأكثر من مريض ومصاب، "فلا يوجد معدات كافية لاستخدامها لكل مصاب على حدى"، مطالبًا المنظمات الدولية والمؤسسات الحقوقية المعنية بالصحة، بالإسراع في مساعدة المرضى والجرحى للعلاج في مستشفيات الخارج، وإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية لمستشفيات القطاع، لإنقاذ حياة آخرين منهم.