شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 10 ديسمبر 2024م00:54 بتوقيت القدس

مهددة بالنفاد ما لم يدخل قمح أو طحين..

جباليا.. حيث آخر طعام المحاصرين "دُقة"!

28 نوفمبر 2024 - 11:15

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

تحت أزير طائرات الاحتلال الإسرائيلية، وضربات المدافع التي لا تتوقف في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، كانت سمية تطحن بعض القمح باستخدام طاحونةٍ حجريةٍ ورثتها عن والدة زوجها، احتفظت بها لسنوات طويلة كزينةٍ أثرية، "وحان الوقت لاستخدامها" تقول.

كانت سمية، تُعد لتحضير "الدُقة الغزّاوية" طعام المحاصرين الوحيد في المخيم المحاصر، لعلها تُسكتُ جوع أمعاء أولادها الخاوية، بعدما نفدت مؤونتهم الغذائية، ولم يعد لديهم أي نوعٍ من الطعام حرفيًا.

تضيف بصوتٍ أثقله التعب: "لم يعد أمامنا إلا هي. أضيف إلى القمح المطحون بعض الملح والفلفل الأحمر، فتصبح أقرب إلى طعمها المعهود"، متابعةً: "أصناف الأطعمة المتوفرة في الأسواق أسعارها فلكية، ومن الصعب علينا تمامًا شراءها أو حتى التفكير بذلك.

وتكمل: "يستيقظ أطفالي في منتصف الليل يطلبون الطعام، فلا أجد لهم إلا الدقة. أرشها برغيف خبز في أي وقت، فهي طعامنا الوحيد".

والدقة الغزاوية هي خلطة شعبية تشتهر بها فلسطين، تُغمس بزيت الزيتون، وهي ذات لون بني يشبه "تراب غزة"، تتكون من القمح المحمص المطحون، والسماق، والكمون والشطة، والسمسم، وتقدم على موائد الفطور والعشاء وفي ساندويتشات المدارس برفقة طبقٍ صغيرٍ من معجون الفلفل الأحمر المنزلي.

"لكن تحت وطأة الحرب، بالكاد يجدها الغزّيون المحاصرون في الشمال، فيأكلونها جافةً داخل كسرة خبز" تستدرك السيدة الثلاثينية، مشيرةً إلى أن القمح أيضًا بات شحيحًا مع اشتداد الحصار والمجاعة والقصف.

تستخدم سمية طاحونة القمح لديها لتوفير بعض المال أيضًا، إذ تطحن بشكل يدوي القمح لكثير من نساء المخيم، اللاتي بدورهن سيصنعن به الدُقة مقابل مبالغ زهيدة.

في نفس الزقاق حيث تسكن سمية، كانت فتحية أبو زر تُشعل نار الحطب تحت موقد لتحميص بعض الطحين. هي أيضًا تصنع الدُّقة، "لكن بالطحين بسبب عدم توفر القمح" تقول.

هي طريقةٌ أخرى، ابتدعتها فتحية، لإنتاج دقة غزاوية تسكت جوع الصغار. تقول: "لدى 6 أطفال، أكبرهم عمره 14 عامًا. استشهد زوجي بالحرب وأصبحتُ المسؤولة عنهم، ليس لدينا أي مصدر رزق أو طعام، وبالكاد نستطيع توفير الطحين لصناعة بعض الدقة".

تكمل: "حصلتُ على كيس طحين مؤخرًا، وفكرتُ بطريقةٍ لاستغلاله بغير صناعة الخبز، فصنعت ما يشبه الدقة من خلال تحميصه حتى يصبح بنيًا، وبعد أن يبرد أضيف له حمض الليمون والملح والسماق".

لا خيارات أخرى أمام فتحية لإسكات جوع أبنائها سوى هذا الخليط، فلا خضروات ولا لحوم ولا حتى مساعدات غذائية إغاثية تصل لمخيم جباليا، بعد أن أطبق جيش الاحتلال الإسرائيلي حصاره عليه، وأجبر معظم سكانه على النزوح القسري، ومن بقي صامدًا بمنزله رافضًا النزوح عاقبه بالجوع والقتل والتدمير والمجازر التي لا تتوقف.

الاحتلال الإسرائيلي يتعمد قتل واستهداف أي مساعدات يمكن أن تصل المخيم، لا سيما الطحين منها، وهذا ما يهدد آخر صنف غذائي يسند بطونهم هناك.

وفي ذات الوقت يعيش المحاصرون في المخيم قلقًا أكبر في حالة نفاد الطحين أو القمح تمامًا. يتساءلون: "ماذا سنأكل؟" فالاحتلال الإسرائيلي يتعمد قتل واستهداف أي مساعدات يمكن أن تصل المخيم، لا سيما الطحين منها، وهذا ما يهدد آخر صنف غذائي يسند بطونهم هناك. "ساعتها من لم يمُت من القصف، قد يموت من الجوع حتمًا" تختم فتحية.

كاريكاتـــــير