الخليل/ شبكة نوى- فلسطينيات:
على مدار العام الدراسي الماضي 2023- 2024م، لم يتمكن طلبة حي جابر في البلدة القديمة بمدينة الخليل، من الوصول إلى مدرستهم "الحاج زياد جابر" إلا لأيامٍ معدودة.
المدرسة الواقعة في قلب الحي، والتي تفتح أبوابها كل صباح، لا يستطيع الطلبة عبور بواباتها نحو مقاعدهم، بسبب الأسلاك الشائكة التي يضعها الاحتلال في طريقهم منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023م، ويفصل من خلالها الحارة إلى جزأين.
عارف جابر، والد الإخوة الثلاثة ماجد (في الصف السابع)، وصھیب (في الصف الرابع)، وأدھم (في الصف الثاني)، تحدث عن معاناة أبنائه، فقال: "لم يلتزم أولادي بدوامٍ مدرسي كامل طوال العام الماضي بسبب الإغلاقات ومنع التجول"، ملفتًا إلى محاولاته تعويض الفاقد التعليمي لهم في المنزل، "لكن شيئًا لا يمكنه أن يعوض الذهاب إلى المدرسة" يستدرك.
الجابر، الذي يعد ناشطًا في منصات السوشال ميديا، يوضح أن نحو 100 طالب من أحیاء جابر والسلایمة ووادي الحصین، محرومون من الوصول إلى المدرسة ذاتها، "إلا أذا قرروا أن يسلكوا طريقًا على مسافة أكثر من ١٥كم؛ للوصول إلى المدرسة التي تبعد ٥٠ مترًا عن منازلهم في الوضع الطبيعي".
وأضاف: "الارتباط الفلسطيني، بالتعاون مع الصليب الأحمر والھیئة التدریسیة، حاولوا مرارًا التنسيق للسماح بمرور الطلبة إلى المدرسة، وذلك بفتح الحاجز لمدة عشر دقائق صباحًا ومساءً، إلا أن الاحتلال تعنّت ومنع وصولهم منذ أكثر من شھر، بحجة الأعیاد الیھودیة".
في بعض الحالات، يُحجز الطلبة بالساعات دون سبب، وينتهي الدوام بينما هم واقفون غير مسموح لهم بالمرور.
فاطمة جابر أيضًا، أمٌ لطلبة في المدرسة ذاتها، تحدثت لـ"نوى" عن معاناتهم، ومعاناة زملائهم من أجل الوصول بقولها: "يسلك بعضهم طريقًا طويلة جدًا للوصول للمدرسة عندما يكون الوضع يسمح بذلك، وأثناء الطريق يعاني الطلبة كثيرًا من اعتداءات الاحتلال المتكررة".
في بعض الحالات، يُحجز الطلبة بالساعات دون سبب، وينتهي الدوام بينما هم واقفون غير مسموح لهم بالمرور.
تزيد فاطمة: "حالة أخرى شاهدتها أمام عيني، حيث قام أحد جنود الاحتلال بضرب طفل لأنه يرتدي زي مرسوم عليه العلم الفلسطيني، وقام بنزعه عنه وإلقاءه في القمامة".
وتسرد فاطمة حوادث أخرى، تشهد على اعتداءات الاحتلال المتكررة، إذ "يقوم الاحتلال بتفتيش حقائب الطلبة أثناء خروجهم للمدرسة، وفي أحد المرات وجدوا في حقيبة طالب مسطرة، فضربوه، واحتجزوه لساعات، بتهمة أنه يريد إيذاءهم بها، ناهيكم عن مضايقات المستوطنين للطلبة، فهم يقومون بشتمهم أثناء ذهابهم للمدرسة، ويقابلونهم بحركات غير لائقة، إضافة الى إفلات الكلاب عليهم".
وتضيف: "لكم أن تتخيلوا نفسية الطالب عندما يفتح الباب ليخرج إلى المدرسة فيجد عشرات الجنود في وجهه. يبدأ بالبكاء ويرفض الذهاب للمدرسة، ونضطر حينها إلى إيصالهم نحن بأيدينا، أو تغييبهم حسب شدة الظرف".
وتزيد: "ابنتي أصبحت تعاني من حالة نفسية صعبة تستدعي عرضها على طبيبٍ نفسي. تحصيل أطفالنا العلمي أصبح ضعيفًا جدًا، يتقنون حفظ وفهم المادة وعند تقديم الامتحان ينسون كل شيء من هول ما يتعرضون له"، مردفةً بقهر: "مجلدات لا تكفي للحديث عن ما يتعرض له أبناؤنا عند ذهابهم للمدرسة".
ويعزو مدير تربية وتعليم مدينة الخليل عاطف الجمل، كل مشاكل التعليم في حي جابر لوجود الاحتلال وممارساته العنصرية ضد الطلبة الفلسطينيين، مشيرًا إلى أنه يغلق الطرق أمام الطلبة، ويقوم بمنع تجوالهم المتكرر بالمنطقة.
ويقول: "كجهة مسؤولة، نتابع الطلبة من خلال اوراق عمل دورية، لتعويضهم بعض الشيء عن عدم الالتزام بالحضور، ويوجد يوم مهام يتم تنفيذه إلكترونيًا من أجل التواصل مع الطلبة، ومناقشة المواد"، مضيفًا: "خاطبنا العديد من الجهات لحل هذه المعضلة، وننتظر الرد".
يسلك تامر طريقًا طويلة يوميًا من أجل الوصول للمدرسة، لذلك يخرج تمام الساعة السادسة والنصف، لكنه غالبًا وبسبب طول المسافة، يتأخر عن الحصة الأولى.
مدرسة الحاج زیاد جابر، التي تستقبل نحو 280 طالبًا من الصف الأول حتى التاسع، لیست المدرسة الوحيدة التي یعاني طلبتها من الانتھاكات؛ فجميع مدارس الحارة، والبلدة القديمة تعيش الواقع نفسه، وتتعرض لمضايقات من قبل الاحتلال.
ويقول محمد الربعي، ولي أمر الطالب تامر (في الصف السابع): "منذ كورونا وأبناؤنا يعانون. قبل الحرب كان أطفالنا يصلون المدارس لأيام قليلة بسبب كورونا، والإضرابات، وأعياد الاحتلال، لكن بعد الحرب لا يستطيعون الوصول أصلًا".
وبالنسبة للتعليم الإلكتروني فهو غير متاح إلا يوم بالأسبوع وفقًا لوالد تامر، الذي تساءل: "هل يكفي هذا ليعوض ما يضيع عليهم في العملية التعليمية؟"، ملفتًا إلى أن الكثير من العائلات، لا تستطيع أصلًا توفير القدرات المادية لمتطلبات التعليم الإلكتروني، من إنترنت قوي، وأجهزة خاصة بالطلبة.
يسلك تامر طريقًا طويلة يوميًا من أجل الوصول للمدرسة، لذلك يخرج تمام الساعة السادسة والنصف، لكنه غالبًا وبسبب طول المسافة، يتأخر عن الحصة الأولى، ما يكبده عبء الفهم الذاتي أغلب الأوقات -على حد تعبيره.