شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 10 ديسمبر 2024م00:39 بتوقيت القدس

مبادرون ينقذون ما تبقى منه بعد تدميره وسرقته..

متحف القرارة.. "التاريخ" في وجه "الإبادة"

17 نوفمبر 2024 - 15:36

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023م، لم يتوقف سيل الألم في قطاع غزة. كل وجعٍ يلحق به قهرٌ وغصة، وكل مكانٍ آمن، هو في عين الهدف -ولو بعد حين. هذا ما تقوله معادلة الحرب الآن، "لكن طالما فينا نفَس، علينا أن نستمر في ترميم ما نستطيع ترميمه: "جذورنا، وتاريخنا أيضًا" يقول مؤسس متحف القرارة محمد أبو لحية لـ"نوى".

رغم كل ما عصف بالقطاع من أوجاع منذ إعلان "إسرائيل" حربها على المدنيين فيه، تلوح في الأفق بوادر أمل، فتعبّر عن إرادة الشعب الفلسطيني، وحرصه على تثبيت جذوره في الأرض أكثر. متحف القرارة، أحد ملاذات الذاكرة، شرقي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، وبرغم الأضرار الجسيمة التي لحقت به، نتيجة القصف والتدمير المتعمد من قبل آليات الاحتلال العسكرية، كان باكورة انطلاق مبادرة لإنقاذ المقتنيات الثقافية في المدينة المدمرة.

المبادرة، التي نفذها فريق العمل التابع لمؤسسة "مياسم" للثقافة والفنون، انطلقت بدعم وتمويل من المؤسسة السويسرية "ألف"، المختصة في الحفاظ على التراث الثقافي أثناء الحروب والأزمات.

ووفق أبو لحية، فإن متحف القرارة تعرض لتدمير جزئي، نتيجة قصف منزلٍ مجاورٍ له في تشرين/ أكتوبر 2023م.

وقد أجبر الاحتلال الإسرائيلي سكان مدينة خانيونس على النزوح إلى رفح لعدة أشهر، وخلال هذه الفترة تعرض المتحف لمزيد من القصف والتجريف، مما أعاق الوصول إليه من قبل القائمين عليه، إلا في شهر تموز/ يوليو، أي بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من المنطقة.

ويضيف: "لدى قيام فريق المتحف بجولة تفقدية للاطمئنان على محتوياته، وتقييم الأضرار فيه، صدموا بمدى التدمير الذي لحق به، فقد دُمرت "البايكة" المخصصة للأنشطة الثقافية والعروض والورش، وجُرفت الساحة الخارجية، حيث الأعمدة الأثرية والأحواض التي تُحاكي تاريخًا عريقًا"، مردفًا بحسرة: "وقد تضرر الطابق الثاني من المتحف بالإضافة إلى الواجهة، كما تعرضت المقتنيات القيّمة للسرقة والتدمير، مما دفع لاتخاذ خطوات سريعة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه".

ويمضي بالقول: "نجحنا في الحصول على دعم من المتحف الفلسطيني في بيرزيت عبر المؤسسة السويسرية "ألف"، وبدأنا بتنفيذ المشروع في شهر أغسطس الماضي".

خلال ذلك، عمد الفريق المتخصص إلى نقل الممتلكات الثقافية مثل الفخار وشواهد القبور والتماثيل، والحرف الفلسطينية، بعد تغليفها وحفظها بطريقة مناسبة، إلى ملجأ مؤقت خُصص لذلك في منطقة آمنة بمواصي خانيونس، بينما تم حفظ المقتنيات الكبيرة مثل الأعمدة في المتحف ذاته، بطريقة آمنة وعلمية، لحمايتها من أي قصف جديد.

وحسب أبو لحية، فقد واجه فريق الإنقاذ المكون من 15 شخصًا من الجنسين، تحدياتٍ كبيرة أثناء عملهم، حيث اضطروا للبحث عن مواد يومية مثل الصناديق والكرتون والأسفنج، الضروري لحماية المقتنيات القيمة من الأضرار المحتملة، "لكنه أظهر إبداعًا كبيرًا في تكييف المتوفر من إمكانيات؛ لتناسب احتياجات التخزين" يزيد.

حصل فريق الإنقاذ على تدريب متخصص عبر الإنترنت في حماية القطع الأثرية خلال الأزمات والحروب، تحت إشراف المدرب فضل العطل، من مؤسسة الإغاثة الدولية الأولية.

ويؤكد أبولحية أن الفريق ملتزم في إكمال عملية الإنقاذ لباقي المتاحف والمجموعات الخاصة بالتراث، حيث يعمل أعضاؤه حاليًا على جرد المجموعات الخاصة بالتراث في منطقتي الوسطى وخان يونس؛ للبدء بعمليات إنقاذ جديدة. 

يأمل مؤسس متحف القرارة أن تنتهي الحرب قريبًا؛ ليتمكن من إعادة بنائه من جديد، مع العمل على عرض تلك المقتنيات التي تم حمايتها والمحافظة عليها للجمهور من جديد.

ورغم كل ما عصف بهذا المكان، يظل صرحًا يرمز للصمود والإبداع رغم التدمير، حيث يجسد إرادة الشعب الفلسطيني في إحياء تراثه، وكل قطعة فيه تؤكد أن الفن قادر على إبقاء الذاكرة حية وتعزيز القيم الثقافية حتى في أحلك الظروف.

كاريكاتـــــير