غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
عندما قدِم فريق التطعيم لتبليغ أسامة الوصيفي، الذي يسكن مدينة النصيرات، وسط قطاع غزة، بأن الغد هو موعد الجرعة الثانية من تطعيم أطفاله ضد فايروس شلل الأطفال، لم يتخيل أنه لن يجد أطفالًا يأخذهم في الموعد.
انهار الرجل باكيًا عندما بدأ بإخبار "نوى" القصة، وقال بحرقة: "لم يعد هناك أطفال. أولادي كلهم استشهدوا".
ويخبرنا: "لم ينتظر الاحتلال أطفالي وأطفال اثنين من أشقائي كي يأخذوا الجرعة الثانية. قتلهم في بيتهم بعد أن حرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، وترَكَ في قلوبنا حسرة".
وبدأت حملة التطعيم ضد فايروس شلل الأطفال، للجرعة الأولى، بعد الإعلان عن إصابة طفل بشلل جزئي بسبب الفايروس في أغسطس (آب) الماضي، وسط قطاع غزة.
وبدأت المرحلة الأولى من التطعيم مطلع أيلول/ سبتمبر، لتنتهي في 12 من الشهر ذاته، وأسفرت عن تطعيم 560 ألف طفل فلسطيني، بحسب ما أعلنت منظمة الصحة العالمية.
رحل أطفال أسامة دُفعةً واحدة، غابت مشاكساتهم وضحكاتهم، ورحلت معهم أمنياتهم. يتابع الأب بحسرة: "قبلها بعشر دقائق، كانوا كلهم يرقصون فرحًا لأنني قصصت شعورهم. لا أنسى وجه ابنتي إسلام (3 سنوات) عندما كانت تستعجلني لقص شعرها. لم أكن أعلم أنها تتجهز لرحيلها برفقة أشقائها سائد وسولاف وسوار".
عشر دقائق فقط، كانت فاصلًا بين فرحة الأطفال، وآخر أنفاسهم في هذه الدنيا. استهدف الاحتلال البيت وتركهم أشلاء!
عشر دقائق فقط، كانت فاصلًا بين فرحة الأطفال، وآخر أنفاسهم في هذه الدنيا. استهدف الاحتلال البيت وتركهم أشلاء، أكبر قطعة في أجسادهم -حسب وصف الوالد لا يتجاوز طولها 20 سم.
يخبرنا: "قبل يوم أتى فريق التطعيم لإخبارنا أننا في يوم غد علينا أن نذهب لأخذ الجرعة الثانية. وبعدها بعدة ساعات قصف البيت، ولم يظل عندي أي طفل لآخذه".
يعقب بقهر: "لا نريد لقاحات ولا أدوية، بل نريد الحماية والأمان للأطفال ولنا، لا نريد الموت. نحن نحب الحياة، والاستقرار، ودفء البيت وضحكات الأطفال. كل هذا حرمونا منه".
ويشير إلى أن الأطفال في غزة يعيشون في رعب بسبب القصف. يستيقظون باكين، ويهربون إلينا لنحتضنهم"، متسائلًا: "من سنحضن الآن بعد أن رحلوا جميعًا؟".
ويناشد الوصيفي بوقف إطلاق النار فورًا، قبل خسارة أرواح بشرية أكثر، في الحرب التي طال أمدها لأكثر من عام.
ويصيب شلل الأطفال من هم تحت سن الخامسة من عمرهم، وتمتد فترة حضانته إلى 35 يومًا.
ويتورط الاحتلال الإسرائيلي بانتشار فيروس شلل الأطفال بغزة، بسبب منعه إدخال المعدات اللازمة لحل أزمة برك مياه الصرف الصحي، إضافة لمنعه إدخال التطعيمات اللازمة، وفق ما أكدت وزارة الصحة الفلسطينية.
وقال وزير الصحة د.ماجد أبو رمضان إن "الجرعات من اللقاح هامة وضرورية للوصول إلى المناعة الكاملة ضد مرض شلل الأطفال".
وتُواصل وزارة الصحة جهودها ومناشداتها العاجلة للمنظمات والمؤسسات الصحية الدولية، من أجل التحرك وزيادة الضغط على سلطات الاحتلال؛ لوقف العدوان، والسماح للطواقم والأهالي بتطعيم الأطفال.
بدورها، أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، أن طائرات الاحتلال قصفت مدرسة تؤوي نازحين، وتتبع لها، في مخيم النصيرات، كانت تستخدمه كموقع لحملة التطعيم ضد شلل الأطفال.
يبلغ عدد الأطفال الذين يحتاجون للتطعيم في محافظتي غزة وشمالها 120 ألفًا ممن هم دون 10 أعوام.
وبشأن تطعيم الأطفال في محافظتي غزة والشمال، أعلنت وزارة الصحة تأجيل حملة تطعيم الجرعة الثانية ضد شلل الأطفال؛ نظرًا لاستمرار عدوان الاحتلال ونزوح آلاف الفلسطينيين بسبب القصف والتهجير.
وقال الدكتور مجدي ضهير رئيس اللجنة الفنية لحملة التطعيم: "نحن في تشاور مستمر مع منظمات دولية شريكة في الحملة لضمان نجاحها"، في وقت يبلغ عدد الأطفال الذين يحتاجون للتطعيم في محافظتي غزة وشمالها 120 ألفًا ممن هم دون 10 أعوام.