غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
حُرم أحمد الفيومي من التواصل -إلا بشكل محدود- مع والدته المقيمة حاليًا في كندا عبر الإنترنت، منذ بدء الحرب على غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023م.
كانت أول مرة يسمع فيها صوتها بعد شهرين من النزوح إلى دير البلح وسط قطاع غزة، عندما وجد نقطة يتوفر فيها إنترنت، بسعر ثلاثة شواقل للبطاقة التي تتيح الاتصال لمدة ساعتين.
لا يملك أحمد أي مصدر دخل يعينه على الدفع اليومي، وفي الوقت الذي يستطيع فيه شراء بطاقة، يستغلها في طمأنة أمه عن أحوالهم، وأيضًا متابعة الأخبار في المواقع المختلفة، وهو الأمر الذي يستنفذ الوقت "غالبًا" دون جدوى، لا سيما مع "إنترنت كالسلحفاة" على حد وصفه.
ويقول: "لم تنخفض تكلفة سعر البطاقة ولا مرة، حتى بعد مطالبة مواطنين كثر بذلك. للأسف الجميع يستغل حاجتنا الماسة، ولا يشعرون بالإنسان الذي لم يعد لديه مصدر رزق".
وانتقد حالة الاستغلال التي يمارسها أصحاب شبكات الإنترنت، الذين يستفيدون من هذه الخدمات عبر شركة الاتصالات، دون مراعاة لظروف المواطنين والنازحين، خاصة في ظل حرب الإبادة على غزة، والأوضاع المعيشية الصعبة.
ويتابع: "المواطن يحتاج يوميًا لدفع خمسة شواكل مقابل الحصول على إنترنت رديء لمدة 8 ساعات، وهذا يعني أنه شهريًا يحتاج إلى 150 شيكلًا مقابل 60 ساعة! مقارنة بأصل سعر الخدمة قبل الحرب، التي لا تزيد على 70 شيكلًا شهريًا مقابل 24 ساعة إنترنت يوميًا".
وامتدَّ استغلال غلاء أسعار بطاقات الإنترنت كسلعة محدودة الوصول، في ظل الاحتياج له من قبل المواطنين الذين يعانون من انعدام مصادر الدخل وارتفاع نسبتي الفقر والبطالة بغزة.
وتضطر هدى أبو شرخ لدفع قيمة 5 شواكل يوميًا في إحدى "الكافيهات" مقابل ساعة فقط؛ من أجل عملها الذي يحتاج إلى إنترنت "فايبر".
"أحتاج في اليوم إلى 20 شيكلًا تقريبًا مقابل 4 ساعات إنترنت بما تشمله من مشروب وجلوس على مقعد وطاولة داخل الكافتيريا".
تخبرنا: "أحتاج في اليوم إلى 20 شيكلًا تقريبًا مقابل 4 ساعات إنترنت بما تشمله من مشروب وجلوس على مقعد وطاولة داخل الكافتيريا"، مضيفةً: "ويا ليت الوقت يكفي لإنجاز العمل، لكنني مضطرة لذلك خاصة وأن المنطقة التي نزحت إليها بمواصي خان يونس لا يتوفر فيها إنترنت، ولو توفر فبسرعة رديئة للغاية".
وبينت هدى أن عدم وجود رقابة، هو الذي شجع على الاحتكار والاستغلال، والتمادي برفع أسعار بطاقات الإنترنت، مردفةً بالقول: "حاولت الاتفاق مع بعض أصحاب الشبكات من خلال دفع اشتراك شهري مقابل إنترنت متواصل في هاتفي، لكنهم رفضوا ذلك تمامًا، فالوقت المقطوع مربح أكثر بالنسبة لهم".
وتتساءل الشابة العشرينية: "لماذا لا يراعون ظروفنا الاقتصادية؟ ولماذا اختفت الرقابة عن معظم التعاملات التجارية والاقتصادية داخل غزة؟ هل على المواطن أن يكون الخاسر الأكبر في هذه الحرب، وعلى كافة الصعد؟".
ويتحدث محمد أبو شقفة، أحد مالكي شبكات الإنترنت، الذي استعاد شبكته بعد انقطاع قرابة 5 أشهر، عن أن تدمير الاحتلال الإسرائيلي للبنية التحتية في قطاع غزة، عطل تقديم الخدمات بشكل أفضل كما في السابق.
وبشأن رفضه تفعيل خطوط الاشتراك الشهري، أوضح أنّ الخلل الفني يصيب الشبكة بين الفينة والأخرى، وهذا أمر خارجة عن إرادته، خاصة مع القصف الإسرائيلي المستمر، "وهذا يحتاج لعائد مادي مضاعف، ولذلك من الصعب جدًا القبول بالمبالغ المطروحة للاشتراك الشهري".
ويزيد: "في ظل الحرب، لا أستطيع توفير خدمات للمستفيدين بشكل أفضل، خاصة أن الجميع يُعاني من هذه المشكلة، وفي كل المناطق. بالتأكيد أتمنى أن تنتهي الحرب، ويعود الإنترنت لكل البيوت، ويصبح بسرعة جيدة ومتاحًا للجميع وبشكل مستمر".
وعن ارتفاع أسعار بطاقات الإنترنت، يقول أبو شقفة لـ"نوى": "ذلك يعود لارتفاع أسعار الأسلاك والشبكات وتوسعتها في المنطقة، بالإضافة إلى شراء ألواح طاقة شمسية وبطاريات لتشغيل الشبكة للاستفادة منها".
وتسبّب فصل خدمات الإنترنت والاتصالات في كوارث إنسانية، منها عدم قدرة المواطنين التبليغ عن أماكن المجازر.
وتسبّب فصل خدمات الإنترنت والاتصالات في كوارث إنسانية، منها عدم قدرة المواطنين التبليغ عن أماكن المجازر التي ارتكبها الاحتلال من أجل انتشال الشهداء وإسعاف المصابين، وغياب التغطية الإعلامية لتلك الجرائم.
وأثرت عمليات انقطاع خدمات الإنترنت على حوالي 411 ألف شخص يستخدمون هذه الخدمات في غزة، مما دفع الآلاف للاعتماد على شريحة (eSIM) الدولية، التي ساعدتهم في التواصل مع العالم الخارجي.