شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 15 نوفمبر 2024م06:47 بتوقيت القدس

"فنّي عمليات" يضمّد جراح الحرب في خيمة!

30 سبتمبر 2024 - 11:52

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

في قلب قطاع غزة المدمر، حيث تشتد فصول الحرب وتتعقد الأزمات، يقف سلامة محمد حلس، فني العمليات، كرمزٍ للتفاني والإيثار، حينما وجد شغفه بمهنته يقوده إلى مسارٍ بطوليٍ فجأة، في ظل أسوأ الظروف.

قبل إعلان "إسرائيل" الحرب على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر/ تشرين أول للعام 2023م، كان سلامة (23 عامًا)، يعمل متطوعًا في جمعية الهلال الأحمر ومستشفى الشفاء بمدينة غزة. كان يقضي وقته كله بين المرضى والمصابين، يقدّم لهم الرعاية الطبية، هكذا حتى اندلعت الحرب، وأجبرته على النزوح مع عائلته إلى مناطق جنوبي وادي غزة، التي ادعى الاحتلال كذبًا أنها "آمنة".

يقول: "وجدتُ العجز وقد بدأ يتسلل إلى قلبي، فرفضتُ الاستسلام له. قررتُ الانتقال على الفور إلى خيام النازحين، التي تحولت إلى مستشفيات مؤقتة، وبدأتُ استقبل الجرحى والمرضى الذين عجزوا عن الوصول إلى المستشفيات في خيمتي بمدرسة المفتي داخل مخيم النصيرات وسط القطاع".

يضيف: "في الخيمة، كنتُ أُعالج الأطفال والنساء وكبار السن، وأقدم لهم الأمل في ظل ظروفٍ بالغة الصعوبة".

يبدأ يوم سلامة مع شروق الشمس، ولا ينتهي مع حلول الليل. يحمل حقيبته الطبية البسيطة، ويواصل عمله رغم نقص المعدات والأدوية. كان يقدم العلاج ويخفّف الألم، غير عابئٍ بمخاطر الحرب، ومن خلال عيون النازحين الممتنّة، كان يجد التشجيع للاستمرار.

بعد أوامر الإخلاء التي طالت مناطق في النصيرات، انتقل سلامة إلى رفح ليواصل مهمته الإنسانية، ولكن مع تزايد الخطر هناك، مع بدء العملية العسكرية البرية هناك في مطلع مايو/ أيار الماضي، اضطر للانتقال إلى دير البلح.

هناك، ورغم الظروف الصعبة، التي كانت تزداد تعقيدًا، استمر في تقديم خدماته بكل تفانٍ. في كل مرة كان يتنقل فيها، كان يجد نفسه في مناطق أكثر خطورة، لكنه لم يتراجع عن أداء واجبه أبدًا.

أكثر اللحظات التي عاشها صعوبةً، كانت عندما وصل إليه جريحٌ مغطىً بالدماء، ليكتشف أنه معلمه القديم من المدرسة. يخبرنا: "كانت لحظة صادمة، عملتً ما في وسعي لإنقاذ حياته لكن القدر كان أقوى".

هذه التجربة -والحديث له- زادته إصرارًا على مواصلة العمل رغم المأساة التي مسته بشكلٍ شخصي مرةً أخرى، إذ لم يتوقف عن تقديم الرعاية الطبية قط، كما ساهم أيضًا في دعم العائلات نفسيًا. وفي كل مرة كانت تصله كلمة شكر أو نظرة امتنان، كان يجد دافعًا للاستمرار، حتى بعد أن فقد بعض أقاربه في الحرب، لم يسمح لحزنه بأن يثنيه عن مهمته. يعقب: "أنا أيضًا متضرر من الحرب، ولكن هذا يجعلني أشعر بمسؤولية أكبر تجاه الآخرين".

"أنا أيضًا متضرر من الحرب، ولكن هذا يجعلني أشعر بمسؤولية أكبر تجاه الآخرين".

يواصل سلامة تقديم المساعدة وسط الفوضى، محاولًا تقديم أكبر قدر ممكن من الرعاية رغم الأوضاع الصعبة، ويؤكد أن الرحمة والعطاء هما السبيل الوحيد لمواجهة الألم والدمار.

في كل يوم، يعود سلامة إلى خيمته المتواضعة بعد انتهاء جولاته العلاجية، لكن مهمته لا تنتهي. في صباح اليوم التالي، يعود مجددًا ليواصل رحلته الإنسانية التي بدأها بإيمانٍ راسخ، بأن خدمة الآخرين هي السبيل الوحيد لمواجهة المآسي.

كاريكاتـــــير