الضفة الغربية/ شبكة نوى- فلسطينيات:
في سجنٍ كبير، يعيش أهالي قرية "أم صفا" منذ بدء الحرب على غزة، بعد أن وضع الاحتلال بوابة حديدية على أحد مداخلها، وصنع حاجزًا بالمكعبات الإسمنتية على المدخل الآخر.
720 شخصًا، هم سكان القرية، يعيشون في حصارٍ كامل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول للعام 2023م، ويواجهون قطعان المستوطنين وحدهم بلا حماية، "حتى أن القرية كانت تبعد عن مدينة رام الله قبيل الحرب 18 كيلومترًا، أما اليوم فصار يلزم أهلها قطع 40 كيلو مترًا للوصول إلى هناك" وفق رئيس مجلس قروي "أم صفا" مروان الصباح.
القرية المحاطة بالمستوطنات من كل جانب، تتعرض يوميًا لتجريف مساحات كبيرةٍ جدًا من أراضيها على أيدي المستوطنين، وبعد أن كانت تمتد على مساحة 4800 دونم تاريخيًا، صادر الاحتلال 4 آلاف دونم منها خلال السنوات الماضية، لتقتصر مساحتها بعد اندلاع الحرب في غزة، على الأراضي المقامة عليها بيوت المواطنين، "ولا تتجاوز 100 دونم" يعقب الصباح.
ويقول: "القرية اليوم تعيش في حصار خانق وتواجه مشاكل في جمع النفايات وفي الحفر الامتصاصية، ونقص المواد الأساسية والغذائية التي تدخل القرية. لقد تحولت أم صفا من ممر لجميع القرى المجاورة، إلى قرية معزولة ومنسية تواجه مشكلات حتى في توفير احتياجاتها من الطعام".
ويؤكد أن الاحتلال يسعى إلى تفريغ القرية من سكانها بهدف إقامة تجمع استيطاني كبير يجمع بين عطيرت وحلميش، "ففي بداية سبتمبر/ أيلول الجاري، نصب المستوطنون خيامهم في جبل الرأس على مسافات قريبة جدًا من منازل المواطنين، حيث قاموا بإطلاق النار عليهم، وعلى المدرسة الوحيدة في القرية أثناء وجود الطلبة! "وهذا أضاف عبئًا جديدًا على الأهالي والعاملين في المجلس، إذ حملوا على عاتقهم السهر لحماية المنازل من المستوطنين".
وأشار إلى أنهم (المستوطنين) قبل فترة وجيزة أحرقوا بيتين بشكل كامل في القرية، وقد توجه المجلس إلى الجهات الرسمية طالبًا المساعدة للمتضررين من هذه الاعتداءات، ولكن حتى الان لم يتم تعويضهم، واصفًا القرية بـ "المنسية" من قبل مؤسسات السلطة الفلسطينية، "حيث زارتها وزارة الحكم المحلي لمرة واحدة، ووعد الوزير آنذاك بتنفيذ مشاريع حيوية فيها" يضيف.
ويتابع: "أيضًا أهالي القرية بحاجة لتوسيع شبكة الكهرباء، ولروضة أطفال، حيث يتعلم الأطفال في غرفتين تحت المسجد تم تحويلهما لروضة، دون أي مكان للعب"، مشددًا على حاجة القرية لسيارة نفايات.
وانتقد الصباح إيقاف وزارة الأشغال لمشروع ترميم الشارع الرئيس لأم صفا، بحجة الأزمة المالية التي تواجه السلطة، مشيرًا إلى أن المجلس وجه ثلاثة كتب للوزارة، ولم ترد على أيٍ منها، متسائلًا: "لمصلحة من تم إيقافه؟ علمًا بأن الوزارة تطرح عطاءات لمشاريع في مناطق مختلفة من الضفة الغربية بشكلٍ شبه يومي".
عائلة المواطن ثائر نطاطرة، التي تبعد أقل من 100 متر عن موقع التجريف، وعن الخيام التي نصبها المستوطنون خلال الأسابيع الأخيرة في أم صفا، لا تستطيع النوم ليلًا، خوفًا من مباغتة المستوطنين لبيوتهم وحرقها.
يقول الرجل لـ"نوى": "لا يوجد في بيتي أي حماية، ولا أستطيع تركيب حماية للنوافذ والأبواب أصلًا كوني عاطل عن العمل منذ بداية الحرب، وأنا أب لسبعة أطفال بالكاد أستطيع سد رمقهم"، مناشدًا مؤسسات السلطة الفلسطينية بمحاولة توفير الدعم والحماية اللازمة لبيوت المواطنين القريبة من البؤر الاستيطانية، "خصوصًا في ظل عدم وجود الأمن الفلسطيني في تلك المناطق، والتعامل مع أن كل مواطن هو المسؤول عن الدفاع عن نفسه وعائلته".
المزارع ماهر الصباح أيضًا، تنبه منذ انتفاضة عام 1987م إلى أطماع الاحتلال الاستيطانية في القرية، وتوجه إلى إحدى المؤسسات المحلية وطلب منها مساعدته في حماية أرض عائلته البالغ مساحتها نحو 100 دونم، إلا أن المؤسسة رفضت كون الأرض صخرية، ولا تصلح للزراعة.
رغم ذلك لم يترك الصباح أرضه فريسة للمستوطنين، ومنذ ذلك الوقت وهو يحاول حمايتها من خلال الاهتمام بها وزيارتها وزراعتها قد المستطاع.
يقول: المستوطنون لم يغيبوا أبدًا عن أراضي أم صفا، فبين الحين والآخر يقتحمون الأراضي ويجرفونها، ولكن مع بداية الحرب على غزة زاد معدل اقتحاماتهم ونصبوا خيامًا لهم على أراضي القرية، وجرفوا كل ما زرعه المواطنون فيها".
ورغم أن الصباح يحاول دومًا اصطحاب الصحافيين والمتضامنين إلى الأرض، وإطلاعهم على معاناة أهالي القرية، إلا أن ذلك لم يوقف المستوطنين بالمطلق، "بل بالعكس فقد أصدروا قرارًا من خلال ما يسمى بالإدارة المدنية للاحتلال، يقضي بوقف عمل ودخول المواطنين إلى أراضيهم، ما دعى بعض المواطنين في أم صفا للتوجه إلى هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، طالبين الدعم القانوني لهم في قضيتهم" يزيد.
ويتابع: "الهيئة وعدت بمتابعة القضية، وبعد فترة أبلغتنا بأنه تم إلغاء القرار الصادر عن الإدارة المدنية للاحتلال، ولكن مع الأسف تبين لنا بعد فترة أن القضية لم تكن متابعة من قبل الهيئة أصلًا على مدار عام ونصف، بسبب عدم تلقي محامي الهيئة مستحقاته المالية، ولم يبلغ المواطنين بذلك"، مردفًا بالقول: "لكنهم مؤخرًا، ونتيجة تواصلنا معهم، أعادوا المتابعة القانونية للقضية، عبر محامٍ من الداخل المحتل وآخر من الضفة الغربية".
من جهته، عقّب عبد الله أبو رحمة مدير دائرة العمل الشعبي ودعم الصمود في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، بالقول: "نحن نقدم الدعم القانوني اللازم لأهالي أم صفا، كما أننا على تواصل مع المجتمع المحلي، ونقوم بتقديم الدعم اللازم للفعاليات الشعبية التي تحدث في المنطقة".
أبو رحمة: الهيئة تعمل على دعم صمود البلدة، من خلال شق طرق زراعية وتوفير مقومات الحماية للمنازل التي يتم الاعتداء عليها.
وزاد: "نسعى لإحباط كل محاولات الاحتلال للسيطرة على الأراضي، أو بناء بؤر استيطانية أو توسيع مستوطنات أو شق طرق، ولدينا اجتماع مع المجتمع المحلي في أم صفا، ودير السودان، وعارورة، لوضع خطة للتصدي للهجمات الإسرائيلية، سواءً على الصعيد القانوني أو على صعيد الفعاليات الشعبية"، مشددًا على أن الهيئة تعمل على دعم صمود البلدة، من خلال شق طرق زراعية وتوفير مقومات الحماية للمنازل التي يتم الاعتداء عليها.