غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
من بعيد تبدو وكأنك تشاهد منظرًا جماليًا، وتظنُّ بأن النازحين الذين اختاروا نصب خيامهم في هذا المكان تحديدًا من مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، اختاروه ليخففوا عن أنفسهم وطأة الحرب وثقل النزوح.
تقتربُ أكثر، فتسيطر رائحة الصرف الصحي على المشهد، وتعرف أنك الآن في بركة "حي الأمل"، الخاصة بتجميع مياه الأمطار، وقد بدأت تختلط بها مياه "المجارير" بعدما دمَّر الاحتلال شبكات الطرق والخطوط الناقلة لمياه تصريف الأمطار في اجتياحاته المتكررة للمدينة.
وكانت بلدية خانيونس، أصدرت نداءً عاجلًا للسكان والنازحين، بضرورة إخلاء محيط بركة "حي الأمل"، مع اقتراب فصل الشتاء، لا سيما وأنها تعدُّ منطقة منخفضة، وقد ارتفع منسوب مياهها عام 2013م، الأمر الذي أدى إلى تدفق المياه بغزارة تجاه منازل وأراضي المواطنين.
ويوضح مسؤول الإعلام في البلدية، صائب لقان، أن بيان الإخلاء جاء خشية تجمع مياه الأمطار في البركة، وارتفاع منسوبه مما سيتسبب بلا شك بإغراق خيام النازحين حولها، لا سيما وأنها مجمع لمياه 6 أودية تأتي من شرق المدينة، وتصب في غربها (البركة).
وقال لـ"نوى": "الاحتلال دمّر خلال الحملة العسكرية بمدينة خانيونس 75% من شبكات الطرق، و80% من الخطوط الناقلة لمياه تصريف الأمطار"، مشيرًا إلى أن ذلك يجعل الأمر أكثر خطورة، حيث أدّى إلى تسمية مناطق أخرى بـ"الساخنة"، بفعل قصف الاحتلال المستمر، وهي معرضة لإصدار بيان إخلاء إن تطلب الأمر؛ على حد تعبيره.
وينبه أبو أحمد ريان، أحد النازحين في المنطقة، إلى أن عدد العائلات حول البركة يقارب الـ 400 عائلة، "وقد اضطروا جميعًا لوضع خيامهم في هذه المنطقة بعد أن ضاقت بهم الأحوال"، قائلًا: "لا مكان آخر لنا، ولهذا فوجئنا ببيان البلدية المطالب بالإخلاء".
وتحزم أسماء لافي أمرها، فتقول تعقيبًا على بيان البلدية: "لا مجال لأن نخلي".
وعلى الرغم من تركها المكان أكثر من مرة قسرًا بفعل تقدم آليات الاحتلال والقصف المستمر؛ إلا أنها أخبرتنا خلال حديثها، أنها كانت تعود إليه فور سماع خبر الانسحاب من المنطقة.
وذكرت أنها كبقية القاطنين في المنطقة لا تملك أي مكان آخر لتسكن أو تستقر فيه أو تضع خيمتها، بعد أن نزحت من مدينة رفح قبل ما يقارب الـ5 أشهر، "فكل الأماكن ممتلئة، ولا مجال لوضع خيمة، إضافة إلى أن الخيام لا تصلح حتى لنقلها بسبب اهترائها" كما وصفت.
وقد لفتت لافي إلى أنهم بحثوا كثيرًا عن أماكن فارغة سواء في الشوارع أو قطع الأرض الفارغة أو حتى المدارس ومراكز الإيواء، ولم يكن لها ولعائلتها متسع، بالإضافة إلى ذلك، فإن تكلفة النقل لأمتعتهم ستكون غالية جدًا، لا يستطيعون احتمالها لذا فإنها طلبت من بلدية خانيونس حلًا لهذا الأمر.
وطالبت النازحة أم الجود أبو ناصر، المؤسسات الدولية الشريكة بتوفير إمكانيات للبلدية، "التي تعمل بأقل الإمكانيات بسبب الحرب"، ومساندتها لتمكينها من شفط أو تفريغ مياه البركة وحمايتهم من الغرق، ملفتةً إلى أن البركة في حال تفريغها ستكون قادرة على استيعاب الأمطار القادمة في الشتاء، أو توفير مكان آخر للنازحين حال تعذر الأمر.