غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
"اضطررتُ للنزوح من غزة إلى رفح، ومنها إلى النصيرات بسبب الحرب"، يقول حارس المرمى في النادي الأهلي الفلسطيني بمدينة غزة، إياد أبو دياب لـ"نوى".
أسدلت الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، ستائرها على مئات القصص لرياضيين من قطاع غزة، كانت لهم أحلامٌ عظيمة باتجاه البطولات الدولية، وكتبت لهم حياة نزوحٍ لا تشبههم، يسعون فيها للقمة العيش الكريمة قبل أي شيءٍ آخر.
"يختلف رمل الخيمة عن عشب الملعب الأخضر. نعيش حياةً لا تشبهنا، ونعاني لفقدنا الأحبة وكل الذكريات" يضيف الرجل بحرقة، متابعًا: "قطعتُ شوطًا كبيرًا في عالم الرياضة. الرياضي منا بعد أن كانت لديه ذكريات جميلة في بطولات الدوري والمنافسة، صار كل أمله أن يجد هاتفه مشحونًا، أو أن يأمن على عائلته من نقص مياه الشرب. هذا بالطبع بدلًا من التفكير بتطوير الذات الرياضية، وتمثيل الوطن في المحافل الدولية".
وبحسب اللجنة الأولمبية الفلسطينية، فإن 400 رياضي فلسطيني، فقدوا أرواحهم منذ بدء حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة، فلا تنحصر الانتهاكات الإسرائيلية بحق الرياضة الفلسطينية في قتل اللاعبين والتسبب لهم بإعاقات دائمة، بل أيضًا في حرمان الفِرَق والأفراد من المشاركات الدولية، وتدمير الملاعب والمنشآت، وتحويلها إلى مقابر أو مراكز إيواء.
مها شبات، لاعبة كرة سلة تبلغ من العمر 34 عامًا. نازحةٌ داخل مركز إيواء في معسكر جباليا، وقد كانت مدربةً في نادي شباب بيت حانون الأهلي.
تقول لشبكة "نوى"، بينما تتنهد بين الفينة والأخرى: "بعد نزوحي لأكثر من 12 مرة، واستشهاد أخي، صارت ممارسة الرياضة شيء مستحيل. نفسيًا لم أتجاوز حزني بعد. أبناء إخوتي الصغار يجلبون الكرة إلى منتصف ساحة المدرسة، وينادونني لأشاركهم. أشير إليهم بيدي معتذرة، وأتلمّس حزنهم، لكنني أبقيهم على أمل: بعدين يا عمتو".
يُحزن مها أن ملاعب شمالي القطاع كلها دُمّرت، وقد كانت قبل الحرب تعمل برفقة زميلاتٍ لها على تشكيل فريق فتيات، لتشجيع الرياضة النسوية، ولكن كل شيءٍ هُدم.. ماتت أحلامنا، وطموحاتنا، ومات أخي أيضًا، ومات معه الفرح كله".
تختتم شبات حديثها: "حكّمت عدة مباريات لكرة القدم في ملاعب قطاع غزة وملاعب برلين في ألمانيا، ونشطتُ لنشر ثقافة الرياضة النسوية، لكسر حاجز المعتقدات الشعبية السائدة في البلاد".
الصحافي الرياضي ياسر الحواجري، بدوره، عملَ على توثيق الانتهاكات التي لحِقَت بالرياضة الفلسطينية منذ بداية حرب الإبادة بغزة.
يقول لـ "نوى": "وثّقتُ حتى اليوم 175 قصة لشهداء الرياضة الفلسطينية، كل واحد باسمه الرباعي وبلدته الأصلية وشهاداته العلمية، ومكان ميلاده، واستشهاده، بالإضافة إلى أبرز محطات حياته الرياضية"، موضحًا أنه وثّق تضرر الكثير من النوادي داخل القطاع، أبرزها "أهلي النصيرات"، و"شباب خان يونس"، و"الصداقة"، و"خدمات البريج"، وأغلب نوادي المنطقة الشمالية، وملعب اليرموك، وبيت لاهيا، وبيت حانون، والتفاح، "تلك النوادي التي استغرق بناؤها سنوات طويلة" يعقب.
وتكشف الصحافية الرياضية الفلسطينية نيللي المصري، عن حجم المعاناة التي يعيشها الرياضيون الفلسطينيون في قطاع غزة، "وهي المعاناة نفسها التي يعيشها أهل غزة جراء استمرار الحرب، وتفاقم تبعات النزوح" تقول.
"فقدتُ عملي في إحدى المواقع الرياضية بسبب استمرار الحرب، وتدمير المكتب الرئيس. وبما أنني أعمل بنظام القطعة، فانقطاع الإنترنت والكهرباء، جعلني بعيدةً عن أي عمل".
وتضيف: "الحرب أثّرت بشكلٍ كبيرٍ على حياتي، فقد فقدتُ عملي في إحدى المواقع الرياضية بسبب استمرار الحرب، وتدمير المكتب الرئيس. وبما أنني أعمل بنظام القطعة، فانقطاع الإنترنت والكهرباء، جعلني بعيدةً عن أي عمل".
وتتابع المصري حديثها بحزن: "تدمّرت المنشآت الرياضة في قطاع غزة بنسبة 70%، وبحسب المجلس الأعلى للشباب والرياضة، فإن المنشآت الرياضية، تحولت لمراكز إيواء، وقد دُمر معظمها كليًا أو جزئيًا".
ووفق المصري، فإن هناك أكثر من 6000 لاعب ومدرب وكادر رياضي، فقدوا مصدر رزقهم الوحيد، مما يعني عدم قدرتهم الآن على توفير الحد الأدني من متطلبات الحياة، في ظل استمرار الأزمة الإنسانية، "بينما تُقدَّر الخسائر المادية التي طالت القطاع الرياضي في غزة بحوالي 20 مليون دولار، عقب تدمير عدد كبير من الملاعب والمرافق الرياضية".
وبرغم مطالبة اللجنة الأولمبية على لسان رئيسها جبريل الرجوب، بتعليق عضوية الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم في "الفيفا" بشكل عاجل، إلا أن "هذا الطلب معلقٌ إلى هذه اللحظة".