غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
رغم المردود الضعيف الذي يتقاضاه، يواصل الممرض الفلسطيني "صلاح الملفوح"، النازح من مدينة غزة عمله في مستشفى شهداء الأقصى وسط القطاع.
وبرغم مصابه الجلل بفقد بيته خلال حرب الإبادة التي أعلنتها "إسرائيل" على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، إلا أنه لم يفكر يومًا في ترك عمله الإنساني أو التقصير فيه، حتى رأى وجهه يومًا في المرآة، فاكتشف أنه شاخ بكِبَر همه.
"ظهرت عليه علامات التعب والهزال، ورغم ذلك يشد من أزرنا، ويقوي عزائمنا" يقول أحد الجرحى الذين تمرُّ عليهم ابتسامة صلاح صبيحة كل يوم، "نبحث عنه شخصيًا لأننا نعرف أنه أخٌ حقيقي. ليس مجرد شخصٍ يؤدي عمله" يضيف.
يكنى صلاح بأبي محمد، ويقال فيه "صاحب الرسالة الملائكية". نزح برفقة عائلته المكونة من أحد عشر فردًا أكثر من سبع مرات، وعاش في خيمةٍ صغيرة، أسوةً بمئات الآلاف تحت النار في غزة، ضنك الحياة وقلة الراتب. لقد عمل في معظم مستشفيات القطاع، بدءًا من مكان عمله في مستشفى العيون بغزة، مرورًا بالشفاء، ثم مشفى اليمن السعيد، انتقالًا للمستشفى الأندونيسي شمالًا، ثم مستشفى غزة الأوروبي بخانيونس جنوبًا، فالإماراتي في رفح، وصولًا على مستشفى شهداء الأقصى.
"كل ذلك في سبيل تأدية الأمانة" يقول لـ"نوى"، متحدثًا عن صعوبات العمل تحت النار: "نمرُّ بعقبات عديدة، نفسية وجسدية. يكفي أننا يوميًا نفتح أعيننا على مشاهد الدماء والأشلاء، وفي أحيان كثيرة لا ننام أصلًا. نرى الموت يأخذ منا الناس بكل سهولة".
يصمت قليلًا قبل أن يكمل: "لكننا مستمرون. لن نتوقف ما لم تتوقف الحرب. إما أن نشهد نجاتنا كلنا معًا، أو نستشهد نحن أيضًا".
يتقاضى الرجل مبلغ 800 شيقل (200$) كل شهرين! ورغم ذلك يقول بعنفوان: "لو ركزنا نحن الممرضون في المقابل المادي، لتركنا عملنا منذ زمن طويل. لفقد الكثيرون حياتهم لأننا مضربون. هنا لا نعرف هذه المعادلة. هنا روح الإنسان أهم من أي قيمةٍ أخرى".
يرى الرجل أنه من غير المنطقي، المناداة برفع الرواتب، والمقابل المادي في هذا الظرف، بالذات في ظل الإغلاق، وشح الموارد. "لكن على المسؤولين أن يقدروا ما نفعله في أوقات الرخاء. أن ينصفوا العاملين في القطاع الصحي بالأجور المناسبة لما يبذلونه من جهدٍ في وجه المخاطر" يستدرك.