غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
فوجئت المواطنة نجاح سهيل من مدينة رام الله، بأسعار المواد الغذائية الأساسية في السوق الفلسطيني. "13 شيقلًا لكيلو البندورة، هذا جنون" تقول بانفعال، وتتابع: "كيلو الدجاج يباع بأكثر من 20 شيقلًا! أصبحنا لا نعرف ماذا سنطعم عائلاتنا؟".
ويشهد السوق الفلسطيني في الآونة الأخيرة، ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الخضروات والدواجن، وبرغم أن هذه الارتفاعات المتتالية بدأت بالتزامن مع اندلاع الحرب في قطاع غزة، إلا أنها بلغت ذورتها في الأسابيع القليلة الماضية.
مواقع التواصل الاجتماعي ضجت باحتجاجات مواطنين ونشطاء، ما دفعنا في "نوى" لمتابعة الملف:
يؤكد المزارع محمد ثابت، وهو صاحب بيوت بلاستيكية في قرية بيت دجن قضاء نابلس، أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية مشكلة يعاني منها المواطنون في كل المدن والقرى الفلسطينية، عازيًا السبب إلى تهريب التجار للخضروات الأساسية وعلى رأسها البندورة إلى السوق الإسرائيلي.
يقول: "تقف شاحنات للتجار الصغار على أبواب البيوت البلاستيكية، ويتم جمع البندورة فيها، وإرسالها مباشرة الى حاجز الجلمة، وهذا أدى إلى فقدان البندورة من الأسواق وارتفاع أسعارها"، مشيرًا إلى أن هناك كميات بسيطة جدَا "ولا تذكر" تذهب إلى غزة، في الوقت الذي تضع فيه وزارة الزراعة غزة "شماعة" تعلق عليها فشلها على حد تعبيره.
وبيّن ثابت، أنه لولا تهريب البندورة إلى السوق الإسرائيلي، لما ارتفعت أسعارها بهذه الصورة الجنونية، خاصة أن حجم المنتج المزروع تضاعف نتيجة استثمار "عمال الداخل المحتل" كأيدي عاملة في مجال الزراعة، وبيت دجن على وجه الخصوص سجلت رقمًا قياسيًا في هذا المجال، موضحًا أن أكثر من 200 من أبناء القرية الذين خسروا عملهم في الداخل، أنشأوا بيوتًا بلاستيكية، وزرعوا فيها البندورة، وبالتالي كان يجب ألا تحدث هذه الأزمة.
ثابت: "دور وزارة الزراعة غائب تمامًا فيما يتعلق بقضية تهريب المنتجات للاحتلال، ولا تقوم بالدور المنوط بها".
وأكد أن الحرب أثرت على المنتجات الزراعية في الداخل المحتل، "حيث أن المزارعين هناك هربوا وتركوا أراضيهم، وبالتالي صارت هناك فجوة كبيرة في الإنتاج تحاول دولة الاحتلال سدّها من خلال مزارع الضفة"، مشدًا على أن دور وزارة الزراعة غائب تمامًا فيما يتعلق بقضية "تهريب المنتجات للاحتلال"، "ولا تقوم بالدور المنوط بها، ولا تحاول أن تخلق ميزانًا عادلًا للأسعار ينصف المزارع ويحمي المستهلك" وفق قوله.
وحسب ثابت، ففي شهر 3 من هذا العام، كانت سحّارة البندورة تُباع ب 10 شواقل، "أي أن المزارع كان يخسر، ولم يعوض حتى تكاليف الزراعة، ولم تتدخل الوزارة نهائيًا لحل الإشكالية".
وبين أنه في الوقت الذي تباع فيه البندورة في السوق الإسرائيلي بـ 5 شواقل للكيلو الواحد، فإنها تباع في السوق الفلسطيني بـ 13 شيقلًا.
وأكد أن وزارة الزراعة باستطاعتها تحديد الكمية التي تدخل إلى السوق الإسرائيلي لحماية المواطن الفلسطيني من ارتفاعات الاسعار، "ولكنها لا تقوم بهذا الدور، وبالتالي، فإن الطبيعي والمتوقع هو فقدان المنتج من السوق وارتفاع الأسعار".
من جهته، أوضح ابراهيم القاضي مدير دائرة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، فور سؤاله عن مدى متابعة الوزارة لهذا الملف، أن قضية أسعار الخضروات والدواجن مسؤولية وزارة الزراعة، مبينًا أن أكثر من 100 شكوى وصلتهم من المواطنين حول هذا الموضوع.
وأكد القاضي أن جميع الشكاوى يتم تحويلها لوزارة الزراعة للتعامل معها، مشيرًا إلى أن الاقتصاد تُقدّم ملاحظاتها وتوصياتها للزراعة؛ للحد من هذه الأزمة.
دائرة حماية المستهلك: "هذه مسؤولية وزارة الزراعة، وجميع الشكاوى يتم تحويلها إليها للتعامل معها. الاقتصاد تُقدّم ملاحظاتها وتوصياتها للزراعة فقط".
وهو الأمر الذي عارضه الناطق باسم وزارة الزراعة محمود الفطافطة، الذي أكد أن تحديد أسعار المنتجات الزراعية في السوق الفلسطيني هي مسؤولية وزارة الاقتصاد.
وبين أن الزراعة هدفها في النهاية تحقيق أفضل سعر للمزارع الفلسطيني، وتوفير كميات تفي بحاجة السوق، أما ضبط جشع التجار فهو مسؤولية وزارة الاقتصاد بكل تأكيد.
وأوضح أن الزراعة عادةً ما تُزوّد وزارة الاقتصاد بأسعار استرشادية، "لكنها لا تراقب على الأسعار التي يتم بيع المنتج من خلالها في الأسواق، فهذا دور وزارة الاقتصاد وليس دورها".
وعزا الفطافطة، ارتفاع أسعار الخضروات في السوق المحلي إلى عدة عوامل، أهمها الحرب على غزة، "التي ألقت بظلالها على توفير العديد من المنتجات الزراعية"، قائلًا: "إن قرابة 30 إلى 35% من المنتجات قبل الحرب كانت تأتي من غزة، والآن لم تعد هذه المنتجات متوفرة، وأصبح الاعتماد على الضفة بشكل كلي".
وزارة الزراعة: تحديد أسعار المنتجات الزراعية في السوق الفلسطيني هي مسؤولية وزارة الاقتصاد.
إلى جانب ذلك، فإن ارتفاع درجات الحرارة، وسيطرة الاحتلال على المياه، وعدم توفرها للمحاصيل الزراعية، أثر بشكل كبير على نسبة الإزهار، وبالتالي انخفاض الكميات المتوفرة في السوق، مردفًا بالقول: "والسبب الآخر هو تحول المزارعين في جنين إلى زراعة التبغ بدلًا من الخضروات، وعلى حساب الأراضي الزراعية، وهذا أثر على وفرة هذه المحاصيل في الأسواق، وبالتالي رفع من أسعارها".
أما بخصوص ارتفاع أسعار الدواجن، أوضح الفطافطة أن الحكومة قامت بجمع وإدخال كميات من الخضار واللحوم والبيض إلى غزة، من خلال شراكات مع مؤسسات ومنظمات دولية، "وهذا أدى إلى نقص المتوفر منها في السوق المحلي، بالتالي ارتفعت الأسعار، خاصة في ظل عدم إمكانية الاستيراد من الخارج".
وأشار إلى أن الضفة تنتج أسبوعيًا بين 900 ألف ومليون و200 ألف طير من الدواجن، "وجزء من هذه الكمية أصبحت تذهب إلى غزة، وبالتالي أثرت على الوفرة في الضفة" يعلق.
وأشار إلى أن تعقد المشهد التجاري وتوقف عمليات النقل من الخارج وإغلاق المعابر مع الأردن، إضافة إلى المشاكل على الموانئ الإسرائيلية، هذا كله أثر على الأسعار.
ولفت الفطافطة إلى أن استمرار عمليات التهريب من قبل ضعاف النفوس إلى الأسواق الاسرائيلية من خلال المستوطنات وعبر أماكن لا يوجد للسلطة سيطرة عليها، ساهم في تفاقم الأزمة، مبينًا أن "الزراعة" تتعاون مع الأجهزة الأمنية؛ للحد من عمليات التهريب.
وأكد وجود تدخلات تعمل عليها وزارة الزراعة على المستويين القانوني والإنتاجي، من أجل حل أزمة وفرة المنتجات في الأسواق، قائلًا: "نعمل حاليًا على مراجعة قانون الزراعة، من أجل إزالة بعض النصوص التي تشكل عقبة أمام التوسع في الإنتاج الزراعي، وذلك لنشجع مزيدًا من العاملين في القطاع الزراعي، ولجلب الاستثمارات أيضًا".
وتابع: "إضافة إلى ذلك، هناك مشاريع ستقوم بها الحكومة، ومنح زراعية حتى يكون لدينا فرص أكثر لتوسيع القطاع الزراعي، وهناك عدة مؤسسات تعمل على هذا الموضوع".
وأكد الناطق باسم وزارة الزراعة أنه خلال أسبوعين على الأكثر، ستنخفض أسعار المنتجات الزراعية والحيوانية، معولًا على دخول المنتجات الخريفية السوق، وتوفير المزيد من الأصناف والكميات التي تفي باحتياجات المواطن الفلسطيني.