غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
بينما كانت الطفلة تالا أبو عجوة تبحث عن الحياة في "لعبةٍ" وتضحك، قتلتها "إسرائيل". هكذا وبدون مقدمات، ألقت طائرةٌ صاروخًا فاغتالت جسدها والحلم وآخر ابتسامة، وتركت في قلب كل من رأى صورتها غصةً لا يمحوها الزمان.
كانت تالا (9 سنوات) تلهو بحذاء التزلج "السكيت" أمام باب المنزل الذي نزحَت إليه مع أسرتها، مقابل منتزه البلدية وسط مدينة غزة. صور ومقاطع فيديو سرعان ما انتشرت عبر وسائل الإعلام، كلها حملت عنوان واحد: قتلوها.. وقد "كانت تلعب".
"بتمناش إشي ولا نفسي بإشي. بس نفسي الواحد ينام وهو مش خايف، ياكل وهو مش خايف، يعيش وهو مش خايف، يلعب وهو مش خايف".
الصور أثارت الحزن، والقهر، وألهبت مشاعر العجز في القلوب. يُخيل للمرء مشهد قتل تالا بجسدها الطري الذي أنهكه الجوع في شمالي المدينة. يُخيّل له كيف دفعتها الشظايا أرضًا.. أردتها قتيلة بعد أن سحبتها من عمق فرحتها بارتداء حذائها ذو العجلات، واللعب فيه كطائرٍ حر في سماءٍ لا يشوبها القصف والنار والبارود والرصاص.
كان من المفترض أن تنام تالا نومةً هنيئة، لو أنها لم تعش في بلاد تحتلها "إسرائيل"! نامت في ليلة الثالث من سبتمبر/أيلول لعام 2024م نومةً أبدية، مقتولة.
غاب صوت ضحكتها بعد ثوانٍ من ضجيج فرحتها بحذاء "السكيت" زهري اللون! لون تحبه الفتيات وتخترنه في كل مقتنياتهن، صار أحمرًا بلون الدم!
لم تهرول قدما تالا هذه المرة كما فعلت سابقًا في طرق نجاتها التي لا تعدّ ولا تُحصى تحت نيران القصف التي لم تتوقف منذ السابع من أكتوبر لعام 2023م. لم تجُل بنظراتها على الجثث المترامية حولها في الشوارع، بل سالت دماؤها على الأرض، ولم يسعفها "السكيت" للنجاة والهروب بعيدًا عن مكان القصف. كانت القذيفة أقرب وأسرع!
هذا الموت الذي لا يتقنه أحد كـ"إسرائيل"، في كلّ مرةٍ يُمارس فيها الجنود طُرُقًا جديدة، لا يملّون من ممارسة الموت الذي صار عادةً منذ 11 شهرًا على بدء حرب الإبادة. يحتفون به، ويفجّرون المنازل فرحًا، ويرسلون المقاطع لأحبائهم وينشرونها على مواقع التواصل. يشعرون بنشوةٍ عندما ينكّلون بفلسطيني، حينما يقتلون النساء والأطفال ويروِّجُون أكثر لنشوة الفرح بهذا الفعل!
كانت الطفلة قد قالت في مقطع فيديو انتشر قبل مدة: "بتسلّى وبنبسط لما بتزلج بالسكيت، مع أنه الشوارع مكسرة، بس بحاول أمشي فيها". وأما بالنسبة إلى أمنياتها، فأضافت: "بتمناش إشي ولا نفسي بإشي. بس نفسي وضع الخوف اللي فيا يروح، نفسي الواحد ينام وهو مش خايف، ياكل وهو مش خايف، يعيش وهو مش خايف، يلعب وهو مش خايف".
مجددًا وبصورة مباشرة، قتلت إسرائيل الطفلة تالا حسام أبو عجوة، وهي طفلة من بين أكثر من 16500 طفل وطفلة آخرين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، خلال أقل من عام واحد فقط، بحسب تقديرات وزارة الصحة الفلسطينية.