غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
في مقابر غزة، صار نادرًا ما تجد قبرًا لشخصٍ واحد. في كل قبرٍ مجموعة شهداء، وأحيانًا مجموعة في الكفن الواحد! وأشلاءٌ لم تُعرف لمن. في القبر الواحد حكايات عدة، وأحلامٌ رُدمت تحت ركام بيتٍ استُهدف بصاروخٍ وجّهه جنديٌ يضحك!
بين القبور عائلة حسونة، المكونة من 11 شهيدًا ارتقوا في مجزرة قاسم في حي الصحابة شرقي غزة، تقول الابنة فاطمة: "عدد الشهداء في هذه المجزرة تحجاوز 30 شهيدًا، بينهم 11 فردًا من أبناء عائلتي. بيت عمي وجدتي".
"عرفوا جثة ابن عمي من إصبع قدمه الصغير، بعد ثلاثة أيامٍ من البحث. كان ساعتها بعضهم قد دُفن، وبعضهم الآخر ما زالت أشلاؤه تحت الركام".
في الثالث عشر من يناير/ كانون الثاني 2024م، وفي الساعة 12 ليلًا، استهدفت طائرات الاحتلال منزلهم المكون من 4 طوابق، فانتشلوا عمها وزوجته وابنتهم على هيئة أشلاء! "بل إننا لم نعرف زوجة عمي من ابنتها بعدما تحول جسديهما إلى أشلاء، وتشوهت الوجوه" تخبرنا.
وتتابع: "عرفوا جثة ابن عمي من إصبع قدمه الصغير، بعد ثلاثة أيامٍ من البحث. كان ساعتها بعضهم قد دُفن، وبعضهم الآخر ما زالت أشلاؤه تحت الركام".
وتخبرنا فاطمة بحسرة: "عثرنا على رأس زوجة ابن عمي في الشارع الثاني، ومن بين أولادها الخمسة تعرفنا فقط على ابنتها. أما الباقون فوضعت أشلاؤهم المتناثرة في كفن، ولم يعرف منهم أحد"، مردفةً: "بل إننا حتى الآن نبحث عن بقايا أجسادهم تحت الأنقاض".
وأشارت إلى أن شهداء عائلتها، ارتقوا مع شهداء من عائلتي قاسم ومدوخ، وجميعهم اختلطت أشلاؤهم ببعضها البعض أثناء قصف منزل عائلة قاسم.
هذه المجزرة، نجم عنها قبور جماعية، وقبرين لشخصين مجهولَي الهوية، وقبر كله أشلاء، كُتب عليه: "أشلاء عائلة حسونة، ما بنعرف لمين هيا، إذا كانت لجسم واحد، أو لعدة أشخاص. ما ودعناهم، شفناهم بالقبر وبس".
"لقيت حالي طاير في الشارع ورجلي مبتورة، وجميع أفراد عائلتي أصبحوا أشلاء. جميعهم دفنوا مع بعض، ولا أعلم من هم".
ويحدّثنا أشرف السوسي عن ما حدث معه لحظة استهداف منزل عائلته أثناء الإخلاء من شارع النفق بمدينة غزة، ويقول: "لقيت حالي طاير في الشارع ورجلي مبتورة، وجميع أفراد عائلتي أصبحوا أشلاء. جميعهم دفنوا مع بعض، ولا أعلم من هم".
بعد عدة أوامر إخلاء، وعدة مرات نزوح، قررت عائلة السوسي عدم الخروج من المنزل، وفي ثاني أيام عيد الفطر، تمام الساعة الثانية والنصف صباحًا، استُهدف البيت المكون من ثلاثة طوابق، وفيه 190 شخصًا من سكانه والنازحين إليه.
يكمل: "استشهد 10 منهم، بالإضافة لخالاتي وأولادهن، وفقط أنا وزوج خالتي واثنين من أبنائها نجونا".
ويحكي بقهر: "لم أستطع التعرف على أحد. جميعهم كانوا عبارة عن أشلاء، وقررنا دفنهم بالأكوام! كانت رؤوسهم منفصلة وأجسادهم عبارة عن أشلاء".
ويختم أشرف قوله: "شعور صعب أن تدفن جثامين عائلتك أشلاء ولا تعرف من هو والدك، من هي والدتك، وأين إخوانك؟ لم أعرف أحدًا منهم، واليوم، أزور المقبرة، وأدعو لهم بشكل جماعي دون تخصيص الدعوة لأحد، ففي القبر مجموعة أشخاص، وليس شخص واحد".