شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاحد 06 اكتوبر 2024م16:00 بتوقيت القدس

تصف حياة الخيمة: "تقتلني ببطء"

هذه "رئيسة".. وهكذا نزحت من "الشاطئ" على كرسي!

08 يوليو 2024 - 17:11

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

"لم أشعر بالخوف في حياتي مثلما أخاف الآن، ولم أجرب شعور العجز كما خبرته الآن. في هذه الخيمة، كل شيءٍ لا يناسبني" تقول رئيسة أبو جازية بنبرة أسى.

بلسانٍ ثقيلٍ ومفرداتٍ متقطّعة، تحدّثت رئيسة، عن تجربة نزوحها من بيتها في معسكر الشاطئ غربي مدينة غزة إلى دير البلح وسط القطاع على كرسيٍ متحرك، فروت: "أعيش حاليًا في خيمةٍ من شوادر النايلون، الحر شديد، ويصعّب حياة النزوح أكثر، ناهيكم عن فقدان الأدوية الرئيسة، والغذاء الصحي، والمياه النظيفة، وحتى مواد التنظيف".

السيدة المكنّاة أم رائد، هي من ذوات الإعاقة الحركية، مصابة بشلل نصفي جعلها ملازمةً للكرسي المتحرك منذ تعرّضها لحادث قطار في مصر قبل ثلاثين عامًا، بالإضافة إلى إصابتها بأمراض الضغط والسكر والغدّة، وعدّة جلطات جعلت قدرتها على الحديث صعبةً جدًا، وهذا ما جعل ابنتها علا تتولى تفسير كلامها لـ"نوى".

تحدثنا أم رائد وهي أم لثلاثةِ أبناء (رائد، ورامي، وعلا) عن بيتها في المعسكر، "حيث كان كل شيء موجود، وكنتُ أعتمد على نفسي، ولا أخشى من شيء حتى لو خرجت ابنتي علا وتركتني فيه وحيدة لفترة من الوقت" تردف.

تشرح ابنتها علا أن والدتها كانت تعتمد في حياتها على العديد من الأدوات المساعِدة التي تسهّل حركتها داخل بيتها، فهي لديها فرشة طبية هوائية وجهاز تقليب، وجهاز مساعدة على المشي (ووكر) لمساعدتها داخل البيت، إضافة إلى مواءمة دورة المياه بالكامل لحالتها، ما جعل حياتها أسهل، "لكن هنا تبدو الحياة عكس الصورة تمامًا".

في السابع من أكتوبر 2023م، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي الحرب على قطاع غزة، وأجبر سكّان مدينة غزة وشمالها على النزوح إلى جنوبه يوم 13 أكتوبر، لكن عائلة أم رائد أصرّت على البقاء.

نزح أفراد العائلة مرارًا من منطقة إلى أخرى لأكثر من شهر، ثم أجبرهم جيش الاحتلال على النزوح إلى الجنوب عبر حاجزٍ عسكري مقام جنوب شرقي مدينة غزة.

عايشت أم رائد نكسة 1967م طفلةً، لكنها لا تذكر أنها خافت هكذا، حتى في الانتفاضة الأولى عام 1987م، كانت امرأةً قوية وتشاجرت مرارًا مع جنود الاحتلال.

تقول أم رائد: "المنظر مخيف، جنود يوجهون السلاح نحونا، جثث في الطريق، أشخاص مصابون دمهم ينزف، سيارات مقصوفة، ودبابات متمركزة"، واصفةً مشاعرها: "ارتعبت، غمضت عينيا، رفعت ايدي وفيها الهوية، وما قدرت اضل رافعاها، نزّلتها، بس خفت، رجعت رفعتها تاني وأنا موجوعة، ما خفت قبل مثل هيك".

تعدّل علا وضع جلوس والدتها، وتساعدها وهي تواصل حديثها "عندما خرجنا من بيتنا اضطررنا لترك الأدوات المساعِدة، باستثناء الكرسي المتحرّك الذي عجزنا عن استخدامه في التنقل بسبب وعورة الطريق الناتجة عن القصف، واضطروا لحملي بمساعدة أناس آخرين".

عايشت أم رائد نكسة 1967م طفلةً، لكنها لا تذكر أنها خافت هكذا، حتى في الانتفاضة الأولى عام 1987م، كانت امرأةً قوية وتشاجرت مرارًا مع جنود الاحتلال كلما اقتحموا الحي، خاصة عندما حاولوا اعتقال نجلها رائد.

لمّا نزحت أم رائد إلى خيمة، عانت من فقدان احتياجاتها الأساسية، وعدم مواءمة المكان بالكامل لها، وفقدان الخصوصية وأدوات النظافة الشخصية التي ارتفع ثمنها بشكل كبير إن توفّرت أصلًا. تشرح: "حرّ كثير، لا يوجد مروحة، الفرشة مؤلمة، تقرحات في جسمي، الطعام غير مناسب ولا الماء، لا أريد أن أشرب".

تتحدث ابنتها علا عن أن أمها لا تستطيع تحمّل الحر الشديد داخل الخيمة، خاصة أنها لا تتمكن من الحركة مثل الأشخاص العاديين، وتقول: "تنام حاليًا على فرشة غير صحيّة تسببت لها بتقرّحات في جلدها، وهذا زاد الألم عليها، حتى المياه المتوفرة لا تستطيع شربها كونها غير مناسبة، فهي تعتمد على المياه المعدنية التي لا يستطيع أبناءها توفيرها الآن".

تكمل علا: "كنا نعتمد على تغذية صحية بالكامل والآن كل الطعام غير صحي، الفرشة آذتها بشدّة ونحتاج فرشة طبية هوائية تناسب حالتها وجهاز تقليب، كما أن أدوية الضغط والسكر وحتى ادوية الأعصاب الخاصة بها غير متوفرة".

وتطالب ابنتها علا المؤسسات المعنية بذوات الإعاقة، توفير الاحتياجات الأساسية لأمها، خاصةً أن استمرار وجودها داخل مخيم غير موائم، يزيد حالتها سوءًا.

كاريكاتـــــير