شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 10 ديسمبر 2024م00:50 بتوقيت القدس

صحافية رحلت حاملًا برفقة زوجها وطفلها..

وفاء اضبعان.. اشتاقت لأمها فلحقت بها "شهيدة"

06 يوليو 2024 - 19:40

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

لم يكن رحيل أمها عاديًا. لقد تغيّرت حياتها تمامًا بعدما فقدَ قلبها أعظم ركن، وأقوى سند. إنها الصحافية وفاء اضبعان، التي لطالما حكَت عن عناقِ تشتهيه لروحها، لكنها أبدًا لم تتخيل أن يكون قريبًا إلى هذا الحد.

على وسائل التواصل الاجتماعي، لم يمر يوم دون أن ترثي فيه وفاء أمها، وترسل إلى روحها كلماتٍ يغمرها الشوق والحنين. عامٌ كاملٌ من البكاء على دفء البيت وأمانه، كان كفيلًا بتبيان ذلك الحب والتعلّق، كيف لا وهي التي ربّتها "يتيمة" بعد أن توفي والدها وهي في عمر الأربعة أشهر، فصارت لها كل شيء، وكل مكان، وكل زمان.

في السادس من شهر تموز/ يوليو الجاري، استشهدت وفاء وهي حامل، برفقة زوجها الصحفي أمجد جحجوح، وطفلهما الوليد، وعائلة زوجها، بعد قصفٍ إسرائيليٍ استهدف المنزل الذي نزحوا إليه في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

تقول ابنة خالتها لشبكة "نوى": "نزحت وفاء عدة مرات إلى بيوت الأقارب، حتى انتهى بها المطاف في بيت ابنة حماها بالنصيرات". تسكتُ قليلًا قبل أن تكمل: "كان من المفترض أن تزور اليوم شقيقتها وشقيقها في خيامهم، لكن القدر كان أسبق".

ولمن لا يعرف وفاء، فهي ابنة خالد شحدة أبو اضبعان، المولودة في حي التنور بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بتاريخ الثاني عشر من تموز/ يوليو لعام 1996م، لأسرة فلسطينية لاجئة تعود أصولها إلى مدينة بئر السبع المحتلة، لا يفصلها عن استشهادها ويوم ميلادها سوى أسبوعًا واحدًا لتتم في هذه الدنيا 28 عامًا.

كانت وفاء من الأوائل في كل مراحلها الدراسية، وتخرجت من الثانوية العامة بمعدل 97%

تتنهد ابنة خالتها بحسرة، وتمضي في الحديث: "يا حسرتي، ما لحقت تتهنى بطفلها الرضيع".

كانت وفاء من الأوائل في كل مراحلها الدراسية، فدرست الابتدائية في مدارس وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، ثم انتقلت في الصف الرابع الابتدائي إلى مدرسة الصلاح، حتى المرحلة الإعدادية، ثم قضت الثانوية في مدرسة شفا عمرو، وأنهت الثانوية العامة بمعدل 97% في الفرع الأدبي.

التحقت بتخصص الصحافة والإعلام في الجامعة الإسلامية بغزة، وتخرجت الثانية على دفعتها بمعدل امتياز، وقد دفعها حلمها وطموحها لإكمال رسالتها العلمية، والتسجيل للماجستير الذي تخرجت منه بمعدل امتياز أيضًا.

عملت وفاء معيدةً في الجامعة الإسلامية لمدة أربعة شهور، وعملت أيضًا في عدة قنوات محلية، ولم يتوقف قلمها عن الكتابة عن الوضع المأساوي لغزة والنساء والأطفال تحديدًا، فقد نُشر لها العديد من المقالات في المواقع الدولية والأوروبية.

تزوجت وفاء من زميلها الصحفي أمجد جحجوح بتاريخ 10 حزيران/ يونيو 2020م، وأنجبت طفلها الأول في الثالث والعشرين من أيلول/ سبتمبر للعام 2023م، أي قبل أيامٍ من الحرب فقط! أسمته وليد، عاشت معه أشهر الحرب بخوفها ونزوحها، لكنها لم تعلم أنه سيغدو شهيدًا معها ومع أبيه وجنينها المنتظر!

تصف ابنة الخالة وفاء بالقول: "وفاء ملاك يمشي على الأرض، نادرة الوجود، مثابرة، طموحة، حافظة للقرآن ومئات الأحاديث، تحب الجميع، ولم ترد سائلًا يومًا".

تسلل من صوتها خنقة فلم تتمكن من مواراة دموعها وهي تقول: "هي مش بس بنت خالتي، هادي رفيقة دربي وحبيبتي".

كانت وفاء تجهز نفسها برفقة عائلتها للسفر إلى تركيا قبيل بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي. عن ذلك تكمل: "كانت تخطط للسفر أيضًا حتى بعد الحرب، كانت لديها أحلام وحياة بعيدًا عن كل هذا الموت".

وتعقب: "شاء الله أن تسافر لمكان أجمل.. الحمد لله قدّر الله وما شاء فعل".

واستشهد منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 158 صحفيًا، وفق آخر إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

كاريكاتـــــير