شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 23 مايو 2025م21:14 بتوقيت القدس

وإن كُتِب عليه (press)..

ماذا يفعل "درع" في مواجهة صاروخ؟!

25 يونيو 2024 - 15:21

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

هذا التحقيق جزء من "مشروع غزة"، الذي نظمته "فوربيدن ستوريز" وشاركت فيه أريج مع 50 صحفياً وصحفية يمثلون 13 مؤسسة.

"نحن ضحايا على الهواء مباشرة"، كلمات قالها الصحافي سلمان بشير بعدما ألقى بدرع الصحافة (السترة الصحفية) أرضًا وهو ينقل نبأ مقتل زميله في تلفزيون فلسطين، محمد أبو حطب، بغارةٍ إسرائيلية على منزله في خان يونس مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 2023م. 

"لن نرحل.. وسنخرج من غزة إلى السماء وإلى السماء فقط"، كتب الصحفي رشدي السراج، قبل مقتله بغارة إسرائيلية على منزله في تل الهوى غربي غزة، أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2023م، لينضم إلى قائمةٍ مفتوحةٍ من الضحايا الصحافيين.

عندما شنت "إسرائيل" حربها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023م، عقب هجوم "حماس" على منطقة غلاف غزة، انقلبت حياة الصحافيين في القطاع رأسًا على عقب، لتبدأ مرحلة لم يتوقع أحد حينها أنها ستكون تاريخية ومؤلمة، على نحو لم يخطر في بالهم يومًا ما.  

"الأكثر دموية" عبر التاريخ

بالرغم من تباين الإحصائيات الصادرة عن عدة جهات، حول عدد الضحايا في صفوف الصحافيين الفلسطينيين، فإن أقل الأرقام الموثقة تعد قياسية. نقابة الصحافيين الفلسطينيين أحصت مقتل 140 صحافيًا وعاملًا في مجال الإعلام، منذ بدء الحرب حتى تاريخ نشر هذا التحقيق. 

ووثّقت لجنة حماية الصحافيين الدولية (CPJ) مقتل 103 صحافيين وعاملين بمجال الإعلام من الفلسطينيين خلال الحرب الأخيرة في قطاع غزة. وهذا يجعلها الفترة الأكثر دموية بالنسبة للصحافيين في العالم، منذ عام 1992م، عندما بدأت اللجنة بجمع البيانات. 

هذه الأرقام تبدو مرعبة، عند مقارنتها بعدد الصحافيين الذين قتلوا أثناء الحرب العالمية الثانية؛ البالغ عددهم (69) صحافيًا خلال ست سنوات، أو بـ (63) صحافيًا قُتِلوا خلال 14 عامًا في حرب فيتنام. يقول كارلوس مارتينز دي لا سيرنا، مدير البرامج في لجنة حماية الصحافيين الدولية، متحدثًا عن القتلى من الصحافيين الفلسطينيين: "لقد قُتلوا أثناء إعداد الطعام، أو أثناء استراحتهم في خيمة، أو أثناء تغطيتهم لآثار القصف".

شروق أسعد، عضوة الأمانة العامة لنقابة الصحافيين الفلسطينيين، والمتحدثة باسم النقابة، تشير إلى أن أرقام القتلى تمثل عشرة بالمئة من إجمالي عدد الصحافيين في قطاع غزة. وأضافت: "النقابة تعمل على إعداد ملفات قانونية، لتقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية".

وقالت أسعد إن "الصحافيين في كل مكان يجب أن يحظوا بالحماية، بصرف النظر عن البلد الذي يعملون فيه".

من كل صوب وحدب

بالنظر إلى قائمة لجنة حماية الصحافيين، فإن 12 صحافية فلسطينية كانت من بين القتلى العاملين في مجال الصحافة. وقُتلت الغالبية العظمى (89 صحافيًا) في غاراتٍ جوية. وبحسب تحليل البيانات، فقد قُتل 56 صحافيًا أثناء وجودهم في منازلهم، بينهم 49 قُتلوا مع أفرادٍ من عائلاتهم. فيما قُتل 16 صحافيًا أثناء العمل.

العددُ الأكبر من القتلى الصحافيين كان يعمل في شبكة الأقصى الإعلامية، التابعة لحركة حماس، بواقع 19 صحافيًا.

وبحسب تحليلٍ لشركائنا في منظمة (فوربيدن ستوريز) "قصص محظورة"، فإن 17 صحافيًا وعاملًا في مجال الإعلام قُتلوا أو جُرحوا أثناء ارتدائهم سترات صحافية في غزة، أو الضفة الغربية أو جنوبي لبنان. في حين قُتِل أو جُرِح 20 آخرون بطائراتٍ مُسيّرة في غزة.

العددُ الأكبر من القتلى الصحافيين كان يعمل في شبكة الأقصى الإعلامية، التابعة لحركة حماس، بواقع 19 صحافيًا، وفق أرقام لجنة حماية الصحافيين. ردَّ الجيش الإسرائيلي على هذا الرقم بأنه "يستهدف فقط الأهداف العسكرية"، وزعم أن شبكة الأقصى كثيرًا ما تُوظِّف "إرهابيين" على أنهم صحافيون.

في المقابل، ردَّت لجنة حماية الصحافيين، على لسان دي لا سيرنا، بأنها واثقة تمامًا من أن كل اسمٍ مدرج في قائمة القتلى هو صحافي "نعدُّ أنه ما دام الصحافي غير منخرط في التحريض أو أعمال عنف فهو يؤدي عملًا صحافيًا". 

دي لا سيرنا: "الجيش الإسرائيلي معروف باستخدامه "بروباغاندا" تشكك في مصداقية الصحافيين، من دون تقديم أيّ أدلة"

وأضاف دي لا سيرنا: "الجيش الإسرائيلي معروف باستخدامه "بروباغاندا" تشكك في مصداقية الصحافيين، من دون تقديم أيّ أدلة"، موضحًا أنه على مدار 30 عامًا من عمل اللجنة، لم يضطروا إلى حذف أيّ اسمٍ من قائمة القتلى الموثقة، بناء على معلومات أو ردود قدمها الجيش الإسرائيلي. 

تقول آيرين خان، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير في الأمم المتحدة: "إن إسرائيل لم تنجح في تقديم أيّ أدلة بشأن هوية الصحافيين". وتضيف: "لم يكتفِ الإسرائيليون بنشر معلوماتٍ مضلّلة بشأن ارتباط الصحافيين بالمسلحين، بل لم يقدموا أيضًا أدلة كافية على مدى الاحتياطات التي يتخذونها".  

"بتخلونا نلبس الدروع ليش؟"

أخبرنا عشرات الصحفيين، الذين قابلناهم، أنهم مستهدفون. يخشى كثيرون منهم ارتداء الدرع والخوذة. ليس هذا فحسب، بل أصبح الناس من حولهم يخشَون الاقتراب منهم، خوفًا من أن يتمّ استهدافهم أيضًا من قبل الجيش الإسرائيلي. بعضهم لا يتمكن من استئجار منزل أو غرفة، أو الركوب في المواصلات -الصعبة أصلًا- للسبب ذاته. 

ويروي المصور الصحفي، معتز عزايزة، أنه في سبيل الحصول على الإنترنت، كان يضطر إلى الذهاب للمقهى لتحميل موادِّه المصوَّرة، وذات مرة قال له صاحب المكان: "أرجوك لا تأتي إلى هنا"؛ خوفًا من استهداف المقهى بسبب وجود صحفي بداخله، وتابع: "لا نريد أن نُقتَل بسببك".

يقول سامي برهوم، مراسل قناة TRT عربية: "كنا في مهمة بنغطي أنا والزميل المصور.. قصفونا بقذيفة مدفعية بشكل مباشر". قال ذلك عقب قصفٍ تعرض له طاقم القناة بمخيم النصيرات في نيسان/أبريل 2024.

وعلى سرير المستشفى، قال المصور سامي شحادة قبل بتر ساقه: "بتخلونا نلبس الدروع ليش؟ بتخلونا نلبس الخوذ ليش؟ عشان برضو يستهدفونا!".

في حادثةٍ أخرى، يقول مراسل قناة الجزيرة أنس الشريف: "استُهدِفنا مباشرةً بطائرات الاستطلاع"، وذلك في منطقة تل الزعتر شمالي قطاع غزة، أثناء عمله الصحفي. وأشار في حديثه لـ "أريج"، إلى تلقيه تهديدات عبر الهاتف من قبل الجيش الإسرائيلي. 

"صدّقني، الدرع الصحفي لا يوفر حماية، هو فقط لإعلام شعبنا بأننا صحفيون"، يقول معتز عزايزة، الذي تلقّى هو الآخر تهديدات هاتفية من الجيش الإسرائيلي. 

رفعَت منظمة "مراسلون بلا حدود" ثلاث شكاوى إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، "بشأن جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الصحفيين". شملت الشكاوى ملفّات أكثر من 20 صحافيًا/ـةً فلسطينيًا/ـةً قتلهم الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة.

وجاء في بيانٍ للمنظمة: "لدى مراسلون بلا حدود أسباب معقولة للاعتقاد بأن بعض هؤلاء الصحفيين قُتلوا عمدًا، وأن الآخرين كانوا ضحايا هجمات متعمّدة شنّها الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين".

وتقول لجنة حماية الصحافيين إنها تحقق في أكثر من 500 حادثة، تتعلق باستهداف الصحافيين في فلسطين. ويضيف دي لا سيرنا: "لدى اللجنة أدلة على استهداف ثلاثة صحافيين على الأقل، فيما تمتلك اللجنة أدلة قوية على استهداف عشر حالات إضافية".

"السترة الواقية نفسها أصبحت وسيلةً لاستهدافك، أكثر من كونها وسيلةً لحمايتك"، يقول الصحافي عماد غبون، بعد إصابته في منطقة تل الزعتر.

وقبل الحرب على غزة بخمسة أشهر، أصدرت اللجنة تقريرًا -في الذكرى السنوية لمقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة- تحت عنوان: "نمطٌ فتّاك"؛ وثّقت فيه مقتل ما لا يقل عن 18 صحافيًا على أيدي القوات الإسرائيلية، منذ أكثر من 22 سنة. ومع هذا، لم تُوجَّه اتهامات لأيّ أحد، ولم يخضع أحد للمساءلة بشأن هؤلاء، بحسب بيان اللجنة. 

"السترة الواقية نفسها أصبحت وسيلةً لاستهدافك، أكثر من كونها وسيلةً لحمايتك"، يقول الصحافي عماد غبون، بعد إصابته في منطقة تل الزعتر.

"إسرائيل تعرف كل شيء في غزة"

أحصت نقابة الصحافيين الفلسطينيين تدمير "إسرائيل" 73 مكتبًا ومقرًا إعلاميًا -بشكلٍ كليٍ أو جزئيٍ- في قطاع غزة. 

يقول دي لا سيرنا، من لجنة حماية الصحفيين، إن هذه ليست المرة الأولى التي تقصف فيها "إسرائيل" مؤسسات إعلامية خلال الحرب. ففي عام 2021م، قصفت "إسرائيل" برجًا يضم وكالة "أسوشيتد برس" وقناة "الجزيرة".

دي لا سيرنا: "ليس من السهل تصديق تبريرات إسرائيل بأن الهجوم على المؤسسات الإعلامية حدث بالخطأ: إسرائيل تعرف كل شيء في غزة".

ويرى دي لا سيرنا أيضًا أن هذا يُعدّ نمطًا ممنهجًا للجيش الإسرائيلي في استهداف الصحافيين، مضيفًا: "ليس من السهل تصديق تبريرات إسرائيل بأن الهجوم على المؤسسات الإعلامية حدث بالخطأ: إسرائيل تعرف كل شيء في غزة".

في ذات السياق، وثّق تحقيقٌ أجرته "أريج" وشركاؤها، "كذب إسرائيل" في حادثة قصف مدفعي لمقر وكالة الأنباء الفرنسية بغزة، يوم 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2023م. كما حصلنا على تسجيل مصور يوثق قصف مكتب "المجموعة الإعلامية الفلسطينية" في اليوم نفسه، علمًا بأن المكتبين كان لديهما كاميرات تبثُّ صورًا مباشرة على مدار الساعة.

وفي شباط/فبراير 2024م، تمّ تدمير مقر مؤسسة بيت الصحافة، المدعومة من حكومات النرويج وسويسرا، رغم أن إحداثيات الموقع أُرسلت من قبل المانحين إلى الجيش الإسرائيلي. وقبل تدمير المقر في نهاية كانون الثاني/يناير 2024م، أفاد مدير سابق ببيت الصحافة -كان يقيم في مقر المؤسسة بعد تدمير منزله- أنه شاهد دبابة إسرائيلية وهي تطلق النار مباشرةً على المبنى.

الدرون: ترى وتسمع وتقتل 

على مدار الساعة، وحتى قبل الحرب الأخيرة، لا تبرح الطائرات المُسيّرة الإسرائيلية (الزنانة كما يطلق عليها السكان) سماء قطاع غزة، بهدف المراقبة وجمع المعلومات.

فرضية أن مقتل الصحافيين نتيجة طبيعية ومتوقعة للحرب، تدحضها وقائع -جمعناها في هذا التحقيق عبر خبراء وشهادات- تؤكد القدرات التكنولوجية الهائلة لدى الجيش الإسرائيلي، التي تمكّنه من معرفة هوية المُستهَدف بدقة.

يقول خليل ديوان، محامٍ وباحث في استخدام طائرات الدرون بجامعة لندن: "الجيش الإسرائيلي يضرب أهدافه بدرجة عالية من المعرفة بهوية من يقتل"، ويضيف: "الطائرات المُسيّرة تحدد أهدافها بدقة، استنادًا إلى معلومات يتمّ جمعها من الهواتف المحمولة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والبث المباشر، وخاصية تحديد المواقع في حال كانت مفعلة على الهواتف". 

آسا كاشر: "أعتقد أنه إذا تمّ وضع علامة الصحافة بوضوح على جسم الصحفي، فإن مُشغِّل الطائرة المُسيّرة سيراها".

بالطريقة نفسها للحواس التي يتمتع بها الناس، تستطيع الطائرات المُسيّرة أن تسمعَ وترى؛ إذ تحتوي على أجهزة استشعار يمكنها تحديد الأهداف عن طريق نقل البيانات المجمعة إلى محطة أرضية. وتسمح كاميرات الأشعة تحت الحمراء، وأجهزة الاستشعار الكهروضوئية أيضًا بالتأكيد البصري للهدف؛ بشرط أن تكون الظروف الجوية مواتية أو أن تحلق الطائرة المُسيّرة على ارتفاعٍ منخفضٍ بدرجةٍ كافية. 

ويتفق ثلاثة خبراء تحدثنا إليهم، على أن الرؤية تكون واضحة بما يكفي، لكي يتمكن مُشغِّل الطائرة المُسيّرة من رؤية السترة الصحفية. يقول آسا كاشر، الذي صاغ مدونة أخلاقيات الجيش الإسرائيلي لعام 1994م: "أعتقد أنه إذا تمّ وضع علامة الصحافة بوضوح على جسم الصحفي، فإن مُشغِّل الطائرة المُسيّرة سيراها".

من ناحية أخرى، كشف تحقيق نشرته صحيفة نيويورك تايمز في آذار/مارس 2024م، عن أن "إسرائيل" نشرت نهاية عام 2023م، برنامجًا في قطاع غزة للتعرف على الوجوه؛ لإجراء مراقبة جماعية هناك، وجمع وفهرسة وجوه الفلسطينيين، من دون علمهم أو موافقتهم.

 آيرن خان: "هناك تاريخ من إفلات إسرائيل من العقاب في الأراضي المحتلة"

وكشف تحقيق آخر لمجلة 972+ عن أن الجيش الإسرائيلي لجأ إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لتحديد الأهداف، وتوليد قائمة قتل تضم آلاف الأشخاص.

"هناك تاريخ من إفلات إسرائيل من العقاب في الأراضي المحتلة"، تقول آيرين خان، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير في الأمم المتحدة.

الجيش الإسرائيلي يرد

بدوره، رفض الجيش الإسرائيلي ما وصفه بـ "الاتهامات الباطلة بقتل الصحافيين بشكلٍ متعمَّد". وأكد أنه يتخذ جميع الإجراءات الممكنة لتقليل أيّ ضرر يلحق بالمدنيين، بما في ذلك الصحافيين.

وزعم الجيش الإسرائيلي أن "الأضرار التي قد تصيب الصحافيين تحدث أثناء الغارات الجوية أو الأنشطة العملياتية التي تضرب أهدافًا عسكرية".

من بقوا على قيد الحياة

مع استمرار الحرب، حوّل القصف الإسرائيلي تجمعات سكنية بأكملها إلى أنقاض، وانتشرت المجاعة، خاصة شمالي القطاع. وأصبح الصحافيون الفلسطينيون، المحاصرون -إلى جانب سكان غزة- النافذة التي أظهرت للعالم ما يحدث؛ خاصةً مع منع "إسرائيل" وسائل الإعلام الأجنبية من دخول قطاع غزة.

ومع هول ما لحق بالقطاع الصحافي، تمكّنت "أريج" من جمع بيانات من 213 صحافيًا/ـة في قطاع غزة. وكشف الاستطلاع أن 72 من أصل 213 مستجيبًا فقدوا أفرادًا من عائلاتهم، من بينهم 49 مستجيبًا فقدوا أقارب من الدرجة الأولى، في حين أن 11 شخصًا منهم فقدوا واحدًا أو أكثر من أطفالهم. خمسة صحافيين فقد كل منهم 40 فردًا من عائلته أو أكثر. وبلغ إجمالي عدد أفراد الأسرة (الصغيرة والكبيرة) الذين فقدهم جميع الصحافيين المستجيبين للاستطلاع، نحو 661 فردًا.

بالإضافة إلى ذلك، أصيب 59 من أصل 213 صحافيًا/ـة (28 في المئة).

الغالبية العظمى من الصحافيين -ضمن الاستطلاع-  (98 في المئة) تعرضوا للنزوح. وحسب النتائج، فإن نصف الصحافيين نزحوا خمس مرات أو أكثر، بينما نزح أربعة منهم 20 مرة فأكثر.

وأظهر الاستطلاع أن نصف الصحافيين تقريبًا (101 صحفي) يعيشون في خيام. ودُمرت منازل 183 صحافيًا (86 في المئة) بشكل جزئي أو كلي. وفقد 195 منهم معدات يستخدمونها في التغطية الصحافية، وفقد مئة من المُستطلَعين وظائفهم.

مشروع غزة

على مدار أربعة أشهر، عملت "أريج" وشركاؤها -من خلال 50 صحافيًا/ـة يمثلون 13 مؤسسة- على "مشروع غزة"؛ لتقصّي ظروف مقتل وإصابة واعتقال الصحافيين الفلسطينيين في القطاع، وتدمير مقرات مؤسسات إعلامية، إلى جانب رصد المخاطر المستمرة على عمل الصحافيين في الضفة الغربية.

وعلى الرغم من انقطاع الاتصالات، وانعدام إمكانية الوصول إلى داخل القطاع، تحدثنا إلى 120 شاهدًا/ـة في قطاع غزة والضفة الغربية؛ للتحقق من النتائج، باستخدام مصدرين مستقلين أو أكثر، حيثما أمكن ذلك.

قمنا بتحليل أكثر من مئة حالة قتل للصحافيين والعاملين في مجال الإعلام بغزة، بالإضافة إلى حالات أخرى تعرّض فيها العاملون في مجال الصحافة للتهديد أو الإصابة منذ بدء الحرب. 

آيرين خان: "عندما يكون هناك احتمال قوي لارتكاب جريمة حرب، فمن الواضح أن البث المباشر يصبح دليلًا حاسمًا". 

كشفت تحقيقاتنا عن تضليل إسرائيلي في واقعة استهداف مقر وكالة الأنباء الفرنسية بغزة، وحصلنا على فيديو يوثّق لحظة قصف مكتب مؤسسة إعلامية محلية، تقع في الشارع نفسه، وقبل استهداف مقر الوكالة الفرنسية بنصف ساعة.

تقول آيرين خان: "عندما يكون هناك احتمال قوي لارتكاب جريمة حرب، فمن الواضح أن البث المباشر يصبح دليلًا حاسمًا". 

وفي تحقيق آخر، تتبَّعنا أحداث مقتل ثلاثة صحافيين، بعد إنذار الجيش الإسرائيلي سكان عمارة -تضم مكاتب صحفية- بالإخلاء، في حين قُصفت بناية قريبة كان الصحافيون يقفون أمامها للتغطية. 

كما وثّق تحقيقٌ ثالث، حيثيات استهداف مقر "بيت الصحافة"، وقتل المؤسِّسْ بلال جاد الله، بعد مقتل اثنين من رفاقه في غضون أسبوع. 

ويركز تحقيقٌ آخر على استخدام الجيش الإسرائيلي طائرات مُسيّرة في قتل 20 صحافيًا، منهم سبعة كانوا يرتدون السترات الصحفية. 

أما في الضفة الغربية، فكشفَ تحقيقنا عن أدلة دامغة على الاستهداف المتعمد لصحافييْن (اثنين) من قبل قوات الجيش الإسرائيلي في طولكرم، بالاعتماد على تحليل شظايا عُثر عليها داخل الكاميرا، وشهود عيان وخبراء، وتحليل أدلة مصورة (نحو 60 مقطع فيديو، بما في ذلك لقطات حصرية). 

ويتضمن المشروع مجموعة تقارير أنجزتها منظمة "فور بدين ستوريز"، سعت إلى استكمال قصص لم يستطع الصحافيون إتمامها لأسبابٍ مختلفة.

**************************************************************************************************************

ساعد في إعداد هذا التحقيق: 

additional reporting by Ethar AlAzem (ARIJ), Léa Peruchon, Mariana Abreu (Forbidden Stories), Frederik Obemeyer (Paper Trail Media) and Madjid Zerrouky (Le Monde)

 

كاريكاتـــــير