شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاربعاء 01 مايو 2024م05:37 بتوقيت القدس

في استقبال رمضان.. لا زينة هذا العام ولا فانوس

11 مارس 2024 - 12:24

شبكة نوى، فلسطينيات: دعاء شاهين-نوى

كان صوت القصف مرعبًا، أركان البيت اهتزت بفعل قوة الانفجار. قطع الطفل عمر حديثه مع والده حول إمكانية شراء زينةٍ لرمضان مثل الأعوام السابقة، وأسرع إلى حضن والدته التي حاولت تهدئته بوعده شراء الزينة بمجرد انتهاء الحرب.

"هذه أول مرةٍ نستقبل فيها رمضان دون طقوسه المعتادة" تخبرنا أمه، وتكمل: "الحرب لم تترك مكانًا للفرحة في قلوبنا".

اعتادت السيدة الثلاثينية برفقة زوجها، على خلق جوٍ مختلف في كل عام قبل شهر الصيام، بدءًا من تجهيز مستلزمات الشهر من أطعمة وخضراوات ولحوم، وليس انتهاءً بشراء الزينة والأضواء، لكن الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، لم تترك مكانًا لهذه التفاصيل في ظل انعدام المؤونة الغذائية، واستمرار القصف واستهداف المدنيين، والفقد الذي زار كل البيوت، وتبعات النزوح المرعبة إلى المناطق التي ادعى الاحتلال أنها آمنة جنوبي وادي غزة.

تقول لـ"نوى": "تركتُ منزلي رغمًا عني في منتصف أكتوبر، هربًا من قصفٍ طال المنطقة، وأحزمة نارية ضربت مربعات كاملة بالقرب منه. أنا الآن في رفح لا أعرف أخباره، ولا أخبار أيٍ من جيراني الذين بقوا هناك".

 وتضيف: "مشاهد القتل والدمار في كل مكان بغزة، ليس لدينا أي رغبة في ممارسة أي طقوس ونحن نُباد، يقترح عليَّ طفلي شراء الزينة، وأنا أتساءل: أين سأضعها؟ على حائط منزلي المدمر؟ أم سأضعها على جدار الغرفة التي أقيم فيها مع ١٥ فردًا، وبالكاد تكفي لنتحرك فيها".

وجرت العادة أن يتحضّر الغزيون لاستقبال رمضان مودعين الأيام الأخيرة من شعبان بكثيرٍ من الطقوس، فتعج الأسواق الشعبية والمحلات التجارية بالمتجولين، وتتزين المنازل بزينة رمضان، ووتتجهز النساء لترتيب منازلهن، وصنع الحلويات والمأكولات الرمضانية، "لكن الحرب أجبرتهم هذا العام عن الاستغناء عن كل ذلك. والاكتفاء بحمد الله على النجاة حتى هذه اللحظة" تستدرك أم عمر.

بتنهيدة تملؤها الحسرة، عادت إلهام حمد بذاكرتها لأهم طقوس رمضان الغائبة هذا العام، وقالت: "اعتدت بداية رمضان التجول مع صديقاتي بعد نهاية دوامي بالعمل. نذهب لمول كيرفور، ونلتقط صور أجواء رمضان. نشتري التمور، وعصير التمر الهندي والخروب".

تكمل: "كنا نخطط معًا لتجهيز سفرة رمضان، وطبيعة الأكلات التي سنجهزها في الأيام الأولى، وقد اعتدنا تحضير حبات الكبة بكميات وحفظها بالمجمدة مع الكثير من الملوخية المفرومة، وأكياس المانجو والفراولة والرمان الخاصة بالعصائر".

وبالنسبة لإلهام، فإن سفرة رمضان هذا العام ستكون يتيمة، "ستغيب عنها أكلاتنا الشعبية، وستغيب لمة الأحباب، والأهل والأصدقاء، فمنهم من سقط شهيدًا، وأخرون فرّقهم النزوح، وآخرون مصابون".

وعادةً ما كانت إلهام تجتمع مع صديقاتها أحيانًا، ومع أهلها أحيانًا لتناول سفرة رمضان الغزية على شاطىء بحر غزة، في أجواءٍ يغمرها الأمان والمحبة والسعادة، كما كانت تتبادل أطباق الطعام مع جاراتها بالمسكن الذي تقيم فيه برفقة أهلها في حي النصر غرب غزة، قبل نزوحها لرفح جنوبًا، لكن الحرب حرمتها من هذا الدفء -كما تصف- هذا العام.

وبالنسبة لأجواء السحور، فقد كان لها طابع خاص في قطاع غزة، لا سيما طبل المسحراتي، الذي كان يتجول بين الأحياء والأزقة، لكنه قد لا يفعلها هذا العام بسبب القصف المستمر وخطورة الحركة في الظلام وفي ظل الانقطاع التام للكهرباء منذ أكثر من خمسة أشهر.

وسيفتقد السكان في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، خلال رمضان الحالي  المسحراتي أبو سمير عليان  (33 عامًا)، صاحب الصوت العالي المميز، الذي كان يردد الأناشيد ويدق الطبل بغرض إيقاظ الناس للسحور. يقول لـ"نوى": "لقد أصبت بساقي اليسرى، وهذا وحده سيمنعني من الحركة والتنقل بين البيوت للمناداة من أجل السحور".

ويضيف: "القلوب تطفح بالحزن والخوف من الفقد، والقصف والانفجارات في كل مكان، وفي مخيم جياليا تحديدًا نحن صائمون طوال الوقت، ولا نجد طعامًا أو شرابًا، وأمعاؤنا خاوية، فقد لا نحتاج للاستيقاظ من أجل السحور أصلًا"، ملفتًا إلى أن حرب الإبادة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة، دفعتهم لاستقبال رمضان بثقل كبير بسبب ما مروا به من قتل وتدمير وتجويع وقصف لا يتوقف عن مدينتهم المنكوبة.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير