شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 03 مايو 2024م14:44 بتوقيت القدس

أشجارٌ معمّرة و"ذكريات" تحترق تحت أرغفة الخبز بغزة

30 نوفمبر 2023 - 08:10
رشا ابو جلال

شبكة نوى، فلسطينيات: غزة- رشا أبو جلال

أمسكت أم سلام أبو دقة (48 عامًا) من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة فأسها، وبدأت بضرب جذع شجرة الليمون التي زرعتها في ساحة منزلها منذ كانت صبيةً صغيرةً بسخط.

تقول أبو دقة لـ"نوى": "لقد زرعتُ هذه الشجرة منذ تزوجت، لكني الآن مضطرة لقطعها من أجل الحصول على الحطب لإشعال النار من أجل إعداد الطعام وطهي الخبز".

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، منعت "إسرائيل" إدخال غاز الطهي والوقود، إلى جانب قطع المياه والكهرباء، ما خلق مأساة إنسانية لم يعرف الجيل الفلسطيني الحديث مثيلًا لها.

تستذكر أم سلام بعدما أعطت الفأس لابنها كي يكمل تقطيع الأغصان الضخمة، كيف كانت هذه الشجرة جزءًا من العائلة، إذ كانت توفر لهم احتياجهم من الليمون، خاصةً في فصل الشتاء، "وعندما أنجبت أبنائي، كانت الشجرة حضنًا لهم، فدرسوا تحت ظلها، ولعبوا ولهوا بين فروعها وأغصانها" تقول.

وتابعت: "لا خيار آخر أمامي. أصبح الحطب عملة نادرة في قطاع غزة، وبات ثمنه الآن ثلاثة أضعاف ثمنه قبل الحرب، لذلك اندفع الناس لقطع أشجارهم التي زرعوها قبل سنوات ليستفيدوا من حطبها في توفير طعام أبنائهم".

وأشارت إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه الناس الآن هو توفير الخبز، خاصةً بعدما أغلقت معظم المخابز في قطاع غزة أبوابها بسبب عدم توفر الوقود وغاز الطهي، وقصف عدد آخر منها.

وسمحت إسرائيل في ٢٤ نوفمبر الجاري ولأول مرة منذ بدء حربها، بإدخال 4 شاحنات تحمل غاز الطهي إلى قطاع غزة، "ولكنها كمية ضئيلة للغاية لا تكفي لسد جزء بسيط من حاجة السكان من الغاز" تعقب.

قطع الأشجار من أجل الحصول على حطبها أصبحت ظاهرة مأساوية خلفتها هذه الحرب. بعض المواطنين قطعوا أشجارًا تبلغ أعمارها عدة عقود، بالإضافة لأشجار الظل والزينة التي زرعتها البلديات في جزر الشوارع، لا سيما شجر السرو والكينيا.

وهذا ما فعله الشاب محمد الذي رفض ذكر اسم عائلته، إذ اضطر لقطع شجرة كينيا مزروعة في جزيرة شارعهم في مدينة رفح، من أجل استخدام حطبها لصنع الخبز وإعداد الطعام.

يقول لـ"نوى": "كانت هذه الشجرة ظليلة، لكننا الآن نريدها أن توفر لنا الحطب. أأسف لقطعها حقًا".

وأوضح أن ثمن كيلو الحطب صار يتراوح بين شيكلين وسبعة شواكل، بعد أن كان سعره في السابق شيكلًا واحدًا فقط".

وأشار محمد إلى أن الحرب حولت نظام البلد إلى فوضى كبيرة، "في ظل غياب أي جهات رسمية لضبط الأوضاع أو لتوفير احتياجات المواطنين، ما جعل الناس يسلكون طرقهم الخاصة من أجل توفير احتياجاتهم من الغذاء والماء وخلافه".

وعمد مواطنون إلى قطع أشجار الزيتون والتين في أراضٍ زراعية تعود لأشخاص آخرين دون إذنٍ منهم، ودون حسيب أو رقيب، وكل ذلك تحت مبرر الحاجة إلى صنع الخبز.

واعتمد الفلسطينيون على عدة بدائل، وابتكروا معدّات من أجل إشعال النار لصنع طعامهم، فصنعوا مواقد خاصة لصنع الخبز، يقوم تشغيلها على مواد مختلفة كوقود بديلًا عن الغاز، مثل حطب الأشجار وزيت الطهي، والفحم.

كما عادت صناعة أفران الطينة التي تعتمد على الحطب إلى الواجهة مجددًا، بعد أن وأدتها مظاهر التحضر وجعلتها من الماضي.

وتصنع السيدة خديجة قشطة (٤١ عامًا) برفقة زوجها جمال قشطة يوميًا ٦ أفران من الطين. يبيعانها للمواطنين الذين يستخدمونها في صنع طعامهم.

تقول لـ"نوى": "إن اعتماد الناس على الحطب أعاد أفران الطينة إلى الحضور مجددًا".

وبينت أن هذه الأفران حلت مشكلة انقطاع غاز الطهي إلى حد كبير، ولكنها ساهمت بشكل أكبر في اتساع ظاهرة قطع الأشجار المعمرة، كونها تعتمد في تشغيلها على الحطب.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير