شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 30 ابريل 2024م16:50 بتوقيت القدس

وانزاحت "غُمّة الغياب".. مبعدٌ إلى غزة يلتقي أمّه

10 يوليو 2023 - 09:19

قطاع غزة:

رتّب أحمد هندامه، وارتدى أطفاله أحلى الملابس. اليوم عيدهم وحدهم، واليوم يكتمل الفرح. ركبوا السيارة ورفعوا صوت أناشيد الفرح، والضحكات. اليوم سيلتقي والدهم أمه بعد 10 سنواتٍ من الإبعاد القسري في غزة.. عن الأسير المحرر أحمد جواد نتحدّث.

هو ابن قرية "برقين" قضاء جنين شمالي الضفة الغربية، وقد اعتقلته قوات الاحتلال على خلفية عمليةٍ فدائية نُفّذت هناك، وحكم عليه بالسجن لمدة 20 عامًا، قضى منها 9 أعوام، قبل أن يُفرج عنه  ضمن صفقة "وفاء الأحرار" التي أُبرمت بين حركة حماس و"إسرائيل" عام 2011م.

كان شرط الإفراج عنه الإبعاد إلى غزة، وعلى هذا بدأ حياته الجديدة هنا. حُرم من عائلته في جنين ليبني أسرةً جديدةً هنا، بعيدًا عن مسقط رأسه ودفء يد أمه. يقول: "يعاقبنا الاحتلال بمنعنا من الالتقاء بأهالينا وزيارة مدننا، لكنه أبدًا لن يكسر عزيمتنا وأملنا بلم شملنا مرّة ثانية".

خلال طريقه إلى معبر رفح جنوبي القطاع، حيث والديه على بُعد خُطى، سجّل لنفسه مقطع فيديو وبدأ بالحديث عن سنواتٍ ثقالٍ بالحزن وآلام الغياب. قال: "أبنائي لم يلتقوا بأهلي قط، بل غابت عنهم كل تفاصيل ود العائلة، والسبب كما هو معتاد.. الاحتلال".

عقدٌ من الفقد، لم يعرف أطفاله الخمسة خلاله معنى العيش بين أحضان الأجداد. لم يولدوا على أياديهم، ولم يحضروا حفل بلوغهم الأسبوع من العمر "وأحلى الطقوس الفلسطينية حين يُحمم المولود جدته، بينما تُغني العمات له، وجدّه يوزع الحلوى على الناس ويرحب بالمهنئين".

ربّما للمرة الأولى يشعر الرجل أن غزة كبيرة إلى هذه الحد، بدت الطريق طويلةً والوقت لا يمر! كيف سيكون اللقاء الأول؟ هل سأتحمل ألا أبكي؟ من سيهدي أمي الورد أولًا من بين أبنائي؟ هل تكون ردود أفعالهم كما لو كانوا عرفوهم سابقًا؟ إنها أسئلة أحمد التي أفرج عنها ليخبر الناس بها في ذلك الفيديو القصير.. أسئلة مبكية، يحاصرها الغموض، لكنه يدرك أن إجاباتها بالتأكيد ستكون عفويةً على قدر الشوق.

وأمّا اللقاء؟ راح يركض فيه أحمد كطفل صغير في حضن أمه. باكيًا. ضاحكًا. لا يريد إفلاتها، ومن حوله الصغار يحملون الورود لجدتهم وجدهم.

ضمّها إلى صدره، وأطبقت هي يديها على كتفيه أكثر. أخذ الأب يرقب الموقف ويبكي في انتظار دوره! إنه أحمد، وإنهم أطفاله، وإنه الحرمان الذي ضرب القلوب على مدار 10 سنوات. ليلةً بلية ويومًا بيوم، وساعةً بساعة.

كاريكاتـــــير