غزة:
"نحن نساء صامداتٌ وقادراتٌ على تحدي الواقع"، كل زاويةٍ في معرض "منتجات نسائنا 17" توحي بذلك. وكأن الواقفات خلف منتجاتهن هناك، يخبرنك بابتساماتهن أن النجاح مُثابرة، وأن الفرصة لا تزور قاعدًا أبدًا.
في منتجع الشاليهات على شاطئ بحر مدينة غزة، نظم مركز شؤون المرأة معرضه السنوي السابع عشر، أمس، ليضم 80 مشروعًا رياديًا لنساء من قطاع غزة، قررن تحدّي ظروف الفقر والحصار والبطالة، وتجسيد قوة التحدي والمثابرة في أبهى صورة، على هيئة "جمالٍ" صنعنه بأيديهن.
ما بين التطريز، والحفر على الخشب، وتصنيع مستحضرات التجميل بمواد طبيعية، والمواد الغذائية، والمشاريع الزراعية التي جسّدت الركن الأخضر الصديق للبيئة؛ تنوّعت زوايا المعرض الذي أمّه الآلاف من المواطنين وممثلي المؤسسات الرسمية والأهلية.
في زاوية تصنيع المستحضرات الطبيعية، تقف الريادية وسام السدودي صاحبة مشروع "أريج" للمستحضرات الطبيعية الذي تديره منذ سنوات، بعد تجربةٍ استمرت 23 عامًا. تعرض مجموعة من مستحضرات العناية بالشعر والبشرة التي صنعتها بنفسها.
وسام التي تزوجت مبكّرًا، وأنجبت 7 أبناء، لم تنسَ موهبتها، وشغفها بمكونات الطبيعة الأم، وهذا ما دفعها للعودة من أجل استثمار ذلك في صناعة أغراض تجميلية أساسية، فتلقت العديد من الدورات التدريبية حتى أتقنت مهنتها تمامًا.
تحدث وسام أحد الزبائن عن فوائد بلسم الشعر وصابون البشرة، المصنوعين بالكامل من مواد طبيعية، وتدهشه بسعرهما القريب جدًا من أسعار المنتجات الصناعية، "وهذا ما جعله يقتنع بأن هذا هو الخيار الصحيح".
تقول: "بدأت تجربتي في مجال صنع المنظفات وبيعها، ثم حصلتُ على تدريبات مكثفة حول تصنيع مستحضرات طبيعية، فافتتحت مشروعي الخاص، ورخّصته رسميًا من قبل وزارة الاقتصاد، وباشرت التوزيع (..) تلقيت لاحقًا تدريبًا حول دراسة الجدوى بمركز شؤون المرأة، وشاركت في المعرض السابق، وها أنا ذا اليوم موجودة أيضًا".
وتجزم وسام أن المشاركة في مثل هذه المعارض مهمة جدًا لصاحبات المشاريع الصغيرة، اللواتي يجدن فيها فرصةً للتسويق والبيع، مضيفةً: "نطمح إلى أن تكون هذه المعارض أكثر من مرة في السنة، وأن تتم مساعدتنا في التسويق الخارجي".
إسلام الخالدي أيضًا، صحفية حالت ظروف جائحة كورونا عام 2020م بينها وبين مواصلة عملها بسبب الظروف الاقتصادية القاسية التي عصفت بالمؤسسات الإعلامية، فباتت بحاجة إلى التفكير سريعًا في خيار بديل، فكانت فكرة "مطبخ فتفوتة".
تقول إسلام التي انتهت لتوّها من بيع جميع المأكولات التي وضعتها على الطاولة بعد الإقبال الكبير من الزبائن: "كالكثيرات خلال جائحة كورونا فقدت عملي، ومن خلال صفحتي في (فيس بوك)، طرحتُ فكرة المشروع التي أيدني بها الكثيرون ممن كانوا أول الزبائن والداعمين".
سرعان ما ذاع صيت إسلام التي تلقت العديد من الطلبات عبر صفحتها، ومن ضمنها طلبات لمركز شؤون المرأة نفسه، الذي وفر لها لاحقًا فرصة المشاركة في المعرض.
تكمل: "راضية بشدة عن مشاركتي، وخاصةً في ظل الإقبال الكبير من الزبائن الذي أتاح لي فرصة المواصلة، كونه عبارة عن جهد إعلامي وتسويقي كبيرين".
وتشارك في المعرض نساء رياديات من ربات بيوت، وخريجات جامعيات متعطّلات عن العمل وجدن في المشاريع الخاصة فرصة لهن، ونساء ناجيات من العنف المبني على النوع الاجتماعي.
في افتتاح المعرض، أشارت مديرة المركز آمال صيام إلى أنه كان يفترض أن يبدأ في العاشر من مايو الماضي، لولا ظروف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة آنذاك، مؤكدةً إيمان المركز بأن تلك الظروف يجب أن تكون دافعًا للاستمرار لا للتوقف، "لأن تمكين المرأة اقتصاديًا هو الطريق لتمكينها سياسيًا واجتماعيًا وتعزيز مشاركتها في كافة مجالات الحياة خاصةً دورها الاقتصادي، وتمكينها من دخول سوق العمل، وضمان تحقيق العدالة والمساواة في فرص العمل باعتبارها شريكًا في عملية التنمية" تقول.
من جانبها قالت ريم النيرب، منسقة برنامج التمكين الاقتصادي بالمركز: "يجسّد المعرض رؤية وأهداف المركز المتمثلة في دعم وتمكين النساء الفلسطينيات، ومساعدتهن في الدخول إلى سوق العمل من خلال عرض منتجاتهن، حيث يسعى المركز إلى تسويق المنتجات داخل قطاع غزة وخارجه من خلال المتجر الإلكتروني الذي يتضمن كافة البيانات المتعلقة بالمنتجات، التي تسهّل عملية التسويق على النساء".
وتابعت: "عمل المركز سابقًا على عقد اجتماعات مع هؤلاء النسوة، وقدم لهن إرشادات تدريبية حول كيفية استقبال الزبائن والتعامل معهم والتسويق للمنتج والإقناع به، وضرورة استخدام القفازات خاصة للمنتجات الغذائية، إضافة إلى منح مساحة مناسبة لكل سيدة لعرض مشروعها بشكل مريح، وهذا ساعد أكثر على الترويج للمنتجات وتسويقها"، ملفتةً إلى أن نسبة الإقبال يوم أمس كانت ممتازة، وتحقق رضا المشاركات.
وكان مركز شؤون المرأة عقد في مرحلة سبقت المعرض دورات تدريبية للنساء حول دراسة الجدوى للمشاريع، وآلية تسويقها، ما جعل قدرتهن على العمل أكثر مهنية، إلى جانب نجاح المركز في التشبيك مع جهات يمكنها المساهمة في تسهيل عمل صاحبات المشاريع مثل البنوك التي يمكنها تسهيل توفير حسابات بنكية وقروض ميسرة، وبعض الشركات، والاتحاد الفلسطيني للصناعات الفلسطينية، عبر دعوة النساء للانضمام إلى منتدى النساء الصناعيات، والبلديات التي ستوفر دعمًا قانونيًا، توضح النيرب.
وتختم: "طالبت كثيرات من النساء بفرصةٍ للتسويق الخارجي، وهذا يعدّ أولوية لمركز شؤون المرأة الذي بدأ عمله قديمًا بعقد المعرض في الضفة الغربية، ولكن ظروف الحصار الممتد منذ 17 عامًا تحول اليوم دون ذلك"، مشددةً على أن تحقيق الوصول هو أولوية بالنسبة لمركز شؤون المرأة، الذي عمل دومًا على تعزيز المشاركة الاقتصادية للنساء، ودعم منتجاتهن.