شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 19 مارس 2024م04:49 بتوقيت القدس

نيران "إسرائيل" تلاحق "محمد الزغيّر".. لقد وَصَلَت قلب والده

01 يونيو 2023 - 11:09

الخليل:

اسمه محمّد، كان قمحيَّ البشرة مرتب الهندام، يحب الحياة، ويضحكُ ما استطاع إلى ذلك سبيلًا. ينظر إلى مساحة الفرح من منظور طفلٍ صغير، يلعب الكرة أمام باب بيته في مدينة الخليل! ولا يحلم بأكثر من مصروفه لثاني يوم، يشتري فيه حلوى الجيلي وعلبة عصير.

انقلب كل شيءٍ فجأة. الحياة صارت بلا لونٍ يومَ أصابه صاروخٌ إسرائيلي قيل "إنه أطلق بالخطأ"، وكان ابن تسع سنوات. مكثَ بعدها غائبًا عن الوعي ثمانية أشهر قبل أن يصحو شخصًا آخر لم تعرفه مرآته. طفلٌ بحروقٍ في جسده فاقت نسبتها 90%، يحمل في قلبه مأساةً وقهرًا. 

حدث ذلك عام 2000م، واليوم كبُر محمد! شابٌ لا يشبه ما تخيلته أمه يوم ولدته. بجسدٍ هزيل مكتظٍ بالتشوهات، وأطرافٍ مطموسة الملامح. كأن النار التهمت قلبه لا جسده.

بالقرب منه يجلس والده أمين الزغير، ويتمتم: "رأيته كتلة لهب مشتعلة ينادي الله كي ينقذه"، متساءلًا: "هل تفهمون معنى اغتيال الطفولة؟ هذا ما حدث مع محمد بالضبط". في فلسطين كل يومٍ قصة، وتحت الاحتلال لا تغتال الطفولة وحدها، بل تغتال معها الأحلام والأمنيات وخطط المستقبل، ودعوات الأمهات أيضًا.

يقول الرجل: "لم يعش ابني طفولته، بل يعيش أحلك ظروف يمكن أن تمر على إنسان. لقد أجرى أكثر من 100 عملية جراحية حتى اليوم"، ومع ذلك، لا يستطيع بسبب ظرفه الصحي توفير أدنى فرصة للعيش. يحب مرافقة والده إلى العمل في غير أيام العلاج.

ورغم أنه تزوج وأنجب أربعة أطفال، إلا أنه لا يزال يحب اللعب كطفلٍ لم تمسّه شظايا صاروخٍ ولا نيرانه.

مأساة محمد لم تنتهِ إلى حد الإصابة، بل تفاقمت مع انتزاعه من بين أفراد أسرته من قبل جنود الاحتلال، الذين اقتحموا منزله في التاسع من مايو/أيار الماضي بغرض اعتقاله.

يتابع أمين: "ضربوه لأنه لم يستطع ركوب الجيب العسكري. صار يبكي من شدة الألم بينما نحن عاجزون عن فعل شيءٍ لإنقاذه من بين أيديهم".

أُخضع الشاب للتحقيق مباشرةً لدى الاحتلال، وقد رفضت المحكمة العسكرية الإفراج عنه رغم صعوبة وضعه الصحي بعد عشرة أيام على اعتقاله، ثم مددت توقيفه إلى الثالث عشر من الشهر الجاري، وسط ظروف قاسية تمر عليه هناك، وعلى أطفاله وزوجته هنا.

يفكر الأب بمحمد، ويتساءل: "كيف يقاوم الحر في سجون الاحتلال؟ كيف يأكل ويشرب؟ إنه لا يتعمل حرارة الجو في المنزل، كيف يمضي يومه وهو يعيش بيننا يوم في البيت ويوم في المشفى؟ هل يأخذ أدويته هناك؟، هل يجد من يخفف ألمه ولو بشكل معنوي؟!". تعب الرجل من كثرة التفكير، لكنه يقول "لن أمل من الدعاء له بالفرج القريب، فمحمد لاقى ما يكفيه من العذاب والوجع".  

كاريكاتـــــير