شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م23:29 بتوقيت القدس

زنّار.. التراث والحداثة في غرزة وثوب

23 مايو 2023 - 12:55

خانيونس : 

تتجول الشابتان أمل وإيمان العبادسة داخل معرض "زنّار" الخاص بمنتجاتهن من الأزياء التراثية التي صُنعت بتصاميم عصرية فريدة، ليكون بذلك المشروع الأول من نوعه على مستوى قطاع غزة!

ويختص "زنّار" بصناعة وتأجير الفساتين والأثواب وبذلات الزفاف المطرّزة بطريقة التراث الفلسطيني، لتنافس الشابتان في مشروعهن العائلي محلات تأجير فساتين الزفاف وبُدَلْ العرائس الحديثة المنتشرة بكثرة في القطاع، وتشهدان إقبالًا لافتًا من الشابات.

بحيوية ونشاط، تقف أمل قبالة مرآة لتشد "زنّار" ثوبها المطرّز الذي يجمع مزيجًا من ألوان الفرح المنسوجة بغرز التطريز، لتبدو بهيّة كرائحة "البلاد" استعدادًا للظهور على شاشة فضائية للحديث عن مشروعها الذي يصدّر ملامح الحفلات الفلسطينية بصورة تجمع بهاء التراث بأزياء العصر، لتبرز بهيئتها رمزية الهوية الفلسطينية التي يحتضنها المشروع كما كل القطع المنتشرة في المعرض.

تقول أمل في مقابلة مع نوى: "أردنا في مشروعنا جعل الزي الفلسطيني التراثي منتشرًا بين الناس خلال مناسباتهم الاجتماعية من خلال تطريز المنتجات العصرية بالغرزة التقليدية، كل شيء هنا يحمل بصمة الهوية الفلسطينية حتى اسم المكان".

و"الزّنار" هو الحِزام الذي يجميع بين النساء والرجال، فهو يزين وسط الثوب الفلسطيني للنساء، ويُلف وسط اللباس التقليدي للرجال، وهو أيضًا رمزٌ يجمع بين المسلمين والمسيحيين، تقول أمل.

وتتنوع الغرز التي تُطرّز بها منتجات "زنّار" ما بين اليدوية القديمة وغرز الماكنة الحديثة التي تحاكي الغُرزة التراثية، بحيث تنتج أشكالًا متعددة من الغرز، مثل التصليبة، المد، التسنين، السنسال، اللف، التشبيبة، الزجزاج، والقصب، كما تشرح أمل التي تتمنى أن تساعد منتجاتها في تعريف الناس على الأنواع والحكاية التراثية المحيطة بكل نقشة.

أما شقيقتها إيمان، فقد عادت إلى بداية تأسيسهن للمشروع حيث روت لنوى: "استقطبنا عددًا من العاملات الحاصلات على تدريبات مهنية في مجال التطريز، وذلك بعد التواصل مع عدد من النساء اللواتي يتقنّ هذا الفن اليدوي، للاطلاع على نماذج من مشغولاتهن".

انتقت الشابتان (10) عاملاتٍ بالتطريز للتعاقد معهم من أجل الاستمرار في العمل، وتم تسليمهن قطعٍ للعمل عليها ومتابعتهن وجاهيًا وإلكترونيًا للتأكد من حداثة وجودة التصميم كما توضح أمل، وتم طرح نماذج من مخرجاتهن أمام الطلبات الخارجية.

تكمل أمل:" نحصر على زيادة عدد العاملات في المشروع، لتوفير فرص عمل أكثر مرتبطة بهذا النشاط التسويقي الذي يعدّ حديثًا في قطاع غزة، ونوفرّ الكثير من الطلبات ونسعى لتلبيتها بأسعار مناسبة".

عودة إلى أمل التي تحدثت عن الهوية البصرية لمشروعهن، فقد تم انتقاء الشعار بتصميم يجمع بين البساطة والدلالة، فالزاوية الحادّة تشبه غرزة التطريز ( (Xووقع الخَيار على اللون الأخضر كخلفية للتصميم لارتباطه بالأرض، مضيفة :"الهوية البصرية هو عملية فكرية احتجنا شهرًا كاملًا لإنجازها بكافة تفاصيلها".

وأضافت أمل: "حرصنا في العائلة على توظيف الرموز الثقافية حتى في الإعلانات غير الاعتيادية الخاصة بالمعرض، حيث كانت المقتنيات الفلسطينية العنصر الأساسي فيها بدءًا من الفخار، والزيتون كرمز للحضارة، والأرض، والحِنّاء الفلسطينية المرتبطة بالعروس والزينة التقليدية لشعبنا".

أبرز التحديات التي واجهت المشروع كما توجزها أمل هي كيفية تقديم نموذج من اللباس الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، بلمسة إبداعية مُقنعة للفتيات تمنح إطلالتهم الألق، وتنشر بينهم ثقافة القدماء في إحياء المناسبات، إلى جانب تحدي النمط الغربي الذي تخلل الغزو الثقافي لمجتمعنا، وطال أفراحه.

وحول دعم المشروع تقول أمل: "ليس سهلًا افتتاح مشروع بلا دعم، وعائلتي كانت على ذات الموجة من الإيمان بالفكرة وحب التراث، الأمر الذي سرّع إنجاز "زنار، بعد عامٍ ونصف من التعاون العائلي".

والد أمل كان أبرز داعميها لما يحمله من إيمان بالقضية الفلسطينية وبضرورة تصدير عناصر الهوية الوطنية للجمهور، لإعلان الوجود الفلسطيني والتمسك بنقش اللباس الذي يروي قصة القرى والمدن الفلسطينية من خلال ثيابها المحفوظة بالحياكة.

وأجادت الشابتان استثمار مواقع التواصل الاجتماعي للتسويق لمعرضهن، ومكّنتهن من خلال صفحة خاصة بالمشروع من الوصول لأكبر عدد ممكن من الزبائن، خاصة خارج قطاع غزة، مضيفة: "كما أفادتني كأداة داخلية للمشروع خلال بحثي عن آليات التطوير وآفاقه".

وتحدثت أمل أن رسالة المشروع هي دعوة الشباب لصناعة الفرصة والانطلاق للمنافسة بجودة الأعمال التي يقدموها في كل الميادين، دون انتظار حدود وظيفة قد لا تأتي أبدًا، وهي دعوة للنساء أيضًا لاقتحام سوق العمل في كل مجالاته، فـ"زنّار" هو مشروع نسوي خالص، وحفظ التراث هو إحدى سبل المقاومة.

فالثقافة حسب أمل هي جزء أصيل من الصراع مع المحتل، وزنار يقاوم من خلال حفظ التراث من السرقة، بإحياء المراسم التقليدية للفرحة الفلسطينية والتي أنعشها أهالي الضفة الغربية في العشرية الأخيرة، وأرادت أسرة زنار نقل التجربة إلى قطاع غزة، حيث لاقت تفاعلًا وإقبالًا كبيرين.

وتتطلع الأختان أمل وإيمان إلى أن يصبح زنار دارًا للأزياء الفلسطينية بلمسة تراثية عصرية، وبصدى، يصل لكل أرجاء الوطن العربي؛ من أجل إحياء الثقافة الفلسطينية عبر الزي التراثي، بصورة تدفعهم للتطوير، وتلبية كل ما تحتاجه العروس الفلسطينية من مشغولات، وتوزيعات، للمناسبات المختلفة، كجزء من الطموح.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير