شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم السبت 03 يونيو 2023م05:16 بتوقيت القدس

نور إرشي..

بطلة "تيكتوك".. على كرسيٍ متحرّك غيّرت معنى "الإعاقة"  

13 مارس 2023 - 08:53

قطاع غزة:

"ليس ذنبًا اقترفتُهُ وعليّ دفع ثمنه" تقول نور إرشي وهي تشير إلى عجلات كُرسيِّها المتحرك. "لقد وُلدتُ بإعاقة، وعِشتُ بها، وتعايشت. قررتُ أن أمضي بقوة فأنا لا ينقصني شيء" تضيف.

"نور هنا" كما تحب أن تذكر نفسها دائمًا. تمارسُ دورها في الحياة على أكمل وجه، وتنطلق على كرسيها برشاقةٍ لتحقق مصيرها، وتغير نظرة المجتمع تجاه الأشخاص من ذوي الإعاقة. "لدي شغف بإعداد المأكولات، والحلويات، ومن هنا كانت البداية" تزيد.

حسنًا، تبدو قصة "البطلة" نور إرشي وفق وصف متابعيها مثيرة! هي ابنة مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وتبلغ من العمر (29 عامًا). درست الإعلام، وتخصصت بمجال الإذاعة والتلفزيون، لكن الحظ لم يحالفها بإيجاد فرصة عمل، "ربّما لأنني من ذوي الإعاقة؟" تتساءل.

ولدت نور بـ "تشوّه خلقي" نتيجة استنشاق أمها أحد الغازات السامة التي رشها الاحتلال خلال تصعيد عسكري بينما كانت تحملها في أحشائها، إذ خُلِقت بـ "أرجلٍ مربعة" لا تستطيع الوقوف على قدميها. وبعد رحلةٍ قاسيةٍ وطويلة من العلاج والعمليات الجراحية، بقيت نور على حالها، لكن طموحها كان في كل يومٍ يكبُرُ أكثر.

تقول: "لم أستطع الاندماج مع المجتمع منذ صغري. ذوو الإعاقة هنا محرومون من حقوقهم، ولعل هذا كان سبب اختياري لدراسة الإعلام"، وتستدرك: "نعم اخترته لإيصال صوتي!".

هنا يمكن أن نقول أن هذا حدث بالفعل، وصلت صوت نور، وشاع اسمها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأشهرها "تيك توك"، عندما قررت أن تغير النظرة تجاه قدرات ذوي الإعاقة، وتثبت أنها مثل غيرها من الأصحاء قادرة على إنجاز كل شيء.

مقاطع فيديو مختلفة، من ترتيب البيت، إلى كنسه، إلى إبعاد الأرائك، إلى الطبخ.. كلها تنفذها بإتقانٍ كامل. ومقاطع أخرى تحكي فيها كيف تمارس حياتها منذ لحظة الاستيقاظ مع فنجانٍ من القهوة تخترق رائحته شاشات متابعيها، إلى تجهيز طعام الفطور، ثم القيام بأصعب المهام المنزلية، بطريقةٍ مذهلة، وخفّة، وكأنها نحلة تمدّ الناس بطاقة "حلوة" وإيجابية.

وبالطبع، في زمن "السوشال ميديا" كما يسهل إيصال الصوت، تسهل ممارسة القمع والتنمر! إذ لم تسلم إرشي من هذه التحديات فواجهتها تعليقات "عنيفة"، حتى في استغرابهم من تعايشها مع كرسيها المتحرك الذي لا تجده عائقًا أمام أي شيء.

تواصل: "قالوا لي أنت تكذبين، قالوا تمثلين، قالوا إن ليس لديكِ إعاقة، وكل ما تفعليه لاستعطاف الناس. كيف تحركين قدميكِ؟ أنتِ تضحكين على الناس، والكثير من التنمر بطريقة بشعة".

رغم ذلك، ترى الأمر "طبيعيًا" ومتوقعًا، فمجرد خروج الفتاة على مواقع التواصل، يعني أن تواجَهَ بالقمع من بعض المتابعين، فكيف إذا كانت من ذوي الإعاقة؟ "ستكون ردة الفعل مضاعفة" تتابع، لكن نور حاولت قدر استطاعتها مواجهتهم بالخروج عبر البث المباشر، كنوعٍ من "الإقناع" بعدم منطقية كذبها بحالتها هذه.

لكن التحدي الأكبر الذي تعدُّ نفسها اجتازته حقًا، كان أنها استطاعت -ولو بصورةٍ نسبية- تغيير نمطية التفكير إزاء الفتيات ذوات الإعاقة، معقبة: "البعض يرى أنه ليس بمقدورنا الإنجاز، ولا الزواج، ولا التعلُّم، ولا نستطيع الاندماج وهذا خاطئ"!

تفرح نور عندما تصلها رسالة من فتاة تشكرها على دعمها بخروجها في "فيسبوك" و"تيكتوك"، على إثبات ذاتها والاعتماد على نفسها، ومن هنا تنصح كل الفتيات من ذوات الإعاقة، بممارسة كل حقوقهن دون الاكتراث لمحاولات القمع البشعة، التي تمارسها فئة من الناس غرضها فقط التقليل من شأنهن".

نور تحلم بأن تصبح مذيعةً في يومٍ ما، من فوق كرسيها المتحرّك تنطق باسم كل الأشخاص ذوي الإعاقة وتحديدًا الفتيات، وتتمنى لو تكون نموذجًا ملهمًا يُغيّر ولو بأقل القليل في حياة أي إنسان يحتاج لهذه الدَّفعة في الحياة.

 

كاريكاتـــــير