شبكة نوى، فلسطينيات: على أحد مدرجات باب العامود، في الجهة الشمالية من السور المحيط بالبلدة القديمة في القدس، كان الشابان محمد العلمي، وعبد الله الكردي يجلسان قبل أن تحضر فرقة من شرطة الاحتلال الإسرائيلية، لطردهما، وعدد آخر من المتواجدين في المكان.
يتأفّف عبد الله، فملاحقة الشبان واعتقالهم، وإبعادهم عن البلدة القديمة صارت "مُعتادة" على أعتاب شهر رمضان المبارك، لا سيما أولئك الذين ينشطون في إحياء الشهر بتلك المنطقة، فيوزعون الحلوى ابتهاجًا بقدومه، أو يحاولون المشاركة في تزيين المكان!
ويمنع الاحتلال أي إنارة تشير إلى لونٍ من ألوان العلم الفلسطيني -وفق الشاب- لإبعاد كل ما يدلل على هوية وعروبة المدينة، فتعكف بلديته على تعليق الزينة بنفسها، "وهذا الأمر يشكل خطرًا كبيرًا على مسار القضية فلسطينيًا وعربيًا، وعالميًا على وجه الخصوص".
صديقه العلمي، شرح الأمر فقال: "تضليل فكري وإعلامي لأهل القدس، ولكل متابعي الأحداث عبر وسائل الإعلام خارج المدينة. تُزيّن بلدية الاحتلال المدينة فتظهر بصورة الملاك المتسامح الذي يراعي مشاعر المسلمين ويشاركهم فرحتهم، وتخرج بذلك من ثوب الجلاد لترتدي ثوب الضحية في حال أي رد فلسطيني على أي انتهاك"، مردفًا: "البلدية تحاول التسويق من خلال هذه الخطوة لسيطرتها وسيادتها على مدينة القدس، وتزوير الهوية وطمسها من خلال تحديد شكل الموقع كما تريده هي، وليس كما يريده الفلسطينيون أصحاب الأرض والمكان".
وتمنع سلطات الاحتلال تعليق الزينة في البلدة القديمة، وتلاحق كل من يفعل ذلك، "وهو الأمر الذي لا يطيقه أهل المدينة الفرِحِين بقدوم الشهر الكريم، فيحاولون في الخفاء تعليق الفوانيس ومصابيح رمضان، وأحبال الزينة المتصلة بين العمائر المتقابلة، رغم معرفتهم المسبقة بأن تعبهم هذا قد يذهب أدراج الرياح إن قرر الاحتلال إزالته فجأة" يضيف.
وكانت شرطة الاحتلال، هددت منذ عدة أيام الشبان في حي باب السلسلة بالقدس القديمة -وفقًا لشهادات شبان هناك- بالاعتقال، في حال تزيين الأزقة المؤدية للمسجد الأقصى بإنارة تحمل ألوان العلم الفلسطيني.
يشير عبد الله بيده إلى ما خلف المنطقة التي يقف فيها، ويكمل: "هنا يزيّن الاحتلال المكان، وهناك يهدم البيوت، ويفرض الضرائب، وينكل بأهل المدينة"، متسائلًا بانفعال: "أي خبثٍ هذا؟".
وفي شهر رمضان، يمنع الاحتلال المقدسيين من الحركة بحرية، تحديدًا في باب العامود، فيغلق الطرقات، والأسواق، ويزيد من ضغطه على التجار عبر فرض المزيد من الضرائب، ويلاحق كل من يخط كلمةً توحي بجذور المكان، وهويته الإسلامية.
في بيتيهما، يقولان: "إن مظاهر الفرحة بالشهر تكون مكتملة خلف الأبواب المغلقة، وهذا أصعب ما نقاسيه هنا. أن لا نستطيع حتى البوح بفرحتنا على العلن بمناسبةٍ دينية تهل علينا مرةً في العام". يُكمل محمد بأسى: "هذا أسوأ انتهاكٍ لحق وكرامة الإنسان في فلسطين".