شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم السبت 03 يونيو 2023م04:40 بتوقيت القدس

المزارعات صامدات رغم الخطر

على الحدود.. "آذار" في مرمى نيران القنّاصة

09 مارس 2023 - 09:10

غزة:

"أن نسلم من انتهاكات الاحتلال ونعيش بكرامة. نزرع أراضينا ونربي دجاجاتنا دون خوف على أرواحنا، هذا هو الثامن من آذار كما نراه"، بهذا أجابت سعاد محمد أبو عيسى، التي تسكن قرية جحر الديك، أقصى جنوب شرقي مدينة غزة، عندما سألتها "نوى": ماذا يعني لك الثامن من آذار؟

ويأتي الثامن من آذار، الذي يوافق يوم المرأة العالمي، هذا العام أيضًا، وما زالت معاناة النساء الفلسطينيات تتواصل. الخمسينية سعاد مثل كثيرات من مزارعات المناطق الحدودية، اللواتي عانين من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، حيث تعرضت 30% منهن لإطلاق نارٍ عند السياج الفاصل، حسب تقريرٍ لمركز "الميزان" لحقوق الإنسان.

تزداد معاناة سعاد بسبب مرض زوجها بالقلب، وتعطّل أبنائها عن العمل، وحالة الفقر التي تعيشها داخل بيتها المتواضع، إذ يعتاش 14 ابنًا لها على الزراعة.

رغم ضيق الحال، لم تفارق الابتسامة وجهها وهي تتحدث عن اضطرارها للسير نصف ساعة صوب الحدود الشرقية للقطاع يوميًا، "وما يخيفها فقط، التعرض لإطلاق نار من قبل الجنود المتمركزين في الثكنات القريبة، كما يحدث مرارًا".

تضيف: "تعرضت أرضي للتجريف خمس مرات، وتلِفَ الموسمُ الزراعي. لا مهنة لنا سوى الزراعة. الكل يكتفي بالتوثيق دون تعويض، وأنا على الأقل بحاجة لبئر مياه وسماد وتكلفة الإنتاج لتعويض الخسائر".

في يوم المرأة العالمي، تبرق سعاد بالتحية لكل النساء الفلسطينيات، فهن في نظرها الأقوى والأقدر على النجاح والتميز رغم كل الظروف، إلا أنها في ذات الوقت، توجه النداء لكل المؤسسات الداعمة أن "انتبهوا، فنحن المزارعات بحاجة إلى رعاية واهتمام أكبر.. فظروفنا لا يقوى على احتمالها أحد".

بدورها توجّه المزارعة هند قشطة من قرية خربة العدس في رفح جنوبي قطاع غزة، التحية لكل النساء الفلسطينيات سواء العاملات او ربّات البيوت، "فكلٌ منهن ملكة فيما تصنع".

تكمل المزارعة التي تعمل أيضًا في تربية الماشية: "بالنسبة لنا نحن المزارعات، ظروفنا صعبة بسبب انتهاكات الاحتلال المستمرة ضدنا، يضاف إليها غلاء أسعار الأعلاف، وهذا يجعل قدرتنا على مواكبة كل غلاء صعبة، ويؤدي إلى انخفاض دخلنا".

تدير السيدة مشروعًا رياديًا في تربية المواشي، وصنع الأجبان والألبان، وهي إلى جانب عملها، تمارس دورها الإنجابي في تربية ورعاية أبنائها العشرة، ومن بينهم ثلاثة من الصم إلى جانب زوجها غير القادر على العمل بسبب مرضه الشديد، ما جعلها تحب وصف نفسها بأنها "سيدة قوية".

تتابع: "أبرز المشاكل التي تواجهني هي عدم وجود مكان خاص للتصنيع، فأنا أصنع الأجبان والألبان في بيتي، وهذا يحتاج إلى تدخل مؤسساتي لمساعدتي".

بدورها تقول أمل أبو عيسى مديرة جمعية الآمال الخيرية في جحر الديك: "إن غالبية النساء في المناطق الحدودية لقطاع غزة، يعتمدن على الزراعة بشكل أساسي، وعلى رعي الأغنام أيضًا، وفي ظل ظروف الاجتياحات المستمرة والتجريف، انخفضت مساحة الأراضي الزراعية التي تعتمد عليها النساء، سواءً للزراعة أو الرعي، أو تربية المواشي".

وتابعت: "هذه المهن هي مصدر الدخل الوحيد لهؤلاء النساء، لكن وبعد الخسائر التي يتسبب بها الاحتلال لا يوجد تعويض لهن"، مردفةً بالقول: "رغم الهدوء النسبي في قطاع غزة، إلا أن إطلاق النار صوب المزارعات ما زال مستمرًا، وهناك أراضٍ لا يستطعن الوصول لها".

إلى جانب ذلك، ما زالت النساء حسب أبو عيسى تعانين الكثير من أشكال العنف، وأبرزها النظرة الاجتماعية النمطية التي تحدّ من أدوارهن، واستمرار ظاهرة الفقر، حيث النساء هنّ الأكثر فقرًا، وهذا أثّر على حياتهن الاجتماعية، فانقطعت حتى الزيارات بين الناس، "خاصة وأن هذه المناطق بعيدة كليًا عن الخدمات في مراكز المدن، وهذا ما جعل الوصول للخدمات صعبًا".

بمناسبة الثامن من آذار، تبرق أبو عيسى بالتحية إلى كل النساء الفلسطينيات الصامدات في وجه الاحتلال وكل الظروف، وتزيد: "آذار بالنسبة لنا يعني أن تحصل هؤلاء النساء على حقوقهن، وأن يتمكّن من العيش بكرامة دون حاجةٍ لأحد، أن يتمكّنَّ من الوصول لأراضيهن وزراعتها، وأن يُعوَّضنَ عن الخسائر التي يكابدنها بسبب الاحتلال والعوامل البيئية. آذار يعني أن نستعيد حقوقنا".

أما السيدة سهيلة أبو عمرة، مديرة جمعية التنمية الريفية في خربة العدس، فتقول: "آذار هذا العام يمرّ على النساء وما زالت معاناتهن تتواصل في كل المجالات".

وتعقّب: "كل التحية لنساء فلسطين في هذا اليوم، الذي يعلو فيه صوت المرأة"، مشيرةً إلى أن للريفيات وضع خاص بسبب تواصل كل أشكال العنف ضدهن، خاصة الاقتصادي، "وللريفيات على الحدود وضع أكثر خصوصية، بسبب انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، الذي يواصل إطلاق النار صوبهن".

وتكمل أبو عمرة: "رغم حالة التهدئة بين الاحتلال وقطاع غزة، إلا أن الوضع غير آمن بالنسبة للنساء. إطلاق النار يحدث بشكلٍ متواصل، كذلك فإن السيدة تكون في أرضها بينما الجندي يتواجد على الثكنة العسكرية، فيجعلها في حالة قلق دائمة، وشعور بعدم الأمان".

تضيف: "أيضًا هناك مشكلة في ضعف مواءمة بعض المشاريع التي تنفذها المؤسسات مع احتياجات الريفيات. مثلًا مشروع بطالة لثلاثة شهور تتكبد النساء نفقة المواصلات اليومية خلاله، من منطقة المعبر أو صوفا بقيمة 6 شواكل، وهذا مكلف جدًا بالنسبة لهن (..) مشروعٌ آخر تم تدريب مجموعة نساء عليه لعشرة أيام، ثم اختيار أربعة منهن فقط، وهذا أحبط البقية، وأضاع جهدهن"، معقبةً: "نحن نحتاج فعليًا لإعادة نظر في هذه المشاريع، وطريقة تنفيذها بما يدعم ولا يزيد العبء".

وتختم أبو عمرة بتوجيه التحية مجددًا للنساء، وقولها: "يجب أن تكونوا قويات، وأن تدافعن عن حقوقكن. أما عن أمنياتنا، فأن يأتي آذار القادم، والظروف في فلسطين أفضل مما هي عليه".

كاريكاتـــــير