شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م11:39 بتوقيت القدس

فلسطينيون يأوون إلى كهوفٍ لمواجهة التهجير

04 مارس 2023 - 15:36

الخليل : 

تعيش "حليمة النجار" (58 عامًا) برفقة زوجها و8 من أفراد أسرتها، داخل كهف في منطقة "الركيز" شرقي بلدة "يطا" جنوب مدينة الخليل بالضفة الغربية، رفضًا لإخلاء أرضها.

وتقع أرض عائلة حليمة في المنطقة المصنّفة (ج)، الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي بموجب اتفاقية أوسلو عام 1994م.

قبل نحو سبعة أعوام، بنى زوجها منزلًا مكونًا من ثلاثة طوابق في أرضهم، إلا أن جرافات الاحتلال هدمته بعد عام ونصف، وشرّدتها وعائلتها في العراء، بقرار قضائي إسرائيلي بحجة البناء دون ترخيص.

تقول "حليمة" لـ"نوى": "عام 2017م هدم الاحتلال منزلنا بحجة البناء دون ترخيص، رغم أننا نسكن في أرضنا أبًا عن جد، وعندما حاولنا الحصول على ترخيص للبناء مجددًا، تم رفض طلبنا بحجة أن المنطقة عسكرية مغلقة".

وتصرّ "حليمة" على التمسك بأرضها وعدم مغادرتها رغم حياة الكهوف القاسية، وتقول: "الكهف غير مزود بالكهرباء، لذلك نعتمد على مولدات الطاقة الخارجية التي صادرها جيش الاحتلال أكثر من مرة، لكن مهما ضيق علينا لن نيأس وسنبقى هنا".

تعتاش حليمة وعائلتها على تربية الأغنام في المنطقة، وزراعة المحاصيل الزراعية في أرضها.

وتوضح أنها سبق وتلقت عرضًا من مستوطنين لشراء أرضها البالغة مساحتها 95 دونمًا، بثمانية ملايين دولار، لكنها رفضت العرض، معقّبة: "ولو عرضوا عليّ عشرة أضعاف هذا المال، لن أقبل ببيع أرضي، أو الرحيل من المكان".

وتشكل هذه الكهوف مساكن بديلة لمئات العائلات الفلسطينية التي تعيش في المناطق (ج)، والمقدّر مساحتها بـ 61% من مساحة الضفة الغربية، ويتهددها خطر التهجير بسبب سياسة دولة الاحتلال منع البناء في هذه المناطق، واعتبار المساكن الفلسطينية فيها غير قانونية؛ لوقوعها في مناطق عسكرية أو "مناطق في حرم المستوطنات".

وترفض سلطات الاحتلال غالبية طلبات البناء التي يقدمها الفلسطينيون في الضفة، ووفقًا للبيانات التي حصلت عليها منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية من الإدارة المدنية الإسرائيلية، لم تُمنح الموافقة إلا على 2 بالمئة من مجموع الطلبات التي رفعها الفلسطينيون للحصول على رخص البناء في المنطقة (ج) بين العامين 2009م و2018م (98 من أصل 4,422 طلبًا).

وحسب تقرير أصدره مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" في 6 فبراير الماضي، فإن سلطات الاحتلال هدمت منذ عام 2006م، وحتى نهاية 2018م، على الأقل 1401 بيتًا فلسطينيًا في الضفة الغربية دون مناطق شرقي القدس، وقد أسفر ذلك عن تشريد 6207 فلسطينيين على الأقل، بينهم نحو 3134 طفلًا.

وتعهد رئيس حكومة الاحتلال الحالية بنيامين نتنياهو خلال تصريح صحفي في 20 فبراير 2023م، بمواصلة هدم منازل الفلسطينيين المبنية بما وصفه "بشكل غير قانوني" في المنطقة "ج" بالضفة الغربية.

على سفح جبل في منطقة "أبو آدم" الواقعة غربي سلفيت شمالي الضفة، تعيش ثريا دحدول (46 عامًا) مع عائلتها المكونة من 6 أفراد، في كهفٍ بدائيٍ استصلحه زوجها كمسكنٍ للعائلة، بسبب منع الاحتلال البناء في أراضيهم.

إلى جانب كهف عائلة دحدول، تعيش نحو 7 عائلات فلسطينية في كهوفٍ أخرى، معلنين تمسكهم بأراضيهم التي يحيطها الاستيطان من كل جانب، إذ تطمح سلطات الاحتلال لدفع سكان هذه الأراضي بعيدًا عنها من أجل مصادرتها، وخلق اتصالٍ جغرافيٍ بين المستوطنات القريبة.

وتبدو حياة ثريا وعائلتها داخل الكهف بدائية للغاية، إذ لا يتوفر الكهرباء، وتعتمد على أحد الآبار القريبة للحصول على المياه، فيما يستمد أفراد عائلتها الدفء من خلال إشعال الحطب الذي يجمعونه من الأراضي الخالية.

"نعمان" (6 أعوام)، الابن الأصغر لثريا يقضي يومه في اللهو مع المواشي برفقة أطفالٍ آخرين في مثل سنه من سكان الكهوف المجاورة، لا يعرف شيئًا عن الهاتف المحمول أو التلفاز، أُسوةً بأطفال العالم.

يقول رجب دحدول زوجها لـ"نوى": "اعتدنا الحياة الصعبة، وكلّما وفّرنا مولد طاقة، يتم مصادرته من قبل جيش الاحتلال لإجبارنا على الرحيل، لكننا لن نرحل".

وأوضح رجب أن لديه ثلاثة أبناء يتلقون التعليم، ويضطرون لقطع نحو ثلاثة كيلو مترات يوميًا ذهابًا وإيابًا من أجل الوصول إلى مدارس السلطة الفلسطينية في القرى القريبة من منطقته.

ولفت إلى أن إصراره على البقاء وعدم الرحيل، جعله عُرضة لاعتداءات المستوطنين المتكررة، إذ سبق وتعرض أفراد عائلته لإطلاق نار خلال عملهم في الزراعة، فيما تتعرض مزروعاتهم للتخريب بشكل مستمر من قبل المستوطنين الذين يسكنون في المستوطنات المحيطة بالمنطقة، مثل مستوطنة "بروخين" و"بركان".

وتعمل هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، على إعادة ترميم وتأهيل العديد من الكهوف في مناطق (ج)؛ لتعزيز الوجود الفلسطيني والتصدي لسياسة الاحتلال بإجبار الفلسطينيين هناك على الرحيل.

ويقول رئيس الهيئة مؤيد شعبان لـ"نوى": "إسرائيل تتعمد خلق حياة غير مستقرة لأكثر من 400 ألف فلسطيني يعيشون في مناطق (ج)، من خلال هدم منازلهم، وعدم السماح لهم ببناء منازل جديدة لإجبارهم على الرحيل إلى مناطق (أ) و(ب) الخاضعة لإدارة السلطة، لذا فإن البديل المتوفر لدى الفلسطينيين هناك هو العيش في الكهوف؛ للبقاء والتجذر في هذه الأرض وعدم مغادرتها".

وأوضح شعبان أن الهيئة تعمل على تأهيل جدران الكهوف من الداخل بوضع طبقة من الإسمنت  لسد أي فجوات كي لا تصبح جحورًا للأفاعي، وبناء حمام ومطبخ، ووضع بوابة في مدخل الكهف لحماية السكان داخله، كما تزود هذه الكهوف بخزانات المياه، ولوحات الطاقة الشمسية، إذ تمنع سلطات الاحتلال ربط هذه الكهوف بشبكات الكهرباء الفلسطينية.

وذكر شعبان أن الهيئة تعمل بشكل مستمر على افتتاح كهوف جديدة، لاستيعاب المزيد من العائلات الفلسطينية التي يهددها خطر التهجير.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير