شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م01:23 بتوقيت القدس

أسعار نار

السياحة الداخلية بغزة تصدم جيب غزة المهترئ

02 مارس 2023 - 09:19

شبكة نوى، فلسطينيات: بصعوبةٍ حاولت السيدة سارة أبو عون تهدئة طفلها الذي دخل في نوبة بكاء هستيرية، بعد أن طلَبَ منها الدخول إلى مركز ألعابٍ سياحيٍ قريبٍ من شاطئ بحر غزة، لكنها لم تستطِع لارتفاع أسعار الدخول إليه.

الثلاثينية سارة، هي أم لخمسة أبناء أصغرهم يبلغ من العمر (6 سنوات)، كانت في نزهة على شاطئ بحر غزة، عندما وقعت عينا طفلها على المكان الجميل ورغب في دخوله، لكنها رفضت بشدة.

تقول الشابة لـ"نوى": "ليس باستطاعتي اصطحاب الخمسة إلى مكان باهظ التكاليف، ولا حتى تلبية رغبة الطفل وترك إخوته. هذا أمرٌ مؤلم لي، لكن تلبية رغبة ابني تفوق طاقتي".

سارة هي واحدة من آلاف المواطنين في قطاع غزة، ممن يحرمون حقهم في السياحة الداخلية بسبب ارتفاع أسعار هذه الأماكن، قياسًا بمنطقة مثل قطاع غزة، تخضع للحصار الإسرائيلي منذ عام 2006م، ترتفع نسبة البطالة فيها عن 54% وتتجاوز نسبة الفقر 60%، ما يجعل رغبات الأطفال والكبار أيضًا في زيارة هذه الأماكن أمرٌ "في الأحلام".

تكمل سارة: "يعمل زوجي في أحد المولات راتب 800 شيكلًا شهريًا "نحو 250 دولارًا"، أحاول التحايل على أبنائي بأن السير على شاطئ البحر كافٍ أو إرسالهم للعب الأتاري كونها رخيصة الثمن"، بتنهيدة حارة تكمل: "أسعارها غالية جدًا".

مريم، هي شابة أخرى وأم لثلاثة أطفال، لا تستطيع تلبية رغبتهم في الذهاب إلى أي من الأماكن السياحية في قطاع غزة، والتي يشاهدون صورها على مواقع التواصل الاجتماعي ويسمعون عنها من أقرانهم.

تقول مريم بعد ترديد مجموعة من أسماء المرافق السياحية: "نسمع بها، ونخشى المجازفة بدخولها خوفًا من التكلفة العالية"، مشيرة إلى أن المنتجعات ليست كلها مهيّأة للعب الأطفال.

وتكمل: "الدخول إلى أغلب هذه المرافق يحتاج 5 شواقل تذكرة دخول، ورسوم لكل لعبة تصل إلى ثلاثة شواقل، وعندما يكون لديّ العديد من الأطفال وكلهم يريدون تجربة عدّة ألعاب سيكون المبلغ كبيرًا. تجربة لعبة مثل "ترامبليون" تصل إلى 10 شواقل، أي أن نزهة واحدة مع أطفالي سأحتاج من أجلها إلى 100 شيكل خلال ساعتين على الأرجح، إلى جانب شراء بعض المأكولات من مقصف المكان، هذا مبلغ يكفي عائلتي لأسبوع".

لكن ومع اتفاق سارة ومريم على أن هناك أماكن مجانية مثل ميدان الجندي المجهول، أو محدودة التكلفة مثل متنزّه بلدية غزة، إلا أنها دومًا مزدحمة، وليست بجودة الأماكن ذات التكلفة العالية، مشيرةً إلى تناقص المساحات الخضراء، وأماكن الترويح عن النفس المجانية بوجهٍ عام في قطاع غزة.

بالضبط، هذا ما وافقهن به السيد أيمن نصر، فالرجل الأربعيني الذي يعمل في مصنع للأغذية، يتقاضى راتبًا لا يتجاوز 1200 شيكل شهريًا، لا يستطيع اصطحاب أطفاله إلى مطعم أو شاليه رغم أنهم في أمسّ الحاجة للتخفيف عن الضغوط النفسية التي يتعرضون لها.

يقول نصر: "الأماكن السياحية مرتفعة التكلفة، والشاليه أحتاج إلى أكثر من نصف راتبي لتغطية تكلفة يوم واحد فقط فيه، أفكّر كثيرًا في كيفية إسعاد أطفالي لكن الواقع صعب".

"نوى" تواصلت مع وزارة السياحة والآثار؛ للتعقيب على موضوع ارتفاع تكلفة الأماكن السياحية، لكنها رفضت التصريح، إلا أن رئيس اللجنة الفلسطينية للمطاعم والفنادق والخدمات السياحية عبد غنيم، لم ينفِ أن التكاليف بالفعل مرتفعة.

يقول غنيم لـ"نوى": "يوجد في قطاع غزة 520 مرفقًا سياحيًا، يعمل بها نحو 7500 عامل، يدعمون نحو 350 ألفًا من المواطنين".

لكنه يستدرك: "هذه المرافق السياحية داخل القطاع لا تلائم جميع أفراد المجتمع، وذلك أسوة بالمنظومة العالمية، فهناك مطاعم وفنادق خمسة نجوم، وهناك 4 نجوم، وهناك أماكن شعبية، وهكذا"، عادًا أن مسؤولية توفير مساحات خضراء وأماكن لعب لمحدودي الدخل وأطفالهم، تقع على عاتق الدولة والبلديات.

ويوضح أن دور الهيئة، خدمة القطاع السياحي، والوساطة بين الحكومة والمرافق السياحية في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن تحديد أسعار المرافق مسؤولية دائرة حماية المستهلك، ومن أبرز العناصر التي تحدد سعر السلعة أو الخدمة، المنافسة ما بين المنشآت فقط، ومن حق الناس مقاطعة المنشآت التي يرونها غالية".

ويبين غنيم أن المستثمر يهدف من وراء مشروعه السياحي إلى الربح، خاصة وأن تكاليف القطاع السياحي مرتفعة، من ضرائب وأسعار المستلزمات والألعاب، والطاقة البديلة، وغيرها، "لذا في بعض الأحيان ترتفع أسعار الخدمات في المنشآت السياحية بسبب إيجاد هامش ربح جيد للمستثمر"، مقرًا بأن أغلب الأسعار في المنشآت السياحية لا تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة لمعظم سكان قطاع غزة.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير