شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م21:31 بتوقيت القدس

التاسعة في البطولة الآسيوية للمناظرات الطلابية..

عُمان.. على منصة التكريم "هداية" وعلم فلسطين

13 فبراير 2023 - 13:22

غزة:

"أن ترى علم وطنك يرفرف أمام مشاركين من كل الدول العربية، لحظة إعلان فوزك. هذه مشاعر لا توصف، هذه مشاعر تعاش"، بهذه الكلمات وصفت الشابة الفلسطينية هداية حسنين (23 عامًا) مشاعرها لـ"نوى".

هداية، ابنة قطاع غزة التي خرجت من جحيم الحصار الإسرائيلي المطبق على مليونَي إنسان منذ 17 عامًا، شاركت مؤخرًا مع ثلاثة شبّان في البطولة الآسيوية للمناظرات الطلابية باللغة العربية، في العاصمة العُمانية مسقط، لتكون "التاسعة" في الأفضلية على قارة آسيا، والأولى التي تحصد اللقب في أول مشاركةٍ لها.

ووفقًا لأحد أعضاء لجنة التحكيم، "فهذه لم تحدث مع غيرها. لقد فعلتها هداية بطريقةٍ استثنائية". تقول هداية: "حينها احتضنتني زميلتي طويلًا، ولوّح الشبان بكوفياتهم مهللين، ليعقّب بعدها عريف الحفل بقوله: "هداية ستحصد لقب أول من توّجت من أول مشاركة، وأكثر من تأخرت للصعود إلى المنصة".

تصف الشابة العشرينية عشقها للمناظرات بالقول: "المناظرات شغفي، وكيف أشفى من شغف المناظرات. هي عالمٌ يحتويني وأحتويه، بدأت رحلتي معها أواخر عام 2018م مع مؤسسة فلسطينيات، واستمرت حتى الآن، حيث أصبحتُ مدرّبةً لهذه الحالة الفكرية".

للمشاركة في مسابقة عمان قصة ترويها هداية: "أخبرني المناظر محمد حمد، أن ناشطًا فلسطينيًا شاهد فيديو له ودعاه للمشاركة، ظننتُ الأمر ليس بجدي، لكنني فوجئت بمحمد يهاتفني طالبًا تشكيل فريق بسرعة، وبالفعل تواصلنا مع الجامعة، وعقدنا مقابلات، واخترنا مجدي عابد وسارة أبو ضاهر".

كان أمام الفريق 35 يومًا لإنجاز التدريب على نموذج مختلف عما تعوّدوا عليه، وهذا جعل المهمة أصعب. تُعقّب: "اعتدنا كارل بوبر، ثلاث خطابات واستجوابين، بينما في عُمان أربع خطابات مع وقت مختلف 7 دقائق، ومقاطعة لكل متحدث، هذا كان التحدّي الأول".

أما التحدّي الثاني -تضيف- فهو أننا نعرف المقولة والموقف قبل 20 دقيقة من انعقاد المناظرة، والصعوبة الثالثة، هي عدم السماح بالبحث على الإنترنت، أي الاعتماد بالكلية سيكون على الفكر.

كانت هداية تحب اختيار الخطاب الأول لبناء موقف الفريق، والرابع لتأكيد أحقيته بالفوز. التجربة ثرية لكنها ليست مفروشة بالورود، فالفريق جرّب أزمة التنسيق من أجل السفر، وتضييقات المعابر والتفتيش، وهنا تقول: "قطعتُ الطريق وأنا أسأل: لماذا يحدث معنا كل هذا، الجواب: ذنبنا أننا من غزة".

ففي القاهرة تأخّروا على الطائرة وهم يتجولون بالمطار، "العالم في الخارج كبير، والمسافات طويلة بشكل لا يُصدق. قطاع غزة 365 كيلومترًا، ساعة واحدة كافية لاجتيازه، العالم خارجه مختلف تمامًا".

شاركت في المسابقة 44 جامعة، لكن أبرز ما تحقق هو أنهم "صنعوا فلسطين مصغّرة". هناك التقى فريق غزة بفريقٍ من الضفة الغربية، وفريق من لبنان أحد أعضائه فلسطينيٌ من عكا، وفريق أردني أعضاؤه جميعًا من فلسطين. "استغرب الحضور احتفاء الفلسطينيين ببعضهم إلى هذا الحد، وتساءلوا: ألا تشاهدون بعضكم؟" تحدثنا هداية.

"بالطبع لا نرى بعضنا"، تجيب، "هم لا يعلمون بشكل دقيق أن الفريق القادم من رام الله من المستحيل عليه رؤية فريق غزة، رغم أن المسافة قصيرة، لكنني قررتُ بعد الصعود إلى المنصة شرح الأمر مرتديةً ثوبي الفلسطيني. "أخبرتهم كيف أن مسقط أقرب فعليًا من رام الله لغزة" تزيد.

خاض الفريق خمس مناظرات في غضون يومين، وقدموا أداءً متميزًا دون الصعود للنهائي، فقضوا اليوم الأخير في التعارف، حيث تميّزت الفرق الفلسطينية بهتافٍ صنعه -كما تروي هداية- شاب من الخليل وهو "إديها ثلاثة، ثم تصفيق، إدّيها اثنين،، وتصفيق،، ثم "واحد" مع هتافٍ عالٍ".

تضيف: "قال عريف الحفل: إن فريقًا تميّز بهتاف يبدو أننا سنسمعه الآن"، وحين صعدتُ للمنصة أخبرتهم عن الحصار، وعذابات الطريق، وأننا أصحاب قضية، ولدينا لهفة لأن تصل أصواتنا إلى العالم كله".

بالدموع استقبل الحضور كلمات هداية، كثيرون جاءوا ليتعرفوا على الفريق الغزّي، في حين كانت إحدى عضوات لجان التحكيم مقدسية، فتحدثت عن معاناة القدس.

تعرفت هداية على أناسٍ من جنسياتٍ مختلفة، وأبرزهم عضو لجنة تحكيمٍ يهوديٍ أمريكي، أهدته خارطة فلسطين، "فأكد دعمه لنضال الشعب الفلسطيني، ورفضه للصهيونية".

تتابع: "المنصة، الحديث أمام المايك والصوت، ثلاثية أعشقها منذ الصغر، تواجدت كلها في المناظرات وفي دراستي للإعلام، ولهذا تجدني غارقة في حبها"، مكملةً: "حين ناظرت حصدت لقب أفضل مناظرة، وبعد خروج فريقي عدت لتشجيع الفريق الذي أخرجَنا. بصراحة، شعرت أنهم يستحقون، فالمناظرات علّمتني التجرد".

وتابعت: "غالبية من يناظرون يشعرون بهذا. المشكلة فيمن يعززون فكرة أنكم يجب أن تفوزوا وأن الآخر فريق خصوم، وهذا غير واقعي، المناظرات ليس فيها خسارة".

بعد تخرجها عملت هداية معيدة، وشاركت في تدريب مدربين مع مؤسسة فلسطينيات، ودربت معها أيضًا فرقًا جامعية، وكان من بينهم محمد حمد الذي شاركها تجربة "عُمان".

"أنا ابنة التجارب"، هكذا تصف هداية نفسها، فهي تُقدم على أي تجربة بلا تردد، وليس في قاموسها كلمة خسارة، فالتجربة نفسها مكسب، تحظى الشابة بفصاحة لغوية عالية لكنها كما تؤكد: "أعشق اللغة الغربية، الفصاحة مهمة في المناظرات ولكنها ليست كل شيء. اللغة تعلمني التركيز والإيجاز، وهذا مهم في الإعلام والمناظرات".

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير