شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 16 ابريل 2024م10:35 بتوقيت القدس

في يوم البقوليات العالمي..

أمهات في حضرة المنخفض: "رشرَشَت.. فوجَب العدس"

10 فبراير 2023 - 11:47

شبكة نوى، فلسطينيات: يستطيع المار في أي شارعٍ من شوارع قطاع غزة، تحت المطر، أن يشمّ بوضوعٍ رائحة العدس تفوح من معظم بيوته! كيف لا؟ وهو الوجبة الرسمية المعتمدة لأمهات القطاع "بمجرد أن ترشرش السماء" وفق قول شابٍ يقطن مخيم الشاطئ غرب المدينة.

محمد عبد الله، شابٌ يبلغ من العمر (23 عامًا)، اشتكى عبر صفحته الشخصية في "فيسبوك" مِرارًا طبخ أمه للعدس معظم أيام الشتاء، وخاطب أصحابه "أصحاب القلوب الرحيمة" على حد تعبيره، لدعوته إلى الغداء  قبل يومين "تحديدًا في ثاني أيام المنخفض الأخير"، لدعوته إلى الغداء في حال كانت هناك طبخةٌ أخرى على القائمة، ليفاجأ بمعظم التعليقات، وقد أُرفقت بوجهٍ ضاحك، وإجابةٍ واحدة: "واحنا كمان عدس.. أو لو لقيت حدا خذوني معاكم".

ورغم السخرية التي تشوب مواقع التواصل الاجتماعي، من هذه الوجبة، واعتماد نساء القطاع عليها ضمن القائمة الرئيسة لأكلات الشتاء، إلا أن الحقيقة تقول: "إنها الوجبة الوحيدة، التي يمكن أن تعوّض عائلات القطاع ذات الدخل المحدود، بروتين اللحوم المفقودة معظم أيام الشهر، بسبب الوضع الاقتصادي المتردي".

وعلى ما يبدو، فإن أنسب مكانٍ للحديث عن اليوم العالمي للبقوليات الذي يصادف غداً 10 فبراير، "غزة"، حيث يعد هذا المكون الغذائي، الأساس في وجبات غالبية أهل القطاع، المصنف 54% منهم تحت خط الفقر، بدءًا بالفلافل، والحمص، والبازيلاء المجففة، مرورًا بالعدس، وليس انتهاءً بالفول والفاصولياء.

ياسر (18 عامًا)، يقول: "يطلقون عليها لحم الفقراء، وربما هذا هو مدعاة كرهي للعدس ومشتقاته، فالبقوليات قاسم مشترك في كل كوبونة مساعدات تصل إلى بيتنا، وتتلفقها والدتي ككنز".

تحضّر والدة الفتى، طوال أيام الأسبوع، أطباقًا من البقوليات، العدس، والفاصولياء، والفول، فيأكل أفراد العائلة على مضض، بينما هي لا تملك ردًا سوى الطبطبة: "قولوا الحمدلله، غيرنا مش لاقي".

يريد ياسر أن يتناول أصنافًا أخرى مختلفة، لكنه يدرك بأن "العين بصيرة واليد قصيرة"، وهو لا يريد أن يثقل على والدته أكثر، أو يشعرها بالذنب لسببٍ لا تملك فيه ناقةً ولا جمل.

وفي الوقت الذي تضغط فيه والدة محمد عليه وعلى إخوته من أجل تناول البقوليات، باعتبارها الأكثر توفرًا، فإن أميرة لا تدخر أي جهد في محاولات إقناع أطفالها بتناول العدس، أو الفاصولياء،  أو حتى الحمص، والفول، لكنها في كل مرة تفشل في هذه المهمة.

تقول: "الأمر بالنسبة لي مبدأ، فهم لا يفكرون حتى بتذوق هذه الأطباق، وهذا خطأ، فاليوم الذي أستطيع فيه توفير اللحم أو الدجاج تليه أيام لا أستطيع توفيرها فيه، وهنا عليهم أن يتأقلموا مع كل الظروف"، مضيفةً: "ناهيكم عن فوائد البقوليات الكبيرة. عليهم أن يأكلوها ليستفيدوا أولًا".

يفضل أطفال السيدة، الوجبات السريعة، والحديثة، كالبرجر، والستيك، والبيتزا، وغيرها، وهو ما يجعلها في صراعٍ دائمٍ معهم، "أحاول إجبارهم في بعض الأحيان، لكن كثيرًا ما أستسلم" تعقب.

وليس  حال سناء أفضل، فهي بالكاد تقنع أطفالها بتناول هذه الأطعمة بين الحين والآخر على مضض، بينما تدرك هي أهمية هذا النوع من الطعام، وتحاول تقديمه بأشكال غير معتادة، لتجعله مقبولاً لديهم.

وتتساءل: "في أيام الشتاء شديدة البرودة، ليس أشهى من طبق عدس على شكل فتة أو حتى حساء، يمكن أن يتناوله أبنائي إذا ما اقترن بالخبز المحمص، أو طبق من الحماصيص يحتوي أيضًا على حبوب العدس، وكلها  تشكل خليطًا هامًا لمد الجسم بالطاقة والحيوية".

ويُعدُّ طبق العدس من الأطباق الشهيرة في فصل الشتاء، وتعتمده كثير من الأسر في أيام الشتاء شديدة البرودة، بينما يعد الفول والفلافل والحمص، من أكثر الأكلات الشعبية انتشارًا في فلسطين، إذ يعتمد المواطنون عليها  كوجبة إفطار رئيسة.

وتعرف البقوليات بأنها  نوع من المحاصيل لا تُحصد إلاّ للحصول على بذورها الجافة. والفاصولياء المجففة، والعدس، والبازيلاء، هي أكثر ما يُعرف ويُستهلك من أنواع البقول.

البقوليات غنية بالعناصر الغذائية، وتحتوي على الكثير من البروتين، ويجعلها ذلك مصدرًا مثاليًا للبروتين، خاصة في المناطق التي يتعذَّر فيها الحصول على اللحوم، ومنتجات الألبان، ماديًا أو اقتصاديًا.

والبقول غذاء منخفض الدهون، غني بالألياف القابلة للذوبان، التي يمكن أن تخفِّض مستوى الكولسترول، وتساعد على ضبط نسبة السكر في الدم.

ونظرًا لتلك الخصائص، فإن منظمات الصحة توصي بها من أجل مكافحة الأمراض غير المعدية، مثل السكر وأمراض القلب. وثبت أيضًا أن البقول تساعد على مكافحة البدانة.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير