القدس المحتلة:
هل سأحملها معي أم سيكون الهدم أسرع في انتزاعها؟ سؤال يراود الطفل محمد أبو داهوك حول حقيبته المدرسية وأول ما يمكن أن يهرب فيه من جرافات الاحتلال التي تسعى لهدم تجمع الخان الأحمر البدوي الذي يسكنه شرقي القدس المحتلة.
في التفاصيل؛ تعود قصة "الخان الأحمر" إلى مارس/آذار 2010، حين صدر قرار "الإدارة المدنية الإسرائيلية" بهدم المنطقة التي يعيش فيها نحو 200 فلسطيني بحجة أنها "غير مرخصة"، يصارعون في المحاكم ضد كل القرارات التي تهدف لذلك لكنهم لم يحصلوا على غير خيار "التأجيل" في 2018.
"الحقيبة المدرسية، مقعدي الخشبي وغنماتي أمام خيامنا" هذا ما يفكّر فيه محمد ابن الـ 12 عاماً، يا ليتني لا أفقدهم! يقول ويضيف لـ "نوى" "هذا رأس مالنا في فلسطين، أفكر لو فقدتهم ربما أفقد نفسي! لماذا سأعيش بعدها؟"
لا يكفّ الطفل عن التأمل، يتأمل حبات الرمل التي تسكن منزله، يتأمل المواشي ويحسدهم لأنهم لا يدركون حجم المصيبة التي فتّح عينه عليها! كيف لطفل أن يحسد حيوان؟ يحدث هذا في فلسطين، أقل ما يحدث تحت الاحتلال.
ويزيد "أنا دائماً حزين وأفكر، أبكي بصمت كي لا يقولون عني ضعيف! لكن الأمر فعلاً يستحق البكاء".
مروة طفلة أخرى تعيش في الخان، تقول إن ما تفكر فيه لو تم هدم مدرستها كيف ستلتقي بـ "أميرة"؟ فهي صديقتها التي تحبها وتتقاسم معها طعامها بشكل يومي في المدرسة!
وشيدت مدرسة "الخان الأحمر" عام 2003 من إطارات المركبات والطين، يواجه طلبتها تهديدات مستمرة منذ إنشاءها بالهدم وتهجيرهم، يعيشون في قلق مستمر من احتمالية الفقد في أي آن ما يؤثر على صحتهم النفسية ويدمرها وفق أحد المدرسين هناك.
من جهة ثانية، لم تخف مروة خوفها على إبل جدتها التي ترعاها وتحاول حمايتها من المستوطنين، منبهة "حاول المستوطنون كثيراً أن يسرقوها من جدتي لكن عائلتي تصدت لهم، نخشى عليهم ونظل نراقبهم طوال اليوم".
وأمام التفاصيل القاسية هذه، كيف تسير حياة الكبار؟ يتحدث يوسف أبو داهوك أحد سكان الخان الأحمر بأن كل مظاهرة داعمة لصمود الأهالي تعني لهم الكثير، يشعر أنه ليس وحده بخلاف انتهاءها وعودة المساندين لمناطق سكنهم.
ويكمل "الوحدة شعور مرعب، ما أن تنتهي الفعاليات تسقط قلوبنا من المواجهة بمفردنا. هذا الحال نعيشه منذ 13 عاماً، قلبي سيتوقف يوماً بسبب الخوف من الهدم".
"إذا التهى راعٍ عن أغنامه، فإنها تصادر!" هل هناك أصعب من ذلك؟ فهذه ثروتنا وكل ما نملك بالخان، المواشي والأرض، يستهدفونا من خلالها ولا أنكر الضغط النفسي الذي نعيشه لأجلها لكننا لا نزال نقاوم – يحكي -.
ووفق يوسف، فإن المستوطنين لا يتوقفون عن مضايقة الناس، يدخلون المنطقة يحاولون سرقتهم ومضايقتهم وكل هذا يحدث برعاية من الجيش، من يستطيع لجم اعتداءاتهم عنا؟ يتساءل.