شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 02 ديسمبر 2023م04:53 بتوقيت القدس

في قانونها العُمر مجرد رقم

"تيتة وفاء" تُمنح مزاولة المحاماة في سن الستين

24 يناير 2023 - 11:10

غزة - شبكة نوى :

من بين عشرات ممن حصلوا هذا العام على شهادة مزاولة مهنة المحاماة، خطفت المحامية وفاء سلام "64 عامًا" الأنظار بحصولها على شهادة المزاولة في هذا السن.

لم تكن المحامية وفاء لافتة فقط لحصولها على المزاولة في عُمر الستين، بل لأن كل قصتها مع التعلّم، التي بدأت حين أصبحت جدّة، فيها تحدٍ لموروثات ربطت التعليم بمرحلة محددة من العمر، بينما تؤكد وفاء أن العِلم مطلوب من المهد إلى اللحد.

وفاء نالت الثانوية العامة في عُمر 48، والتحقت بالجامعة لتنال بكالوريوس في القانون وهي في الخمسينات، ثم حصلت على الماجستير ومزاولة المحاماة في عمر يفوق الستين.

بابتسامة زينت وجهها حتى بدت وكأنها جزء من ملامحها، تروي وفاء تفاصيل حكايتها: "تركت الدراسة وتزوجت مبكّرًا في سن 16 عامًا، وأنجبت أبنائي الذين سرعان ما أصبحوا عشرة، ولم يكن لدي أي وقت للتفكير في التعليم ولا بنفسي".

وضعت وفاء حلم التعلّم جانبًا وألقت كل اهتمامها على أبنائها وبيتها، لكن حبّ العودة إلى الكتاب والدفتر الذي ظلّ يلازمها كان دافعًا لها خلال تعليمها لأبنائها، وأيضًا لم تترك فرصة لقراءة كتاب أو مجلة أو الاستفادة من الإنترنت إلا واستثمرتها، فأصبحت ملّمة بالكثير من المعلومات في مجالات مختلفة، فهذا بالنسبة لها منهج حياة ليس مرتبطًا بمرحلة تعليمية أو تخصص محدد.

تكمل: "كبُر أبنائي، وأصبحوا أكثر اعتمادًا على أنفسهم، خفّت المسؤولية عني وأصبح بوسعي الخروج من البيت، كانت وجهتي الأولى المسجد القريب من بيتي، شاركت في الكثير من المسابقات الثقافية، وحفظت الكثير من الأجزاء، وكنت دومًا أحصل على المركز الأول".

قدرة وفاء السريعة على التعلّم والحفظ والتميّز، وانطلاقها من كونها متعلِّمة إلى معلِّمة في المسجد، واكتشافها لذاتها مجددًا كان حافزًا لها من أجل التفكير في الحصول على الثانوية العامة، لم لا؟ وها هي تحفظ وتشرح وتجيد كل العملية التعليمية، وكأنها فارقت المدرسة من وقت قريب.

تتابع :"كانت الثانوية العامة أشبه بالمغامرة، فهو أكثر الأعوام ازدحامًا، بعد التسجيل بمدة بسيطة، أصيب زوجي بمرض تطلّب سفره إلى مصر للعلاج شهور وكنت برفقته لم أقرأ خلالها شيئًا، وفي العام ذاته تزوّج ابني الأكبر مع كل ما لحق بالزواج من مسؤولية وتجهيزات، والكثير من الظروف أحاطت بهذا العام جعلته صعبًا".

من المواقف التي لا تنساها وفاء، هو حين تقدّمت لامتحان مبحث اللغة العربية في الثانوية العامة، فأجابت بسرعة فائقة واضطرت للمغادرة، ولما استوقفتها اللجنة لتنصحها بأن لديها وقتًا للمراجعة أخبرتهم على عجالة بأن ظرفها لا يسمح، فابنتها في "كشك الولادة".

تعقّب: "ابنتي التي استعدت لمساعدتي في دراسة مبحث اللغة الإنجليزية كانت في حالة ميلاد قبل الامتحان، لم تتمكن من مساعدتي، وهذا زاد حيرتي في كيفية اجتياز المادة، لكن في النهاية درستها ونجحت".

رغم الظروف التي مرت بها وأعاقت قدرتها على الدراسة كما يجب، حصلت على معدّل (86%)، الأمر الذي رسم علامات التعجب على وجه كل من عرف، خاصة أنها كانت تخفي موضوع تقديمها للامتحانات وكانت منشغلة دائمًا بسبب ظروفها العائلية.

حبّ وفاء للتعلّم لم يقف عند هذا الحد، فهي حملت شهادتها بمعدّلها المرتفع وطارت إلى الجامعة، وهناك فوجئت بالازدحام الشديد في صالة التسجيل لطالبات في عُمر بناتها، ما جعلها تخفي شهادتها جانبًا وتتراجع عاقدة العزم على العودة إلى البيت، لكن سرعان ما سمعت صوت موظفة التسجيل تناديها من أجل مساعدتها، وهنا أصبحت وفاء طالبة في تخصص الشريعة والقانون، وبدأت حياة جديدة.

ورغم انشغالها بزوجها المريض وأبنائها وبيتها وحتى عملها، إلا أنها تميّزت وتخرّجت بتفوق من الجامعة، لكن هذا لم يشبع شغفها بمواصلة التعلم، فسُلّم النجاح لم ينته، بل إن درجة تسلّم أخرى، وهنا قررت الالتحاق ببرنامج الماجستير في ذات تخصصها.

بالتوازي مع التحاقها ببرنامج الماجستير، ومواصلة التدريب من أجل التقديم لامتحانات مزاولة مهنة المحاماة، نجحت وحصلت على الشهادة، وهي تطمح لأن تمارس المهنة فعليًا بعد أن أعدّت بطاقات، ونالت ختمًا باسمها لتخوض مغامرة جديدة قريبًا وتؤكد أن العُمر في قانونها مجرد رقم.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير