شبكة نوى، فلسطينيات: عبر سكايب، وفي برنامج "مطروح للنقاش" الذي تذيعه قناة "القاهرة" الإخبارية، ظهرت الخبيرة القانونية الفلسطينية أمل أبو سرور نهاية نوفمبر الماضي، لتتحدث عن واقع المرأة في فلسطين.
شرحت سرور الكثير عن ظروف حياة المرأة الفلسطينية "العربية أولًا"، التي تعيش في ظل مجتمعاتٍ "تطغى عليها السمة الذكورية"، وتتعرض لأشكالٍ كثيرة من التهميش والتمييز على كافة المستويات الاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية، وحتى في نطاق المشاركة السياسية، وتخضع للمنظومة "الأبوية الذكورية" المسيطرة على مستوى صنع القرار "حتى الشخصي" بالنسبة لها.
وبين الكثير من المعطيات، تشدُّك عبارة قالتها على عجل: "المرأة في فلسطين ما زالت تقبع في أماكن أقل بكثيرٍ من تلك التي تستحقها".
والحقيقة أن استضافةً في برنامج، تحكمه مساحة الوقت، لا يمكن أن تكفي للحديث عن واقع المرأة هنا، حيث ظروف الحياة صعبة، سياسيًا، واقتصاديًا، ومجتمعيًا، وأيضًا تحت حكم الاحتلال.
المرأة في فلسطين، هي أم الشهيد والأسير، وأخته، والشهيدة، والأسيرة، والجريحة، المبدعة، المضطهدة، التي تكبّلها عادات المجتمع، وقراراته، ورغم ذلك تسطر أعظم معاني العطاء.
على هيئة صور، يمكن أن نلخّص أبرز ما مرّ على نساء فلسطين في عام 2022م، صورٌ نحكيها، ونرسم من خلالها المشهد، عبر هذا التقرير:
قيود جديدة
"لا شيء تغير خلال هذا العام بالنسبة للنساء في قطاع غزة، لم يأت أي جديد يمكن أن يحدث تغيير نحو الأفضل، حتى هذا الصباح لم يحمل معه سوى مزيد من الاستفزاز" تقول الناشطة النسوية تهاني قاسم لـ نوى، فقد اصطدمت هذا اليوم بيافطة معلقة في أحد المفترقات الرئيسية بمدينة غزة وتأخذ حيز كبير، تحمل رسالة رفض لاتفاقية سيداو وقوانين حماية الأسرة والطفل، وتعتبرها تخريب للأسرة والمجتمع.
فالأمر ليس مجرد يافطة لأحد الأحزاب الصغيرة، لكن هذه الصورة إذا ما وضعت بجانب عدد من الصور لأحداث متوالية تعطي مؤشر واضح للتضييق على عمل مؤسسات المجتمع المدني بما فيها المؤسسات النسوية، سيما وأن المؤسسات أصبحت مطالبة اليوم بتوقيع تعهدات وطلب تصاريح لأي فعالية تقوم بها، وهنا لا يمكننا الحديث عن واقع النساء دون الإشارة لحملة التشويه والتشهير التي طالت المؤسسات النسوية، خلال العام، وإلغاء فعالية لطفلات يلعبن كرة القدم في ملعب مغلق أمام نساء، كلها تؤكد أن أحوال النساء في هذه البقعة ليست بخير.
لا يمكننا الحديث عن واقع النساء دون الإشارة لحملة التشويه والتشهير التي طالت المؤسسات النسوية، خلال العام
الأمر ذاته أكدته سهير فراج مديرة تنمية وإعلام المرأة أن التضييق على النساء بلغ حده ولم يتوقف إطلاقاً خلال 2022، سواء من قبل الاحتلال أو النظام السياسي الحاكم في كل من غزة والضفة الغربية أو الجهات المتطرفة التي ترفض حقوق الأنسان وتحديداً النساء، ومحاولة تقليل مساحة الحرية لعمل المؤسسات النسوية، كما طال التضييق من قبل الاحتلال مؤسسات حقوق الانسان ومؤسسات نسوية وصل حد تنكيل بالعاملات والناشطات في هذه المؤسسات، وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد أغلقت عدة مؤسسات وهي الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال فرع فلسطين، والحق، واتحاد لجان العمل الزراعي، واتحاد لجان المرأة الفلسطينية، ومركز بيسان للبحوث والإنماء بزعم دعمها لمنظمات إرهابية.
التضييق على النساء بلغ حده ولم يتوقف إطلاقاً خلال 2022، سواء من قبل الاحتلال أو النظام السياسي الحاكم في كل من غزة والضفة الغربية أو الجهات المتطرفة
القوانين.. محلك سر
"هي بالفعل كذلك، وكلما بزغ داخلي أمل بتغيير يمكنني من احتضان أطفالي جائتني اللطمة التي تعيدني إلى عمق البئر الذي سقطت فيه حقوق الأمهات والنساء وتم تكبيلهن بقوانين تسلبهن أطفالهن، وتمنح الحضانة للأب، حتى الأم التي تحجب نفسها عن الزواج وتكتفي بتربية أطفالها لا حق لها بحضانته" هذا هو حال هبة حسين و400 أم في غزة مسجلات ضمن الحملة الاهلية للمطالبة برفع سن الحضانة للأمهات المطلقات حتى سن البلوغ، كان التفاؤل حليفهن بعد حملات ضغط نجم عنها إقرار لقانون للأحوال الشخصية في غزة، يرفع سن الحضانة لسن 13 سنة للأم المطلقة، فيما يمنح الحضانة الكاملة للأرملة التي تحبس نفسها لتربية أبنائها وغيرها من البنود التي رأت فيها النساء تحقيق لمطالب طال انتظارها.
كلما بزغ داخلي أمل بتغيير يمكنني من احتضان أطفالي جائتني اللطمة التي تعيدني إلى عمق البئر الذي سقطت فيه حقوق الأمهات والنساء وتم تكبيلهن بقوانين تسلبهن أطفالهن
هبة اليوم تشعر بالخذلان ولم تعد تثق في أي وعودات تطلقها المؤسسة الرسمية، إلا أن المستشار القانوني للمجلس التشريعي بغزة أمجد الأغا أكد أن القانون أصبح جاهز للتطبيق لكننا في انتظار إقرار قانون أصول المحاكمات الشرعية الذي يعد بمثابة الإطار الاجرائي لوصول الحق للأفراد، والذي ينتظر أن يتم اقراره بالقراءات الثلاث ويليه تطبيق قانون الأحوال الشخصية الجديد، لكن الأغا لم يضع سقف محدد لإقرار القانون ودخوله حيز التنفيذ متوقعاً أن يتم إقراره في أسرع وقت واعداً أنه من ضمن الأولويات للمجلس التشريعي.
ووفقاً للأغا فإن القانون الجديد للأحوال الشخصية يحتوي على كثير من المواد والنصوص التي تضمن حقوق النساء، مثل رفع سن الزواج لـ 18سنة، كما أنه يضع للطلاق التعسفي، بغير سبب معقول والذي يعود لنظرة المحكمة إذ يحق في هذه الحالة للزوجة المطالبة بتعويض، وغيرها من المواد الناظمة.
مقتل 29 امرأة والعنف في تصاعد
وبرغم انضمام دولة فلسطين إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بدون تحفظات، إلا أن السلطة الفلسطينية لم تتخذ بعد الخطوات الكافية للإعمال الكامل لهذه الاتفاقية، وهذا ما تمخّض عنه ارتفاع منحنى جرائم قتل النساء، ووفقاً لمسؤول الرصد والتوثيق في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، نبيل دويكات قتلت 29 امرأة خلال العام 2022، في الضفة وقطاع غزة، بطرق شتى، على أيدي أولياء الدم حيناً وأزواجهن حيناً آخر، بينما لا زالت تسجل الجريمة على أنها انتحار أو سقوط من علو، في كثير من الأوقات. ووفقاً لـ دويكات فإن من بين الجرائم ثمانية في غزة و21 في الضفة.
رغم انضمام دولة فلسطين إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بدون تحفظات، إلا أن السلطة الفلسطينية لم تتخذ بعد الخطوات الكافية للإعمال الكامل لهذه الاتفاقية،
وفي الوقت الذي لم تتوفر فيه إي إحصاءات جديدة للعنف ضد المرأة تتمنى قاسم أن تتجه الجهات الإحصائية والمراكز ذات العلاقة بإجراء مسوحات سنوية، تعطي مؤشرات دقيقة حول نسبة العنف، ما يؤسس لتدخلات ممكنة وفق المتاح من قبل المؤسسات النسوية التي تعمل بكل طاقتها من أجل الحد من العنف الواقع على النساء، وما كان لافتاً خلال العام 2022 تزايد عدد النساء متلقيات خدمة الدعم النفسي بشكل ملحوظ ما يعطي مؤشر لحجم الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية التي تترك أثر على الوضع النفسي للنساء".
وتحمل فراج الارتفاع الملحوظ في العنف وجرائم القتل في الضفة والقطاع للحكومتين، أذ أن هناك استهتار واستهانة بقضايا النساء، ولا تعد من أولويات أي من الحكومتين، فلم نشهد إقرار لقانون حماية الأسرة، أو تعديل وتحديث للقوانين القائمة، قانون العقوبات، قانون العمل، في الوقت التي تحتاج كل حقيبة القوانين لتعديل وتغيير.
العام 2022 كان الأقسى على النساء الفلسطينيات تخللته جملة من الانتهاكات في الضفة والقدس وغزة، من قبل الاحتلال فيما لم يتوقف العنف المجتمعي
وترى سهير فراج أن العام 2022 كان الأقسى على النساء الفلسطينيات فتخللته جملة من الانتهاكات في الضفة والقدس وغزة، من قبل الاحتلال، سواء بالتنكيل والضرب والاعتقال، هدم المنازل، كما أن العنف الاجتماعي لم يتوقف، وعليه ترى أن الأولوية اليوم إقرار قانون حماية الأسرة ما يضمن عدم الإفلات من العقاب ما يؤدي لتراجع حدة العنف في المجتمع الفلسطيني
أيقونات تضحية
بعد زغاريدها إثر اغتيال ابنها على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي في التاسع من أغسطس الماضي، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في فلسطين بصورةٍ تحمل معاني الثبات والقوة، وتلخّص فكرة البقاء والتجذّر لأصحاب الحق فوق أرضهم السليبة: أم الشهيد إبراهيم النابلسي تحمل نعشه وتبتسم!
أحد المغرّدين علّق على الصورة يقول: "أي امرأةٍ أنت؟ ومن أي طينٍ خلقتِ؟ وفي أي مدرسةٍ تربيت؟ إنها فلسطين صانعة الأفذاذ (..) أمةٌ فيها أم إبراهيم، هي أمةٌ ولّادة، وحتمًا منتصرة".
في صورةٍ أخرى، بدت أم الشهيدين عبد المنعم، وناصر أبو حميد مع نهاية العام صلبةً كجبل، عندما بدأت حديثها لعين الكاميرا، تحمد الله أن أكرمها برؤية ابنها الأسير ناصر، في لحظات عمره الأخيرة. ومثلها كانت أم الشهيدة الصحفية غفران وراسنة، تتعلّق بحبل ذكرى أخيرة، جمعتها بابنتها قبل أن تغادر لعملها الذي استلمته قبل عشرة أيامٍ فقط.. بعد رحلةٍ مع حلمٍ طال انتظاره، وقبل أن تعود إليها محنّاةً بالدم "شهيدة".
وفي تموز استُشهدت سعدية سالم رضوان فرج الله (مطر)، ارتقت روحها "شهيدةً" داخل ظلمات السجن، وبين براثن السجّان، ليرتفع بذلك عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 230 شهيدًا مضافًا إليهم شهيد ديسمبر ناصر أبو حميد.
مطر، كانت أكبر الأسيرات في سجون الاحتلال، وأمّهنّ، أمٌ لثمانية أبناءٍ، وأيقونة شموخٍ حٌرة رغم القيد، حتى آخر نفس.
أما غزة، فكم من صورةٍ صُدّرت في عدوان أُغسطس للعالم الذي لم يلتفت. نساءٌ بكينَ على ولدٍ وأبٍ وأخٍ، وفي البرواز المُدمّى كانت سيدة الدمع أم خليل أبو حمادة، الابن الذي تفتش على رائحته بين زوايا الذكريات، ذاك الذي روى عطش الأمومة في قلبها بعد انتظار 13 عامًا، ليعيش معها، وحيدها، وحبيب قلبها 19 عامًا، ثم يتركها من جديد ويغادر إلى الذي أعطاها إياه "شهيدًا".
رؤى الريماوي أيضًا، أخت الشهيدَين جواد وظافر "الوجع اللي ما بيتصور، ولا بينحكى"، كانت أيقونةً في صورة. كلماتها في إحدى المقابلات تفطر القلب: "الناس كلها بتحكيلك اصبر، وكمل الحياة" بس محدا بحكيلك كيف؟ محدا بعلمك كيف؟ هاد الوجع مش طبيعي، اللي بصير مش عادي! مش عادي احنا كل يوم نقدم شهيد! هاد الوجع ممنوع حدا يعيشه! تمروش عأخبار الشهدا مرور الكرام وتكملوا اليوم عادي، هاد كله مش عادي!".
وشيرين أبو عاقلة، أيقونة العام كله. صحفية الحق والحقيقة، شهيدة "مايو" الحزين، حيث أكملت المهمة في جنين، وروت أرضها بدمائها، لتغدو طيرًا يرفع الوطن فوق جناحيه، ويغادر تاركًا إرثًا من الرسائل المُلهمة في الدفاع عن الحق ودعم الحقيقة.
شذا حنايشة التي عايشت حادثة اغتيالها، كان لها شهادةٌ أمام لجنة التحقيق في جنيف، قالت فيها: "مجرد العودة إلى ذلك اليوم والحديث عنه مرة أخرى، أمر متعب وصعب بالنسبة لي. ذلك لا يعني أنني لم أعد أفكر فيما حدث، فالحديث عنه ليس بالأمر السهل، ولكنني قررتُ الحديث أخيرًا لأنني أبحث عن تحقيق العدالة".
شهيداتٌ وأسيرات
ودّع الفلسطينيون هذا العام شهيدات "الثبات" فوق أرض فلسطين المحتلة.. 17 شهيدة (من بينهن شيرين وغفران وسعدية)، كُن عنوان العام، وبوصلته، أضف إليهنّ: غادة سباين، وطالبة الثانوية العامة مها الزعتريّ، وحنان خضور، وفلة مسالمة، وجنى زكارنة، ومن غزّة آلاء قدوم، ودنيانا العمور، ونعامة أبو قايد، وآلاء الملاحي، وفاطمة عبيد، وهناء الدويك، وداليا النباهي، وحنين أبو قايدة، وليان الشاعر.
لقد كانت قصص الشهداء، والشهيدات أكبر وأعظم من أن تروى، نستمع إلى أحاديثهم/ــن قبل النوم، حتى نحصل على جرعات الصبر والفخار. في عام 2022م، ودّعت فلسطين 230 شهيدًا، حسب إحصائية وزارة الصحة الفلسطينية. 230 حياة، وعائلة.. 230 حلمًا اغتيل دون رحمة.
ولم يكن العام 2022 سهلًا على الأسيرات خلف قضبان الاحتلال البتة. ليس هنّ فقط، بل على الحركة الأسيرة عمومًا، حيث ماطلت ما يسمى بإدارة مصلحة السجون في علاج الأسرى المرضى، ولم تكن الأسيرات بمعزلٍ عن هذه السياسات. الأسيرة سعدية فرج الله واحدةٌ منهن، حين فقدت حياتها بعد أن أمعن الاحتلال في إهمالها طبيًا على سريرها في سجن "الدامون".
وحين كان لا بد من مقاومة لقمع السجّان، عاشت الأسيرات في الأيام الماضية حالةً من التوتر، حيث شرعت كل من مرح باكير، وشروق دويات، ومنى قعدان، بالإضراب عن الطعام، رفضًا للعقوبات التي فُرضت عليهنّ: كقطع المياه، والاعتداء الوحشيّ، وعزلهن بعد تعرضهنّ للضرب.
وتواجه الأسيرات أوضاعًا اعتقالية، وظروفًا قاسية داخل معتقل "الدامون"، حيث الكاميرات ما زالت مثبتة في ساحة الفورة، وغرفهن يغزوها العفن والرطوبة، ناهيكم عن رحلة العذاب التي يعانين فيها الأمرين عبر ما يسمى "البوسطة".
جديرٌ بالذكر، أن عدد الفلسطينيات اللواتي تعرضن للاعتقال منذ عام 1967م، بلغ نحو 17 ألف معتقلة، في حين بلغ عددهن منذ توقيع اتفاقية أوسلو نحو 2550 فلسطينية، وفقًا لهيئة شؤون الأسرى.
ووفقًا للهيئة، فإن أن 17 أسيرة صدر بحقهن أحكام، أعلاهن للأسيرتين شروق دويات، وشاتيلا أبو عيادة (16 عامًا)، في حين حُكمت الأسيرتين عائشة الأفغاني وميسون الجبالي بالسجن لمدة (15 عامًا)
وداخل سجون الاحتلال، تقبع 6 أسيرات جريحات، أخطرهن حالةً الأسيرة إسراء جعابيص من القدس، والمحكومة بالسجن لمدة 11 عامًا، "فهي مصابة بحروق شديدة في جسدها، سببت لها تشوهات، وبحاجة ماسة لإجراء عدة عمليات جراحية، لمساعدتها ولو بشكل بسيط على تجاوز حدة الآلام".
وتعرضت حوالي 125 سيدة فلسطينية، منذ مطلع العام 2022م، للاعتقال من قبل الاحتلال الإسرائيلي، بينما يواصل الاحتلال، وفق نادي الأسير الفلسطيني، اعتقال 4500 أسيرًا، بينهم 32 أسيرة، و(180) قاصراً، ونحو (500) معتقل إداري.
المشاركة في القوى العاملة
إلى غزة، حيث غدير عبد الغفور (38 عامًا)، خريجة قسم اللغة الإنجليزية في جامعة الأقصى منذ حوالي 17 عامًا، التي ومنذ تخرُّجها طرقَت كل الأبواب بحثًا عن فرصة عمل، لكنها لم تحظَ بها، لا في القطاع الحكومي، ولا حتى في الخاص، "حتى أنني جربت افتتاح مشروعٍ لصناعة مساحيق التنظيف، لكنه للأسف واجه عقبات كثيرة: الحصار، نقص المواد الخام، ارتفاع سعرها، وأيضًا بُعد المنطقة التي أقطن فيها قرب الحدود عن مركز البيع والشراء في المدينة" تقول لـ"نوى".
بالنسبة لها، عام 2022 مضى مشابهًا لسنوات عمرها التي سبقته، "لكنه اختلف بأنه لم يحمل لي أي فرصة بتاتًا" تضيف بأسى.
وليست غدير وحدها، فوفقًا لجهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، بلغت نسبة مشاركة الذكور في القوى العاملة في الربع الثاني من عام 2022م حوالي 70% مقارنة مع 71% في الربع الأول للعام نفسه، في حين بلغت نسبة مشاركة الإناث في سن العمل 18%، مقارنة مع 19% خلال نفس الفترة.
ويبلغ عدد الإناث في فلسطين 2.63 مليون أنثى من مجموع السكان المقدر في منتصف عام 2022، وبنسبة بلغت 49%.
وترأس النساء حوالي 12% من الأسر في فلسطين، بواقع 12% في الضفة الغربية، و11% في قطاع غزة وفقًا لآخر إحصائيات العام 2021م. أم رزق واحدةٌ منهن، حيث توفي زوجها قبل حوالي 7 سنوات بمرض السرطان، تاركًا في أمانتها 3 أطفال، وغرفةٌ واحدة تقيهم برد الشتاء، وحر الصيف، وتستر عنهم عيون الناس على حد تعبيرها.
تقول لـ"نوى" هامسةً خشية أن يسمعها أحدهم فينفطر قلبه: "زاد الحمل على أكتافي والله، ومش هاين عليَّ أحكيلهم معيش". تعمل أم رزق في خدمة سيدات البيوت، فتتفق معهن على تنظيف البيت مقابل مبلغٍ مالي غير ثابت، وفي فتراتٍ متباعدة.
تعلق: "يداي خشنتان، وأشعر بظهري وقد انشطر نصفين. رغم هذا لا خيار أمامي، فأولادي صغار، ولا دخل يُعيلني".
في صنع القرار
وتُعدُّ مشاركة النساء في صُنع القرار والحياة العامة والمواقع القيادية، جانبًا أساسيًا من جوانب المساواة بين الجنسين، لكن مشاركة النساء في هذه المواقع، لا تزال محدودة ومتواضعة مقارنةً بنسبة الرجال، حيث أظهرت البيانات لعام 2022م، أن النساء يشكلن حوالي 25% من أعضاء المجلس المركزي، فيما أشارت بيانات عام 2020م، إلى أنهن يشكّلن 11% من أعضاء المجلس الوطني، في حين أن 12.5% من أعضاء مجلس الوزراء هن نساء.
وتبلغ نسبة السفيرات في السلك الدبلوماسي 11%، في حين تشغل امراة واحدة منصب محافظ من أصل 16 محافظًا.
2% من رؤساء الهيئات المحلية في فلسطين هنَّ من النساء، أما عن إدارة مجلس الغرف التجارية والصناعية والزراعية، فقد بلغت النسبة 99% من الرجال، مقابل 1% فقط من النساء.
وتبلغ نسبة القاضيات في فلسطين 19%، في حين تصل نسبة وكيلات النيابة إلى 20%.
وما زال الانقسام السياسي يلقي بتبعاته على حقوق المرأة، حيث يحول حتى اللحظة، دون إقرار قانونٍ يحمي النساء من العنف، لا سيما العنف المنزلي، كما مَنَعَ توحيد الأنظمة القانونية في قطاع غزة والضفة الغربية؛ لضمان حصول جميع النساء والفتيات في فلسطين على حماية متساوية.
النظام الذكوري، وأيضًا النظام العشائري، ما زالا يعطيان للرجال امتيازات حقيقية، تتيح له الاستمرار بممارسة تسلطه على المرأة، حتى في طريقة حلهما للمشكلات والقضايا الأسرية، التي تستند على الأغلب لعاداتٍ وتقاليد بالية.