شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم الثلاثاء 30 مايو 2023م08:17 بتوقيت القدس

"المونديال" يُنعش مقاهي غزة.. فرصةٌ مؤقتةٌ للعيش!

16 ديسمبر 2022 - 17:48

قطاع غزة:

"يا ليت كل السنة مونديال"، يحكي رامي، وهو يتأمل وجوه الناس الذين اكتظَّ بهم مقهاه. لقد تجمّع العشرات هنا لحضور مباريات كأس العالم، "وعجبًا فقد توحدوا للمرة الأولى أمام الشاشة بتشجيع منتخبٍ عربي" يُعلّق مُبتسمًا.

الجميع يحملون أعلام منتخباتهم، يبكي أحدهم لخروج منتخبه، ويهزّ آخر الأرض تحت قدميه فرحًا بالتأهّل. "وهكذا تبدو الصورة في كافة مقاهي غزة" يخبرنا رامي شحادة، الذي كان يهرول بين الطاولات محاولًا تأمين مقاعد جديدة للزبائن.

يقول لـ"نوى": "هذا العدد مهول، نادرًا ما يحدث ويتجمع هذا العدد من الناس عندي دفعةً واحدة، المشهد كما لو أنهم مدعوون لعرسٍ هنا".

كان رامي يتوقع إقبالًا ملفتًا من قبل المواطنين في قطاع غزة، خلال فترة المونديال، لا سيما من طرف أولئك الذين يهربون من انقطاع الكهرباء في بيوتهم، والآخرين الذين يحبون التواجد في أجواء حماسية وجماعية وقت مشاهدة مباراة، "لكن لم أتوقع أبدًا أن أستقبل ما يزيد على 300 شخص دفعةً واحدة في مقهاي المتواضع هذا" يستدرك.

ويضيف: "انبهرت من العدد، حاولتُ سد العجز من المقاعد بشراء أخرى جديدة، ودخل الشهر هذا، بمدخول كل العام صراحةً".

ليس وحده من يطير فرحًا، فالشباب الذين تم استقطابهم للعمل في المقهى، وعددهم سبعة، تمنوا لو كان المونديال حدث شهري! فهذه فرصتهم للعيش وإن كانت مؤقتة، وإن كان المدخول لا يتجاوز 1000 شيكل/270 دولار، إلا أن هذا بمثابة حلم بالنسبة لهم، وفق محمد بكر.

يخبرنا محمد بأنه بعد بدء كأس العالم بحوالي خمسة أيام، هاتفه صاحب المقهى قائلاً: "بتقدر تيجي حالًا يا محمد؟ أنا بحاجة لعدد من المساعدين نظرًا لضغط الزبائن المفاجى".

محمد الذي درس دبلوم المحاسبة، لم يجد طريقًا يأخذه إلى باب التوظيف أمام العدد الهائل من الخريجين والخريجات في قطاع غزة، وسط ارتفاع معدلات البطالة، التي بلغت في الربع الثاني من العام 2022م 44.1% بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

كالنحلة يسير محمد في المقهى للإيفاء بطلبات الزبائن، دون خبرةٍ سابقة "مشروطة" كما يجري في الوظائف التي تعلن عبر الإنترنت. يعقب: "هذه فرص لاكتساب الخبرة بدلًا من الشروط التعجيزية التي يضعها أرباب العمل، الذين يكون غالبيتهم قد حددوا الموظف قبل نشر الإعلان".

عين على المباراة وعين على الناس، فهم أيضًا رغم هذه الفرصة، تنقبض قلوبهم مع كل هدف يدخل في شباك المنتخب الذي يشجعونه، كما يؤكد معتز زياد وهو عامل جديد.

ويقول: "جرت العادة منذ سنوات، أن أتابع هذه المباريات على التلفاز في حال توفرت الكهرباء فقط، أما اليوم فأنا أعمل، وأتابع، ولعل هذا أحلى ما يحدث معي"، معلقًا بابتسامة: "والله أنا في عز".

الفقر المطبق على القطاع، حرم أبناء الحصار وبناته على اختلاف أعمارهم وفئاتهم، من فرص العيش "الضيقة"حتى! أبسط الاحتياجات صارت تُدرج ضمن "الترفيه" لدى غيرهم، تمامًا كأن يشعر "معتز" أنه في "عز" لمجرد حصوله على فرصة عملٍ مؤقتة.

كاريكاتـــــير