شبكة نوى، فلسطينيات: أجمعت أوراق عمل عرضت في مؤتمر الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" السنوي، على ضرورة أخذ زمام المبادرة في وضع خطة عمل وطنية، لإجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية بما يشمل القدس.
ودعت الأوراق إلى التوقف الفوري عن الارتهان إلى قرارات الاحتلال، وذلك من أجل استعادة التوازن في النظام السياسي، عبر إعمال مبدأ فصل السلطات وفقًا لأحكام القانون الأساسي الفلسطيني، وإعادة إعمال سلطة التشريع، بالتوازي مع وقف إصدار القرارات بقوانين، وإلغاء القرارات التي تصب في مصالح الأشخاص على حساب المصلحة العامة.
المؤتمر الذي جاء تحت عنوان "النزاهة السياسية: إخضاع السياسات العامة لخدمة الصالح العام"، دعا إلى التوقف التام والفوري عن أي إجراءات، أو سياسات، أو تشريعات، تساهم في تعقيد عملية إنهاء الانقسام من قبل طرفي السلطة في الضفة والقطاع، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تخضع قراراتها وسياساتها للصالح العام، لا للمصالح الحزبية.
وأوصى بتوفير الموارد اللازمة لهذه الحكومة، من أجل القيام بعملها لفرض سيادة القانون، وتوحيد مؤسسات الدولة بدءًا بالمؤسسات التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، وإعداد وتنفيذ خطة لتوحيد السلطة القضائية، وتعزيز استقلاليتها وحياديتها، على أن تعبر أجندات وسياسات واستراتيجيات الإصلاح للاحتياج الوطني الفعلي، عبر تشكيل لجنة إصلاح وطنية، بالشراكة مع ممثلي قطاعات المجتمع الفلسطيني.
وأكد عبد القادر الحسيني، رئيس مجلس إدارة الائتلاف في افتتاحية المؤتمر، على أهمية بذل المزيد من الجهود لتحصين البيت الداخلي الفلسطيني ضد الفساد بمختلف أشكاله، بما يعزز ثقة المواطنين بالسلطة الحاكمة، ويساهم في إعادة تكريس الوحدة الوطنية، وتعزيز قيم النزاهة وسيادة القانون الأساسي الناظم لتأسيس دولة ديمقراطية، تستند على الفصل بين السلطات، واحترام سيادة القانون، والحقوق، والحريات العامة، وفي مقدمتها حقوق الإنسان.
وأشار الحسيني إلى التحول في شكل الحكم القائم في الضفة الغربية وقطاع غزة، واتجاهه نحو إضعاف النزاهة السياسية، "بعدما غاب مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، وسيطرت السلطة التنفيذية على مراكز الحكم المختلفة، ما عزز من هيمنة السلطة الحاكمة وتفردها في إقرار تشريعات وقوانين وأنظمة تطبخ بسرية، وتهدف إلى تعزيز هيمنتها في ظل غياب منظومة المساءلة الرسمية الممثلة في المجلس التشريعي".
كما أكد الحسيني أن قرار إلغاء الانتخابات العامة للمجلس التشريعي والرئاسة، وعدم احترام أحكام القانون الأساسي، وإصدار عددٍ من التشريعات، وخلط الأدوار بين آليات عمل السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، عزز من سلطة الأفراد بدلًا عن سلطة الدولة المنتخبة، وأتاح المجال لبعض المتنفذين لاستغلال الواقع لمصالحهم، تحت غطاء الموالاة ودعم الشرعية.
وتناول جهاد حرب الباحث الرئيس في ائتلاف "أمان" في ورقته، مدى تأثير ضعف وهشاشة نظام الحكم على سياسات الإصلاح الحكومي، مؤكدًا أن خطط الإصلاح الحكومي المتكررة، تفتقر للإرادة السياسية الجدية من أجل تطبيقها، ملفتًا إلى عدم تنفيذ خطط الإصلاح الحكومي على مدى 22 عامًا "على أهميتها".
واستعرض حرب في ورقته، بعض الخطط المتعلقة بالإصلاح والتي قدمت للدول المانحة دون نشرها لاطلاع المواطنين الفلسطينيين؛ مثل تقديم أجندة الإصلاح الحكومي في العام 2022 في مؤتمر الدول المانحة في بروكسل في شهر أيار 2022. فعلى الرغم من أن الإصلاح مطلب واحتياج شعبي فلسطيني إلا أنَّ بعض عمليات الإصلاح ارتبطت بشكل واضح بضغوط دولية وخاصة بضغوط من الدول المانحة؛ لتجاوز الأزمات الحكومية أو بسبب حالة التذمر الداخلية التي سبقت قرار الرئيس بتشكيل اللجنة الوطنية للإصلاح عام 2021.
وأوصى حرب بضرورة تفعيل المشاركة المجتمعية في عملية تحديد الأولويات، والانفتاح على المواطنين من خلال إعمال حق المواطنين في الاطلاع على المعلومات العامة، ونشر الخطط، والتدابير، والإجراءات، والقرارات المتعلقة بتنفيذ الحكومة لخطة الإصلاح.
واستعرض الدكتور عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة "أمان" لشؤون مكافحة الفساد، ورقة حول سياسات طرفي الانقسام الخاصة بإدارة قطاع غزة، وأثرها على نزاهة الحكم والفساد السياسي، عدد خلالها سياسات السلطة القائمة في القطاع (حركة حماس) ورؤيتها لإدارة قطاع غزة، من خلال سياسة وآلية الوصول للسلطة، إن كان من خلال سياسة (القوة) كما حدث عام 2007م للاستيلاء على مراكز الحكم في قطاع غزة، والسيطرة على المواقع القيادية للمؤسسات المدنية، بتعيين أشخاص موالين للحركة، وإنشاء مؤسسات أمنية جديدة، ومنع إجراء الانتخابات المحلية وفرض رسوم وضرائب على المواطنين لتمكين الحركة من السيطرة.
كما استعرض الشعيبي سياسة السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة تجاه قطاع غزة، التي لم تبلور سياسة وطنية خاصة لإدارة القطاع عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي منها، "كما تبنت الحكومة في الضفة سياسة عامة لمحاصرة السلطة القائمة في غزة، والتحريض عليها، ووضع العراقيل أمامها، وتبني سياسة مالية عقابية غير معلنة، جوهرها التعامل مع القطاع باعتباره إقليم متمرد".
وأكد الشعيبي أن هذه السياسات أدت إلى تراجع نزاهة الحكم وعززت الانقسام، كما أن شعار "لا دولة بدون القطاع، ولا دولة في القطاع" أدى إلى شبه دولة هزيلة مشوهة وضعيفة في قطاع غزة، وسلطة ضعيفة هشة في الضفة.
وتطرقت الجلسة الثانية لقضيتي شرط الحصول على السلامة الأمنية ولجان التحقيق الرسمية، حيث أكدت هامة زيدان مديرة العمليات في ائتلاف "أمان"، أنه بالرغم من خلو التشريعات الفلسطينية من أي تعريف مباشر لمصطلح السلامة الأمنية، إلا أن شرط السلامة الأمنية يتسع ليشمل "تقلد بعض الوظائف العامة، والحصول على بعض الأذونات والرخص وتشكيل الجمعيات الخيرية، والمنح الدراسية والتعيين في الجهاز القضائي"، داعيةً إلى إلغاء شرط السلامة الأمنية قياسًا على ما جاء في أحكام محكمة العدل العليا الصادرة في العام 2012م، والاستعاضة عنه بشهادة عدم المحكومية الصادرة عن وزارة العدل.
ولفتت إلى أن الاستمرار بفرض شرط الحصول على السلامة الأمنية، هو إمعانٌ في مخالفة القانون الأساسي والقيم الديمقراطية، وأحد الممارسات التي تندرج تحت مفهوم الفساد السياسي من حيث استغلال سلطة الحكم للحصول على مصالح سياسية.
وفي قطاع غزة، استعرض الباحث سامي غنيم ورقة بعنوان: "أثر التعيين لأعضاء ورؤساء المجالس المحلية على النزاهة السياسية"، سلطت الضوء على تفرد جهة الحكم في قطاع غزة في تحديد واختيار الأسماء المرشحة للتعيين ومن ثم التي يتم تكليفها، ما أدى الى إضعاف استقلالية المجالس، ومدى تمثيلها للمواطنين، وخضوعها للتوجهات الحزبية والممارسات العملية للحكم المحلي.
ونوهت هداية شمعون، منسقة وحدة الرصد والدراسات في ائتلاف "أمان"، في ورقتها، للفجوة التشريعية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، "حيث أن عملية إصدار القرارات بقوانين في الضفة الغربية، وانطباقها على الضفة الغربية فقط، في مقابل إصدار قوانين في قطاع غزة تنطبق على القطاع فقط، عزز من حالة الانقسام التشريعي، وانقسام المنظومة القضائية والقانونية، وانعكاساته على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي يؤكد على أن إصدار التشريعات هي لمصلحة نظام الحكم دون اعتبار للمصلحة العامة.
أوصت شمعون بوقف أي تشريعات جديدة في قطاع غزة أو الضفة الغربية من شأنها تعزيز حالة الانقسام، والعمل على توحيد المؤسسات في إطار مؤسسي واحد يهيئ المناخ لتقليص الفجوة التشريعية بين شطري الوطن الفلسطيني، وتعزيز التشاركية في صنع القرار من خلال تبني مبدأ الانفتاح على المواطنين من قبل المسؤولين، وإعمال مبادئ الشفافية وحق المواطنين في الاطلاع على المعلومات العامة، والمشاركة في اتخاذ القرارات في إدارة الشأن العام.