شبكة نوى، فلسطينيات:
لم تكن نظرات الصغيرة "حلا" التي دخلت برفقة أمها مركزًا تجاريًا معروفًا في قطاع غزة، غريبةً على السيدة التي تعمل في حراسة المكان "ريم سكر". تقول: "راقبتُها وهي تشدُّ قميص أمها وتناديها: ماما، ماما، هذه شرطية؟، لتجيبها بعد أن ابتسمت: نعم ماما؛ هذه خالتو تعمل في حراسة المكان".
هذا الموقف بسيط أمام مواقف استغرابٍ كثيرة، تعايشها ريم، التي تعمل في مهنةٍ قليل من النساء في قطاع غزة يمكن أن يعملن بها، كونها صعبة، تحتاج إلى ترقب وحذر شديدين، وقوة بدنية كبيرة إذا تطلب الأمر.
حسنًا، تعمل ريم في مركز تسوق بمدينة غزة، وقبل هذا هي أم لثلاثة من الأطفال، وجدت نفسها شغوفة بهذه الفكرة، بعد تركيزها بدروس زوجها الذي التحق بكلية العلوم الأمنية عام 2015م، فانضمت إليه بالعام ذاته، وتخرّجت بعد عامين من الدراسة.
"لمَ لا؟" تساءلت ريم حينها، وقالت تحدث نفسها: "أظن أنني أمتلك قوة الشخصية والثقة بالنفس وسرعة البديهة والتصرف!"، ثم شاركت زوجها الحوار فكان رده داعمًا.. نعم، لقد قررت العمل بمجال الأمن "الحراسة" في قطاع غزة.
لم تتوان عن طرق أبواب البنوك، ومراكز التسوق، والشركات التي تقدم خدمات الأمن، وبالفعل لم تُردّ خائبة، فقد استلمت العمل قبل خمس سنوات من الآن.
تضيف: "لم أندم، بل على العكس أنا ممتنة للقدر الذي جعلني أدرس وأعمل بمهنة أحببتها فعلًا، لا أكترث بما يدور حولي من تمتمات، فما يهمني هو أنا وتحقيق ذاتي بمجالي!".
كعادة المجتمع، وكما يصف الإعلام النماذج الشبيهة لريم فإنها "كسرت الصورة النمطية" في بلادنا، هي مهنة ذكورية، يندهش البعض ربما عند مشاهدتها، تمشي بعض النساء وهي تنظر له باستغراب ثم تُتمتم لرفيقتها وتمرّ.
بخلاف هذا، الذي لا يؤثر بنفس ريم، تؤكد أنها لم تشعر أبداً بأن مهنة الأمن ليست للنساء، فهن موجودات في كل المجالات، لكن البعض أحياناً لا يراهن، أو يتعمد عدم رؤيتهن، فعلى سبيل المثال لا الحصر تعمل المئات من النساء ضمن عناصر الشرطة في القطاع، وفي كل مكان غير فلسطين.
وممّا لا شك فيه، فإن التحديات التي واجهتها منذ بدأت عملها كانت كثيرة، أبرزها تكمن في أن هناك رجال رفضوا التعامل معها أو تقبل فكرة أنها "سيدة أمن"، بل طالبوها باستدعاء "رجل أمن" للتعامل معه في مواقف يظنون أنها لا تنفع إلا معه!
تزيد: "اعتدتُ على هذه المواقف، لا تحبطني بل على العكس، ربما هم لم يتقبلونني بعد، لكنني أتقبل رفضهم، وأراعي طبيعة المجتمع الذي ما زال يعتبر أن مكان النساء ليس هنا".
"طالما لم أخالف ديني، فسأبقى متمسكة بشغفي ساعية لأجله، ولن أتوقف، وهذه رسالتي لكل النساء، أن يتبعن شغفهن، ويعملن في المجال الذي يرغبنه بكل أمانة، بعيدًا عن محاولات الإحباط الدائرة من المجتمع" تختم.