الخليل:
بصوت صاخب، صرخ متظاهرون فلسطينيون "طلع الصوت من مجدو، باب السجن بدنا نهده" في جنازة رمزية أقاموها للأسيرة الفلسطينية سعدية مطر، والتي أعلن عن استشهادها في سجون الاحتلال الإسرائيلي جراء الإهمال الطبي.
"أمي أغلى ما في حياتي، يا ليتك تعودي يا أُمي" ترثيها ابنتها بدموع مرهقة، تتمنى لو كان كابوساً. تصفها "كانت طيّبة ومحبوبة، رقيقة كالنسمة، كانت نشيطة ولا تشكو من الأمراض".
زيارة واحدة انتزعتها من الاحتلال، شاهدت أمها هزيلة، تعاني أوجاعاً لم تستطع بسببها رفع سمّاعة "الالتقاء" للحديث، بالكاد استطاعت الكلام. "ضربوها وعذبوها وأهملوا علاجها" – تقول -.
من هي سعدية؟
أمٌ لسبعة أبناء، وجدّة لـ 15 حفيد. هي ابنة مدينة الخليل، عاشت 68 عاماً تحت احتلال سرق أرض بلادها، حرمها من التنقل بين شوارع مدينتها بسلام، وسرق منها فرحة الصلاة بالمسجد الأقصى، لم يسمح لها بالمرور بسلام يوماً، بل سهّل للمستوطنين اعتداءهم عليها أمام الحرم الإبراهيمي فأبرحوها ضرباً.
ويوم الثامن عشر من ديسمبر/كانون الأول عام 2021، اعتقلوها بحجة "تنفيذ عملية طعن"، مبرر جاهز عند كل عملية اعتقال وملاحقة تسير وفق مزاج الجنود المدججين بالأسلحة.
وانتهاكات الاحتلال تزيد في السجون، حيث لا كاميرات توثق وتخبرنا عما يجري سوى شهادات أسرانا عبر محاميهم، خصوصاً إذا ما حرموهم من زيارات عائلاتهم وهذا ما جرى مع سعدية التي زادت حالتها الصحية سوءاً في السجون إثر الضرب الذي تعرضت له.
بحسب شؤون الأسرى، فإن الأسيرة سعدية مطر استشهدت أثناء تواجدها في ساحة الفورة بسجن الدامون، وبارتقائها يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 230 شهيدًا.
كانت أكبر الأسيرات سناً في سجون الاحتلال الإسرائيلي وهي ثاني أسيرة من شهداء الحركة الأسيرة، بعد ارتقاء الأسيرة الفتاة فاطمة طقاطقة من بيت لحم عام 2017.
وتصدر وسم "#سعدية_مطر" منصات التواصل الاجتماعي منذ أمس، تداول الناشطون صورها وطالبوا بحرية الأسرى والأسيرات.
كتب ناصر علاونة "استشهاد الأسيرة " سعدية مطر "بشهادة سعدية، استشهدت أم كل حر في هذه الأرض. استشهدت بعد أن لفظت أنفاسها الأخيرة من الألم والضرب والحزن والقهر خلف القضبان".
ويتابع "تركت خلفها أبناء وأحفاد ومحبين كانوا ينتظرون عودتها عند شجرة الزيتون. فما عادت سعدية ولم يعد للأيام معنى بعين من تركتهم خلفها".
يوم الثلاثاء الماضي، ظهرت الأسيرة الشهيدة في إحدى قاعات محاكم الاحتلال على كرسي متحرك، بعد تراجع كبير في حالتها الصحيّة، وبعد أربعة أيام فقط أعلن استشهادها بعدما فقدت وعيها في إحدى غرف سجن الدامون.
تقول إيمان شلبي "هذه فرصة قوية لإعادة الاهتمام بقضية الأسرى والأسيرات، فالمرضى بينهم كثيرون، وفي نفس الوقت يتعرضون للتنكيل والتعذيب المستمر، يجب علينا أن نقف وقفة جدية للمطالبة بحريتهم وكلنا أمل بعقد صفقة تبادل قريبة".
ومن الجدير ذكره، أنّ عدد الأسرى المرضى في سجون ومعتقلات الاحتلال – وفق هيئة شؤون الأسرى والمحررين - بلغ 500 أسيراً وأسيرة، منهم ما يقارب 50 تصنّف حالتهم على أنها صعبة وخطيرة وبحاجة لرعاية خاصة وعلاجات فورية، تحديداً حالات السرطان والكلى والمقعدين.
فيما بلغ عدد الأسيرات في سجون الاحتلال 29 أسيرة، منهن 28 أسيرة في سجن الدامون، وأسيرة واحدة في مركز تحقيق الجلمة.