شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م05:03 بتوقيت القدس

العدوان وكورونا والحصار

ثلاثي يخنق طلبة التوجيهي في قطاع غزة

25 يونيو 2021 - 21:09
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

غزة:

أمس انطلقت امتحانات الثانوية العامة في فلسطين، على وقع الاعتداءات الإسرائيلية التي طالت كل محافظات الوطن.

في قطاع غزة كان الوضع أقسى، أكثر من 37 ألف طالبة وطالب ما زالوا يلملمون جراح 11 يومًا من الاعتداءات الإسرائيلية التي اندلعت في 10 مايو، وخلّفت 256 شهيدة وشهيدًا ومئات الجرحى، وتدمير هائل في البنية التحتية، ما تسبب في حالة نفسية سيئة للطلبة.

ينظر طالب التوجيهي عبد الرحمن غطاس، إلى جدران غرفته الأربعة، وهو يتخيل ممتلكاته الشخصية التي فقدها خلال العدوان إثر استهداف منزلهم في مدينة غزة، هنا كانت صورته الشخصية، وهنا كان سريره، وهنا كانت مكتبته التي يضع عليها كل أشيائه الشخصية، لكن كان للاحتلال الذي دمرّها رأي آخر.

عبد الرحمن استقبل اليوم الأول من الامتحانات بكتب مهترئة وفّرها من أحد أقاربه بعد العدوان، ليؤكد في حديثه لنوى :"الدراسة في مثل هذا الوضع معجزة، أخلينا بيتنا في لحظات خلال العدوان، حاولت أخذ كتبي معي ولكن أمي باغتتني بضرورة النزول من البيت بسرعة وترك كل شيء".

سبب استعجال الأم هو أم استهداف بيتهم كان بعد يوم واحد من تدمير الاحتلال لمنزل عائلة أبو العوف التي استشهد فيها 48 فردًا، وهو ما جعله يستجيب سريعًا، ويتخلّى عن كل ملخصاته التي قضى العام الدراسي وهو يخطّها تحضيرًا لمرحلة الامتحانات والمراجعة النهائية.

"كمتشرّد أجلس على قارعة الطريق"، هكذا وصف غطّاس حاله وهو يحاول التأقلم مع الوضع الحالي، وتناسي حنين العودة لغرفته وكتبه، لكنه يأمل أن يراعي المصححون في اللجان وضع الطلبة الذين عانوا ظروف الحصار والدراسة الالكترونية بسبب جائحة كورونا وحتى الحصار الذي خنقهم.

أما الطالبة مريم مهنا، فقد رفضت في البداية الحديث إلى نوى، لكنها عادت واستجابت أملًا في أن يسهم الحديث عن معاناتهم في لفت الانتباه إلى ما يتعرض له الطلبة في قطاع غزة.

مريم طالبة مجتهدة، أصيبت خلال الفصل الأخير بفيروس كورونا، ورغم صعوبة تجربة الإصابة لكن الأكثر ألمًا كان حالة التنمّر التي تعرّضت لها أثناء وبعد الإصابة، ما أثّر بشكل كبير على حالتها النفسية وبالتالي تركيزها في الدراسة.

تقول مريم :"اضطررت بسبب الإصابة لترك أهم جزئية وهي الدوام والالتزام بالعزل المنزلي، ما آلمني أكثر هو نظرة زميلاتي والمعلمات اللواتي هربن مني بطريقة فظّة فور رؤيتهم اسمي في كشف المصابين، وتعاملوا معي بأسلوب مهين وكأنني اقترفت ذنبًا فغادرت المدرسة باكية".

وبدت مريم ممتعضة وهي تكمل: "بالطبع تقدمت لامتحانات الثانوية العامة، ولكن لم ألجأ لمعلماتي اللواتي تعاملن معي بشكل فظٍ واكتفيت بمتابعة دروس عبر الانترنت، واستطعت كتابة ملخصات لأهم النقاط في المنهج، واجهت ألمًا نفسيًا كبيرًا بسبب ما تعرضت له من تنمر، وكنت أقاتل وحدي على جبهة الإصابة وبعدها العدوان الإسرائيلي وحالة الرعب التي عشتها".

ومن بين الطلبة الذين تغيّبوا عن الامتحانات الطالب توفيق أبو العوف، الذي استشهد في قصف طائرات الاحتلال لبيتهم، وقد نعاه شقيقه عمر في فيديو بثه على الفيس بوك.

وقال عمر في الفيديو الذي بثه أول أيام الامتحانات إن توفيق كان جادًا في دراسته والتقدّم للامتحانات كي يبني مستقبله الذي قضى عليه الاحتلال بأربعة صواريخ، فتوفيق كان حيًا تحت الركام لكنه استشهد بعدها بعد أن شاهد بيتهم الهدوم.

وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، نعت في بيان لها"26" طالبة وطالبًا استشهدوا خلال العدوان الإسرائيلي كان يُفترض أن يتقدموا لامتحانات الثانوية العامة، وحمّلت الاحتلال المسؤولية عن قتل الأطفال طلبة المدارس، وطالبت دول العالم والمؤسسات الحقوقية والمهتمة بالطفولة والتعليم إلى إدانة واستنكار تلك الجرائم التي استهدفت الطلبة والمؤسسات التعليمية.

بدورها أوضحت الأخصائية النفسية ألفت المعصوابي أن التعرّض لأحداث عنيفة يؤثر على الذاكرة ويجعل التركيز أقلّ وحالات النسيان أعلى نتيجة الصدمة النفسية، لافتة إلى أن شكوى الطلبة من النسيان وعدم التركيز طبيعي في ظل شعورهم بالتهديد المستمر، وسماع صوت القصف بشكل مكثّف والمجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي.

وطمأنت الطلبة إلى أن هذه الحالة تتلاشى مع الوقت، بل من الممكن السيطرة عليها، من خلال اتباع عدم نصائح أهمها النوم المبكر والغذاء الصحي وممارسة الرياضة وتمارين التنفس والاسترخاء، محذرة من زيادة عدد ساعات الدراسة دون أخذ قسط من الراحة.

ولفتت إلى أن هذه الفترة تحتاج تعاون الطلبة وذويهم وإشعارهم بالتعاطف معهم وتحفيزهم على الدراسة لبناء مستقبلهم، دون زيادة النصائح كي لا تشكّل المزيد من الضغط النفسي عليهم، بل يجب أن تكون الدراسة منظمة من خلال التلاخيص ومفاتيح المعلومات مثل الإجابة على نماذج امتحانات، مع ضرورة أن يتحدث الطلبة عن مخاوفهم لأشخاص مقربين منهم.

بدوره قال خالد أبو فضة مدير عام الإرشاد والصحة المدرسة بوزارة التربية والتعليم إن الوزارة تقدّم طعمها لطلبة الثانوية العامة عبر ثلاث مسارات منها الدعم النفسي والإجراءات الصحية والأشخاص ذو الإعاقة، لافتًا إلى أنها أولت الدعم النفسي أهمية أكبر في الفترة الماضية من خلال مرشدين تربويين وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأشار إلى أن الدورة الحالية للامتحانات يتقدّم فيها 103 طلبة من ذوي الإعاقة، عبر أماكن موائمة لاحتياجاتهم، و 102 من الطلبة المصابين بفيروس كورونا في لجان ترسل للمستشفيات.

من جانبه قال عائد الربعي مدير دائرة الامتحانات في الوزارة، إلى أن العام الحالي يتقدم فيه 37,150 طالبة وطالب للثانوية العامة في قطاع غزة في كل الفروع، وأن الامتحانات تجري وفق البروتوكول الصحي، والإشراف على الصحة النفسية للطلبة والحفاظ على هدوئهم واتزانهم النفسي.

ولفت إلى أنه تم اعتماد الرزم التعليمية التي تم تعميمها على الطلبة وتم مراعاة أن تكون الأسئلة في متناول الطلبة، مقسّمة على فروع يختار منها الطالب ما يريد الإجابة عليها، وتم دمج الورقتين الأولى والثانية في مبحثي اللغة العربية والانجليزية مع حذف جزئيات من المنهاج للتخفيف على الطلبة.

وأشار الربعي أن الامتحانات ستعقد من خلال ثلاث دورات خلال شهور (6-8-12) لمراعاة الطلبة الذين فقدوا أحد أفراد عائلتهم أثناء العدوان، وسيتم الحفاظ على جودة الامتحان ليكون مقبولاً لدى دول العالم، لأن هناك طلبة سيلتحقون بالامتحانات عبر السفارات الفلسطينية.

كاريكاتـــــير