شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م07:48 بتوقيت القدس

عمّو فؤاد .. حكواتي الأطفال في زمن الكورونا

26 يناير 2021 - 20:09

رفح:

صفّق الأطفال بحرارة عندما انتهى عمّو فؤاد الحكواتي من سرد قصة بعنوان الطفلة "الأمينة بتول"، ولم يضجر من إلحاحهم بإعادة سردها، وبكل سعادة كررها على مسامعهم وهم يصغون من جديد.

إنه الفنان المسرحي فؤاد الشيخ عيد، من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، الذي يجوب منذ شهرين العديد من المناطق في المدينة، يجمع الأطفال حوله بعد اتخاذ الإجراءات الوقائية ويبدأ بسرد القصص على مسامعهم مرتديًا ملابس تراثية على رأسه الطربوش الأحمر الذي تتدلى منه خيوط سوداء، في مشهد بدا محببًا للأطفال الذين استغربوه في البداية.

"انطلاق فكرة مبادرة "الحكواتي" تشكّلت من خلال القصص التي كنت أرويها لأطفالي في المنزل أثناء الحجر المنزلي"، يقول الشيخ عيد لنوى، فقد كانت الحكايات وسيلة التسلية البسيطة لهم، وهو ما جعله يفكر في بقية الأطفال الذين لن يجدوا من يروي لهم القصص بطريقة ممتعة تناسب أعمارهم، وتكسر حالة الملل التي يتسبب فيها الحجر المنزلي.

فقطاع غزة خضع منذ مارس 2020 للإغلاق الشامل مدة شهرين بسبب جائحة كورنا، التي تفشّت في المجتمع منذ أغسطس 2020 حتى تجاوز عدد الإصابات 50 ألفًا.

هنا انطلق الشيخ عيد – وهو أب لاثني عشر طفلًا- صوب تنفيذ مبادرة فردية يُدخِل من خلالها البهجة على نفوس الأطفال الذين يروي لهم القصص التي تساهم في زرع القيم النبيلة لديهم وتعزز الانتماء الوطني، يُضاف إلى ذلك قصص متعلقة بجائحة كورونا ليساهم بدوره في توعية الأطفال بضرورة اتخاذ سبل الوقاية من الفيروس.

شيخ العيد طوّر فكرته من خلال تصوير القصص التي يسردها ونشرها عبر قناته الخاصة على يوتيوب، بل وعلم على إرسالها إلى مجموعات الواتساب لطلبة المدارس بعيدًا عن أجواء التعليم الالكتروني ليساهم في نشر القيم وتسلية الأطفال.

وتركّز قضايا الحكايات التي يرويها على مواضيع التراث الفلسطيني والقضية الوطنية، والمواضيع الاجتماعية والتربوية وقيم الأمانة والصدق والنظافة والحب والتسامح والاحترام، وحقوق المرأة ونبذ العنف الاجتماعي بطريقة سهلة وبسيطة.

المبادرة رغم حداثتها إلا أنها جذبت انتباه المجلس المركزي لأولياء الأمور في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "اونروا"، فرحبت بها وبدأت بالتنسيق مع أهالي الطلبة لتنفيذ المبادرة على الأرض وليس فقط عبر مجموعات الواتساب، من خلال التواجد الفعلي بين الأطفال وسرد القصص لهم بحضور ذويهم.

ويبتسم لدى تعقيبه:"حتى الأهالي يحبّون الاستماع للقصص إلى جانب أطفالهم"، وهو يفخر أن الكثيرين أعادوا النظر في موضوع التمييز بين الذكور والإناث، فتطوّرت لديه الفكرة ليسرد حكايات تناسب الكبار وليس فقط الصغار.

فالرجل الذي يتقن العمل المسرحي منذ 20 عامًا، يفخر بهذا الجهد التطوعي بالكامل، وكثيرًا ما اضطر هو وفريقه لقطع مسافات للوصول إلى منازل الطلبة من أجل سرد الحكايات لهم، مكتفيًا بالفرحة التي يراها في عيونهم، ويشعر بالسعادة لتلبيته نداءات العائلات الراغبة بوجود الحكواتي في بيوتهم وبين أطفالهم.

يُشار إلى أن مدارس وكالة الغوث في فلسطين، لم تستأنف التعليم الوجاهي بعد، بينما استأنفته وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في بعض المراحل الدراسية في المدارس الحكومية، تنفيذًا لقرار خلية الأزمة الحكومية، ما جعل عشرات آلاف الطلبة قيد الحجر المنزلي وتسبب في حالة من الرتابة والملل لديهم، وجعل الحاجة للتسلية والترفيه غاية في الأهمية.

واقعٌ أكده السيد سامح قشطة أحد أولياء الأمور الذين استضافوا "عمو فؤاد" في منزلهم، وهو يرى أن المبادرة بمثابة متنفس للصغار في ظل حالة الفراغ الكبير المترتّب على إغلاق المدارس، وعدم وجود أنشطة ينشغل بها الأطفال، بالتالي يصبح التفاعل كبيرًا مع الحكواتي.

ويضيف أن الحكواتي شكّل مساحة للتفريغ النفسي، وفرصة لزرع القيم والمبادئ والتأكيد عليها، متمنياً تكرار التجربة ووصلها لأكبر عدد من الطلبة.

رئيس المجلس المركزي لأولياء الأمور صلاح أبو كوش قال لنوى إن تبنّي المجلس لمبادرة الحكواتي جاءت من باب الترفيه عن الطلاب وكسر رتابة التعليم الالكتروني، فهو يشكّل فرصة للتفريغ النفسي لدى الطلاب من خلال تفاعلهم معه، واستماعهم للقصص والحكايات التي تحمل الكثير من المفاهيم والمعلومات والقيم التي لا يستطيع التعليم الوجاهي والمباشر إيصالها بهذه البساطة.

وأضاف أبو كوش أن المجلس يدرس تطوير المبادرة بحيث تصل لعدد أكبر من الطلاب وذويهم، لتشمل قضايا جديدة متعلقة بالقضية الفلسطينية كالتغريبة والقصص التاريخية، إضافة لزرع القيم والأخلاق الحميدة بعيداً عن الوسائل المعتادة.

وأشار إلى أن المجلس عمل على التنسيق بين الحكواتي فؤاد الشيخ عيد وأهالي الطلبة لاستقباله، ضمن إجراءات الوقاية والسلامة التي تضمن الحفاظ على سلامة الطلاب، والالتزام بارتداء الكمامة والتباعد وتوفير أدوات التعقيم في ظل جائحة كورونا.

كاريكاتـــــير