شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 18 ابريل 2024م11:27 بتوقيت القدس

كورونا.. نكبة جديدة لنساء المخيمات

27 نوفمبر 2020 - 14:28

رام الله

"منذ وفاة أمي بسببها لا أطيق سماع كلمة كورونا"، بهذه الكلمات بدأت السيدة فداء سالم (50عامًا) من مخيم الجلزون للاجئين الفلسطينيين شمال مدينة رام الله حديثها لنوى، وهي التي فقدت والدتها إثر إصابتها بالفيروس الذي تفشّى في المخيم منذ تموز/يوليو 2020، دون ان تتمكن من طبع قبلة وداع على جبينها للمرأة الأخيرة.

لكن لعنة الفيروس كما وصفته فداء لم تصبها في فراق والدتها فقط؛ بل طالت حتى مشروع (المطبخ التشاركي) الخاص الذي عكفت عليه إلى جانب خمس نساء من المخيم لإعالة أسرهن، والذي كان يخصص جزءًا من عائده لدعم أنشطة خيرية، كتأمين الدواء لأكثر من عشرة مرضى بشكل دائم، ومساعدة الطلبة أو في ترميم منازل متهالكة في المخيم.

"مع انتشار الوباء في المخيم، بدأ الخوف ينتابنا ولكن دون حيلة، فالمنازل متلاصقة والازدحام كبير، ومع الإغلاق التام وتعطّل المدارس والعمال كان من الصعب أن تتسع البيوت سكانها"، تقول فداء.

فالسيدة كانت توفّر الرسوم الجامعية لأبنائها، وتعيل أسرتها إلى جانب زوجها الأسير المحرر الذي يعمل بنظام المياومة، وتراجع عمله خلال الجائحة، هذا الوضع شكّل عبئًا إضافيًا؛ فهي أصبحت مطالبة بتأمين قوت عائلتها والمحافظة على سلامة أبنائها وزوجها، تقول :"نحن النساء اللاجئات في المخيمات نعيش نكبة جديدة مع كل حدث".

يسكن مخيم الجلزون 16 ألف لاجئة ولاجىء على مساحة لا تزيد عن كيلو مترًا، يعيشون في بيوت ضيقة صغيرة متلاصقة قديمة البناء، وبنية تحتية ضعيفة جعلت إجراءات الحجر الذاتي التي اتخذتها لجنة خدمات المخيم مع المتطوعين من أبنائه غير مجدية للحد من انتشار الفايروس، حتى وصلت عدد الإصابات 244.

لكن أكثر ما يُشعر فداء بالقهر؛ عدم قدرتها الحفاظ على مشروعها الذي تعبت من أجله لسنوات، قائلة: "استطعنا بناء اسم وثقة بيننا وبين الناس ومع المحال التجارية في رام الله، لكن كورونا تدفعنا إلى إغلاق المشروع بالكامل".

ما يزيد العبء على الأهالي هو التقصير الواضح من قبل الحكومة الفلسطينية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين- المنوط بها مسؤولية متابعة وضع المخيمات منذ نكبة عام 1948 وإنشاء المخيمات للاجئين بعدها بعام -موضحة: "لا تدخّل يٌذكر لمساعدة سكان المخيم من الوباء، كل الجهود والإجراءات الوقائية التي قمنا بها كانت بجهود ذاتية".

وتحدثت سالم عن عدم الثقة بين سكان المخيم من جهة والجهات الرسمية من جهة أخرى، في التعاطي مع أزمة كورونا: "هناك حالات إصابة في المخيم لا يتم التبليغ عنها بسبب انعدام الثقة، وقناعة السكان أنه لا فرق بين كورونا والموت جوعا من قلة العمل".

ولا تختلف أوضاع باقي المخيمات في الضفة الغربية، وعددها 19 مخيمًا تعترف بها وكالة الغوث وستة أخرى غير معترف بها، عن واقع الحال في مخيم الجلزون من ناحية تأثير فيروس كورونا على سكانه وخاصة النساء منهن.

تقول لطيفة أبو حميد ( 72 عامًا) من مخيم الأمعري للاجئين القريب من مدينة رام الله، إن وضع المخيمات في ظل جائحة كورونا كارثي من ناحية صحية واقتصادية، فالإصابات متزايدة والاكتظاظ كبير وتلاصق المنازل يجعل التباعد الاجتماعي غير ممكن، و"خاصة في ظل الإهمال الكبير من الأونروا أو الحكومة الفلسطينية".

ورغم أن الإصابات المعلنة رسميًا في الأمعري هي (74)؛ إلا أن السيدة تصف الحال:" لا يوجد فحوصات في المخيم الذي يعيش فوضى كاملة، والإصابات منتشرة بشكل كبير، دون أي التزام بالإجراءات الوقائية".

لطيفة أبو حميد هي والدة لخمسة أسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، يقضون حكمًا بمدى الحياة وهي تتخوف من وصول الفيروس إليهم، خاصة بعد إصابة عشرات الأسرى في سجن جلبوع حيث يُحتجز أبناؤها.

في مخيم طولكرم للاجئين شمال الضفة الغربية حيث وصلت الإصابات إلى (196)، يبدو الوضع مختلفًا مع النشاط الكبير لعمل السيدات في لجنة الخدمات بالمخيم، وهو ما خفف من تأثير هذه الجائحة على النساء، رغم المطالبات بتدخلات رسمية من الحكومة أو الأونروا، كما تقول انشراح عنبر عضو لجنة خدمات المخيم.

يسكن مخيم طولكرم ومحيطه 24 ألف لاجئة ولاجىء، نصفهم من النساء اللواتي يشكّلن 20% من القوى العاملة فيه أيضًا، بينما تعمل 200 امرأة داخل الأراضي المحتلة عام 1948، إلى جانب العشرات اللواتي خسرن عملهن في قطاع الخدمات.

تقول عنبر إن معظم النساء تأثر عملهن بشكل مباشر خلال الجائحة، والأمر المستمر حتى الآن مع التخوف من زيادة انتشار الوباء.

وبحسب لجنة الخدمات في المخيم فإن عدد العائلات التي تحتاج لمساعدات ارتفعت خلال الجائحة من 600 عائلة إلى 1500، وقفزت معدلات الفقر بنسبة تزيد عن 10%، ومعظمها من العائلات التي ترأسها النساء.

وتبعًا للناشطة عنبر، فإن المساعدات العينية التي تصل المخيم غير كافية وبحاجة لمزيد منها وخاصة للعائلات القابعة في الحجر الصحي بعد إصابتها بالكامل.

هذا الحال جعلها ونساء المخيم يطلقن حملة تبرعات من النساء الموظفات في القطاع الحكومي، ورغم الأوضاع الصعبة علهن أيضا بسبب صرف رواتبهن جزئيا منذ شهور، للتبرع بمبلغ بسيط لمساعدة أكبر عدد من العائلات التي ترأسها النساء.

تقول عنبر:"أحيانًا نعجز عن توفير المساعدة لسيدة لا تجد مصروفًا في البيت لتشتري الحليب لطفلها الرضيع".

مخيم الجلزون

مخيم طولكرم

كاريكاتـــــير