شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م19:07 بتوقيت القدس

النجد،، مشاريع اقتصادية تناهض العنف

18 فبراير 2020 - 08:43

غزة:

لتوّها انتهت السيدة سماح الراعي من إطعام الأرانب التي تربيها في مزرعتها المنزلية الصغيرة تمهيدًا لنقلها إلى السوق وبيعها، بعد أن وضعت القفازات في يديها وتأكدت من أنها بصحة جيدة.

تتمتم السيدة الثلاثينية بينما تطمئن على صحة الأرانب إنها كائنات شديدة الحساسية تحتاج إلى تنظيف البيئة حولها بشكل دائم، أما سماح نفسها فتبدو أكثر ثقة وسعادة تضع ما تبقى من أعلاف، بانتظار رزق سوف يحمله صباح الغد.

سماح وهي من مدينة غزة، واحدة من مئات النساء الفلسطينيات في قطاع غزة واللواتي استفدن من مشاريع اقتصادية تنموية يقدمها ملتقى النجد التنموي، الذي يؤمن بأن التمكين الاقتصادي للنساء مدخل مهم لحمايتهن من العنف، فكيف يمكن مُطالبة أناس لا يجدون قوت يومهم بأن يكونوا أكثر حلمًا.

عندما تقدمت سماح إلى الجمعية قبل أكثر من عام حين كانت تعاني من الفقر المدقع في مجتمع ترتفع فيه نسبة الفقر إلى أكثر من 65%، ويعتمد نحو 82% من مواطنيه على المساعدات الغذائية بشكل رئيس، كانت لا تعلم شيئًا عن تربية الأرانب، ولأن ملتقى النجد يوفر التدريب وإنشاء المشروع والمتابعة، فهي امتلكت الشجاعة الكافية لخوض التجربة.

تقول سماح :" تقدمت للملتقى من أجل الاستفادة من مشروع تربية أرانب يحسّن من وضعي المادي، تدرّبت هنا على كيفية تربية الأرانب والعناية بها، وبعد شهور قليلة أصبح لديّ في بيتي مشروع خاص".

لم تعد سماح بحاجة إلى التفكير في كيفية تدبّر الرسوم الدراسية لأطفالها وطلباتهم التي لا تنتهي، ولم يعد يقلقها المستقبل، فقد باتت الآن صاحبة مهنة تبيع منتجاتها بنفسها في السوق، هذا منحها الثقة بالنفس والقوة والقدرة على أن تكون أكثر إقناعًا لأطفالها، فهم سيتعلمون تلقائيًا ضرورة الاعتماد على النفس وعدم انتظار مساعدات، تمامًا كما فعلت هي.

 والحقيقة، إن الناشطة النسوية رفقة الحملاوي التي تعمل كرئيس لمجلس إدارة ملتقى النجد التنموي بمدينة غزة، وعت مبكرًا لأهمية تحسين الواقع الاقتصادي للنساء من أجل الحدّ من تعرضهن للعنف، فابتعدت عن العمل الإغاثي واتجهت بكل نشاطها إلى التمكين الاقتصادي عبر إكساب النساء مهن مدرّة للدخل تكفيهن شر الحاجة.

تعمل الحملاوي كرئيس لمجلس إدارة ملتقى النجد التنموي بمدينة غزة، وهو وفقًا لرؤيتها والطاقم المؤسس يقدم التدريب المتخصص لمشاريع مدرّة للدخل يتبعها تنفيذ مشروع لكل امرأة تستمر المتابعة حتى تتمكن من إدارته بالكامل.

 تنظر الحملاوي بعين الفخر للنساء اللواتي تجاوزن النمطية وأصبحن يعتمدن على أنفسهن بالكامل، فعلاوة على مشاريع تربية الأرانب هناك أيضًا مشاريع الحديقة المنزلية، التي تشترط وجود 500 متر في محيط البيت يمكّن السيدة من ممارسة الزراعة الموسمية.

تقدم الجمعية التدريب من خلال المهندس الزراعي ومن ثم تتم المتابعة مع كل سيدة في مكان عملها، أي بيتها أو أرضها، كما يتم تقديم الأشتال والأسمدة والمبيدات اللازمة وتستمر المتابعة معها لثلاث سنوات حتى الاطمئنان على نجاح مشروعها، أما بالنسبة لمشاريع تربية الأرانب، فيتم متابعتها عبر الطبيب البيطري من خلال الملتقى حتى يبح للسيدة مكان واسم في السوق.

منذ عام 2007 حتى الآن دعم الملتقى نحو 5000 سيدة في مشاريع تنموية صغيرة، تكللت بالنجاح، خاصة من قناعة أكثر من 16 ممول بأهمية ما يتم تنفيذه، ولكن في السنوات الأخيرة لجأ الملتقى كما توضح الحملاوي إلى جعل المشاريع عائلية بالكامل، أي تشمل الزوجين معًا كي لا تترك أي أثر سلبي على النساء خاصة وأن هدفها الأساس تقديم خدمة للمرأة وليس فتح مجال جديد للعنف.

لكن الحملاوي رغم قناعتها بأهمية ما يتم تقديمه، تشكو من بعض المعوقات التي لا تسمح لعملهم بأن يتم على أكمل وجه، فنقص التمويل للمؤسسات في قطاع غزة يؤثر سلبًا على هذه المشاريع إضافة إلى المعوقات التي تضعها الحكومة الفلسطينية في كل من غزة ورام الله والتي تضيّق عمل الملتقى والمؤسسات الأهلية بوجه عام، وهي بالتالي تدفع ثمن الانقسام السياسي من خلال التعطيل.

تؤمن الحملاوي بأهمية المواصلة، وتؤكد إن هذه المؤسسات ما وُجدت إلا لتقدم خدمات، وهي بالتالي تشجع النساء على اقتحام هذا المجال، بل إنها زادت بإدراج مشاريع ترميم البيوت الزينكو وحديثًا الدعم النفسي عبر تطبيق الكتروني دون أن تضطر السيدة للالتقاء بالأخصائية.

كاريكاتـــــير