غزة-نوى-شيرين العكة:
يبذل المجتمع المدني ممثلاً بمؤسساته وبالشخصيات المعنية، جهودًا حثيثة من أجل الرقابة على آلية إعادة اعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على قطاع غزة 2014.
وبسبب تقاعس المجتمع الدولي وتواطؤ جزء منه، لتوفير الغطاء السياسي والقانوني للاحتلال الإسرائيلي لممارسة عدوانه تحت شعار "الدفاع عن النفس"، فإن الأخيرة تتمادى بالتدخل في آلية الاعمار، والتحكم بالكميات الواردة من مواد الاعمار، والأشخاص الذين يحق لهم البدء بتعمير بيوتهم، كل هذه وغيرها من ممارسات تعرقل عجلة الاعمار والجهود المبذولة في ذات السياق.
رغم المحبطات إلا أن الدور الرقابي والتوعوي لمؤسسات المجتمع المدني لا يتوقف، التحالف المدني للرقابة على إعادة الاعمار والمنتخب من قبل 101 مؤسسة مجتمع مدني من كافة القطاعات على مستوى غزة والضفة الغربية، يواصل دوره في خلق حالة من الوعي تجاه قضايا وحقوق سكان الأماكن المتضررة من العدوان الإسرائيلي.
عبد المنعم الطهراوي رئيس سكرتارية التحالف، قال "يحتاج الناس إلى التوعية بحقوقهم كي يطالبوا بها وفق القانون، وهذا ما يسعى اليه التحالف من خلال أنشطته ومبادراته المتنوعة"، موضحًا أنهم يعقدون مؤتمرات وجلسات استماع تجمع أصحاب القرار بالمتضررين، كما يتابع التحالف شكاوى النازحين مع رابطة النازحين لتبليغ الحكومة بها.
وأضاف "نحن الفلسطينيين ليس لدينا القدرة على التأثير للحصول على حق الاعمار، مما يستوجب ابراز موقف الحكومة تجاه التقصير الدولي في تحريك الاعمار"، لكن المحاولات لا تتوقف، فقد أفاد الطهراوي بأن التحالف يمتلك خطة استراتيجية تعزز الدور الرقابي على الاعمار، ليكون حقيقة وفعل.
اشراك المواطنين بالرقابة
"عندما بادرنا بتشكيل التحالف الفلسطيني للرقابة على الاعمار، قمنا بتدريب أعضاء التحالف على آلية الرقابة والمتابعة تحليل الموازنة وسياسات المانحين" قال ماهر عيسى مدير عام مركز دراسات المجتمع المدني، وعلل بدئهم بهذه التدريبات "كان هدفنا تهيئة الفريق باتجاه معرفة الانحرافات في بطء العملية، وقدرته على قياس مدى التزام المانحين تجاه وعودهم.
ويأخذ التحالف على عاتقه متابعة التزام الفريق الوطني بتقديم البيانات للجمهور، كما أصدروا تقارير تدقيق ترصد أداء السلطات المختصة، وأشار عيسى إلى أن نخبةً من المواطنين والجهات المختصة عملت على انجاز هذه التقارير، لإيمان التحالف بضرورة اشراك المواطنين في هذه الإجراءات.
باسم النازحين واستنادًا إلى حقوق الانسان تعمل رابطة النازحين منذ انتهاء العدوان 2014، التوعية بالحقوق والتعبئة بالمعلومات الضرورية المتعلقة بإعادة الاعمار، تحويل الشكاوى للجهات المعنية، وتحديد الأولويات والتدخلات التي يحتاجها الناس في أماكن النزوح، هذا ما تعمل عليه الرابطة وقد أوضحه منسق عام رابطة النازحين والمهجرين حسن الوالي.
وقال "أخرجنا في الرابطة النازحين من علاقة الفوضى مع الجهات المختصة بإعادة الاعمار، إلى جو أكثر تفهمًا، حيث خلقنا الحوار بالطرق السلمية"، وهو يرى أن الحوار والتواصل المباشر مع الطرفين يضمن عدالة توزيع الخدمات وشفافيتها، وقياس جدوتها على الأرض.
وتبث الرابطة دورها التوعوي للنازحين من خلال جلسات الاستماع واللقاءات الدورية، وورش العمل التي تُسلح النازحين وأبنائهم بالمعرفة والحقوق، أيضًا متابعة معاناة سكان الكرفانات والايجار على حد سواء، وتطوير نظام الشكاوى وتحويلها للجهات المعنية.
وأفاد الوالي بأن الرابط تسعى لاستكمال البناء الذاتي وتعزيز الشرعية لها ولحقوق النازحين، موضحًا قصده بالبناء "سنعمل على رفع قدرات النازحين وتعريفهم بحقوقهم، كما نسعى لتعزيز علاقتنا مع مؤسسات المجتمع المدني، وتقوية الحضور الإعلامي"، وبحسبه فإن الرابطة معنيّه بالإعلام لما له من تأثير على الجماهير والعالم الدولي، كالتشبيك مع الجهات الدولية وخلق الحوار حول معاناة الغزيين وضرورة التعجيل في انهاء الأزمة.
وكانت الرابط قد واجهت الرفض والعديد من الضغوط في بداية عملتها، لكنهم تابعوا مهاهم والتقائهم بالنازحين، ورفضوا الانضمام إلى أي إطار سياسي قد يتحكم بعملهم لاحقًا، حتى انتزعوا الاعتراف بهم وأصبحوا قوة تمثيلية مستقلة، تنحاز إلى النازحين فقط، وذلك بحسب الوالي.
الانحياز للمرأة
مركز شؤون المرأة أيضًا كان له دورًا في دفع عجلة إعادة الاعمار، وكمن سبقه تركزت الجهود باتجاه الدعم المعنوي والحقوقي، قالت آمال صيام مديرة المركز "حاولنا الكشف عن الانتهاكات التي تعرضت لها الأسر النازحة، وكان تركيزنا على المرأة وما تعرضت له خلال ظروف النزوح".
من خلال اللقاءات الحوارية والزيارات الميدانية والاجتماعات التي انطلقت من أماكن النزوح نفسها، كان المركز يناقش خصوصية المرأة وقت العدوان، كما ناقش حقها في إعادة الاعمار، وأثر تعطيله على العنف ضدها لإبراز معاناتها، كيفية تعزيز التمكين القانوني للمرأة في المناطق المهمشة، هذه القضايا وغيرها الكثير تمت مناقشتها في المبادرات التي مازالت تؤدي مهامها حتى الآن.
من جهة آخرى تم منح بعض الخريجات ممن دمرت منازلهم فرص عمل كدخل مؤقت لهن، ومساعدة أخريات في استكمال إجراءات تخرجهن التي تأخرت بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية لعوائلهن،
يشار إلى أن مركز شؤون المرأة شكّل ائتلاف "معها نعمرها" والمكون من مدراء ومحامين وصحفيين رجال أعمال، وكل ذو علاقة بالموضوع لتنفيذ مبادرات تتابع الرقابة على إعادة الاعمار
بخيبة أمل قالت صيام "النتيجة واضحة، أعتقد أننا لسنا قادرين على الضغط من أجل الإسراع في الاعمار، الدور الذي نقوم به يقابله معيقات رئيسية وضخمة، معيقات متمثلة بالسياسية الإسرائيلية والخلاف بين الحكومتين، وليس انتهاءً بالمعابر".
مخاطبة العالم
تعي جميع المؤسسات ضرورة اطلاع المجتمع الدولي على عملها لتحقيق الضغط المطلوب من أجل انهاء معاناة الاعمار في غزة، وهذا ما دأبت عليه شبكة المنظمات الأهلية، قال أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية "نهتم بالتواصل مع المجتمع الدولي من خلال حملات مناصرة نعبر من خلالها عن رفضنا لآلية الاعمار GRM، ونضغط باتجاه ارسال بقية الأموال المخصصة للإعمار".
من جوار البرج الإيطالي خرجت شبكة المنظمات الأهلية بمؤتمر يطالب بمشاركة أهالي قطاع غزة في عملية الاعمار، ويطالب الاحتلال بالتزام بإدخال مواد البناء اللازمة والتوقف عن عرقلة البنات، ملاحظة عن انو كل الفعاليات تخرج من رموز مدمرة لعلها طريقة اندع في إيصال الرسالة.
وأفاد الشوا بأنه جهود شبكة المنظمات الأهلية تنوعت بين اصدار الأوراق البحثية والسياسية، وعمل دليل حول الرقابة المجتمعية على الاعمار، وبين انتاج المواد المرئية المترجمة وأغنية راب تتحدث عن معاناة أصحاب البيوت المدمرة وما يوجهونه من مصاعب في النزوح، وبحسبه فإن المواد المرئية أحدثت فارقًا مهمًا في فهم المجتمع الدولي لمعاناة أصحاب البيوت المدمرة.
مؤسسة صوت المجتمع أيضًا كان لها انتاجًا تم بثه على نطاق دولي، عوني الحاج المدير التنفيذي قال " عملنا على ابراز معاناة سكان الكرفانات وعرضها على نطاق دولي من خلال فيديوهات قصيرة ومقالات مترجمة تتناول الأوضاع المعيشية للغزيين ومعاناتهم المستمرة رغم انتهاء العدوان".
وبين أن صوت المجتمع كان قد عقد عدة لقاءات جماهيرية وتثقيفية، وحلقات إذاعية تركز على الحقوق وضرورة التعجيل في إعادة الاعمار، كما عمدوا إلى حشد المزيد من النشطاء الذين يقع على عاتقهم تحريك القضية ولو على نطاق محلي.
عن جهودهم في دفع عجلة الاعمار علّق الحاج "المعيقات كبيرة ومحبطة، لكننا لن نتوقف عن مواصلة عملنا ودفع الناس إلى مواصلة الضغط باتجاه حقوقهم".
يشار إلى أن جميع ممثلو المؤسسات الذين التقت بهم مبادة الدعم الدولي؛ يرفضون استمرار العمل بآلية إعادة الاعمار GRM التي اتفقت عليها كل من الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، لسماحها للأخيرة بالإشراف والتحكم على مواد البناء التي تدخل قطاع غزة، وتحرم البعض من إعادة اعمار منازلهم.
http://www.aidwatch.ps/ar/news/ar/node/192