غزة_ خاص نوى:
مع بدء ساعات التهدئة "الإنسانية" المؤقتة بين المقاومة الفلسطينية بغزة وجيش الاحتلال صباح يوم الخميس، خرج الغزّيون لقضاء حوائجهم التي تعطلت خلال عشرة أيام من العدوان، فقوات الاحتلال كانت تستهدف المدنيين والسيارات والبيوت، وعدمت الحياة بألوانها داخل القطاع.
ورغم إقرار ساعات التهدئة الخمس والتي بدأت من العاشرة صباحًا وحتى الثالثة عصرًا، إلا أن حركة المواطنين كانت محدودة؛ وأثناء تنقل مراسلة "نوى" في مدينة غزة قابلت سيدة ثلاثينية تصطحب طفلتها إلى السوق.
وتدعى السيدة أم محمد ياسين، وقالت لـ "نوى" موضحةً سبب خروجها "خرجت لأشتري الطعام للمنزل، فقد كنت أكتفي وعائلتي بأقل الطعام وأيسره"، وأضافت "لا يوجد في البيت طعام ولدينا ضيوف، فأخت زوجي تركت منزلها المهدد بالقصف وجاءت لتحتمي بنا".
وأضافت "هذه ابنتي علا كانت مريضة ولم نستطيع الخروج بها إلى الدكتور فالوضع غير آمن، وسأحاول الآن أخذها للطبيب".
فيما جلس غازي حجي وهو بائع خضار، في محله الفارغ من الزبائن لينتظر قدومهم، وقال "الحركة خفيفة وما في فرق حتى بوجود تهدئة، وأنا خايف على الخضرة من الفساد، لكن اليوم رواتب موظفي السلطة وممكن يصير في بيع وشراء".
وعن الوضع الراهن واستمرار العدوان في ظل رفض المقاومة في غزة مبادرة التهدئة التي جاءت بها مصر كوسيط بين المقاومة وإسرائيل، أكد حجي لـ "نوى" أن ما جاء في التهدئة لا ينصف الغزيين ولا يساوي دمهم النازف، وأضاف "العيشة في غزة صعبة من 8 سنين ما بدنا تهدئة، وإحنا مع مطالب المقاومة".
وصرفت اليوم رواتب موظفي السلطة خلال ساعات التهدئة، بينما لم تصرف رواتب موظفي الحكومة السابقة في غزة، مما زاد الوضع الاقتصادي سوءً خاصة وأنهم يواجهون حربًا لا يعرفون متى ستنتهي.
كل سنتين بنموت
كذلك حال الخمسيني رفاعي ماضي صاحب محل أجهزة كهربائية، فتح محله هو الآخر على أمل وفود الزبائن عليه بعد استلامهم لرواتبهم، وقال لـ "نوى" "ما في بيع ولا شراء حتى أنني أنتظر الزبائن لكن ابني يقول لي ليس هنالك جدوى من انتظاري، فأجهزتي الكهربائية ليست من أولويات المواطنين في الحرب".
وأضاف ماضي "إسرائيل تريد أن تقتلنا بصواريخها، ومصر والعرب يريدون قتلنا بالحصار، نحن مع المقاومة حتى نحصل على مطالبنا، ولو سقط منا المزيد من الشهداء، بكفي كل سنتين حرب جديدة تعبنا !".
واستقلت مراسلة "نوى" سيارة أجرة كانت متجهة إلى ميدان بغزة "الساحة" حيث البنوك والأسواق وتواجد المواطنين بشكل أكبر، سائق السيارة حسين حسونة يعمل في سائقًا منذ 34 عامًا ولا مصدر رزق له غير هذه المهنة، لذا فإنه يعمل على سيارته طيلة أيام الحرب دون الحاجة لساعات تهدئة.
"الرب واحد والموت واحد، وكل الحروب الماضية أنا ما تركت الشغل على السيارة، عندي 16 نفر كيف أصرف عليهم؟"، هكذا علق حسونة على سبب خروجه للعمل وقت الحرب، وأفاد بأنه لولا مصادفة رواتب الموظفين اليوم لما شهدنا هذه الحركة والسيارات على أرصفة غزة.
وأضاف "الكل يتآمر علينا ومقابل دمنا بدهم هدنه مقابل ولا شي، إحنا مش عايشين ووضعنا صعب، لا شغل ولا علاج ولا فلوس وحرب كل سنتين، ومطالب المقاومة فرصة إلنا، وإحنا صامدين وبنقول للمقاومة ما تسلم".
مش خايف.. حزين
الطفلان خميس عاقل وأحمد طافش 14 عامًا كانا متوجهان إلى ميدان غزة حيث السوق، عاقل كان يدفع عربة الترمس ليلتحق بوالده الذي سبقه لتجهيز "بسطة" الترمس والفول، بينما طافش كان ذاهبًا إلى محل الأحذية الخاص بخالة و الذي يلتحق للعمل فيه خلال الإجازة الصيفية.
الطفلان أفصحا لـ "نوى" عن عدم خوفهما من قصف الطائرات، فـ الطفل عاقل يخرج بصحبة والده يوميًا إلى السوق لبيع الترمس فهي مصدر رزقهما الوحيد، بينما طافش وبسبب الحرب فالبيع في محل خاله محدود جدًا أو معدوم، لذلك لا جدوى من حضوره يوميًا.
وقال "أتمنى أن تنتهي الحرب، لأني في الإجازة بساعد خالي وما بحب أبقى بالبيت"، (..)
"وكل يوم بتخيل إني فقدت حدا من عائلتي، أنا حزين على الشهداء جيراننا وأقاربنا و الشهداء إلي بنشرة الأخبار، ومتوقع إني ممكن أستشهد وأنا رايح لخالي، بس شو يعني؟ مش خايف.. بس حزين".
وأكد الطفلان على أنهما يطلعان على الأخبار ويفهمان ما يدور، كذلك هما يتمسكان بمطالب المقاومة، فـ الطفل عاقل كل ما يحفظه من شروط المقاومة للتهدئة هو رفع الحصار وانتعاش البلد اقتصاديًا، أما طافش فهو الأخر يريد أن يعمل في التجارة وسط ظروف جيدة، لكنه أضاف "خلينا نصبر شو يعني، كل سنتين في حرب واليهود بقتلونا، بدنا نصبر وننتصر".